بقلم: ألبير ثابت
كثر الحديث فى الآونة الأخيرة عن وجود فكرة لدي الدولة بإلغاء خانة الديانة نهائياً من بطاقات الهوية الشخصية لجميع المصريين سواء مسلمين أو مسيحيين أو يهوداً ، فقد أشار الدكتور / علي الدين هلال أمين لجنة الإعلام بالحزب الوطني الحاكم في حديثه أثناء ندوة (مستقبل المواطنة في مصر) التي نظمتها جمعية "محبي مصر السلام " بقوله : عن ارتياح الحزب الوطنى بعد صدور حكم الإدارية العليا بأحقية البهائيين في عدم كتابة أي شيء أمام خانة الديانة في بطاقاتهم الشخصية وتركها خالية ، وأن هناك بعض الآراء المتعصبة والرافضة لمثل هذا التوجه الجديد في الحزب الوطني، لكننا سنستمر على هذا النهج لتفعيل مبدأ المواطنة وإرساء ثقافة المساواة بين جميع شرائح المجتمع المصري .
كما يؤيد العديد من المثقفين والكتاب فكرة إلغاء خانة الديانة من بطاقاتهم الشخصية لما لها من مردود سلبي علي الأقليات الدينية ، ففى شهر مايو 2007 م أصدر 120 مثقفاً ومفكراً مصرياً بيانا يطالبون فيه بإلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية ، خصوصاً مع تعاظم ثقافة التعصب الدينى للكثيرين ، حيث يرى البعض منهم أن جميع الأمور سوف تستقيم إذا ما ألغيت خانة الديانة من البطاقة ، لأن تعامل الناس بعضهم مع بعض على أساس دينى سيؤدى حتماً فى النهاية لانهيار الهيكل التنظيمى للدولة ويصبح هياكل دينية مستقلة لا تعمل للصالح العام للدولة ، وعلى الدولة أن تكتفي بتسجيل الديانة فى شهادات الميلاد .
وفى السياق نفسه ، يقول البعض بأن ذكر خانة الديانة فى الهوية ليس لها معني ، فالديانة هي علاقة الإنسان بالله فهي لا تعنى أى شئ بالنسبة للدولة ، ولكنها تمثل حرية الفرد نفسه والدولة قائمة على الأفراد والمؤسسات وليس من العدل أن نتعامل بعضنا مع بعض على أساس دينى فمن الممكن أن يكتب ديانة ما فى الهوية والشخص يعتنق ديانـة أخرى .
وعلى الجانب الآخر أيد قادة الكنائس في مصر( الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية ) رفض وزارة الداخلية مقترح المجلس القومي لحقوق الإنسان الخاص بإلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية ( حسب ما ورد فى جريدة المصرى اليوم بتاريخ 12/9/2007 ) لأنها ستتسبب في حدوث مشاكل عديدة في قضايا الميراث والزواج ، مؤكدين أن التطبيق الصحيح لمفهوم المواطنة أهم من هذا الإجراء ... بل يؤيدها في الرأي بعض القيادات والرموز الوطنية بصورة قاطعة لأن الدعوة لالغاء خانة الديانة من البطاقة لا تقوم على سند قوى وإنما تحركها مشاعر وأحاسيس تخطى الهدف ، فالأجدى التفكير فى أساليب واقعية تبعث روح التعايش السلمى بدلاً من اتخاذ إجراءات تعقد الأمور ... كما هناك أعداد كبيرة من المصريين يعتبرون بأن الديانة جزء من الهوية ومكون ثقافى ولايجوز الانسلاخ عنه بحال من الأحوال .
كما هناك أصوات كثيرة من الشخصيات الحقوقية تطالب بجعل إثبات الديانة ( إختيارياً ) ومنهم الأستاذ/ ممدوح نخلة مدير مركز الكلمة لحقوق الإنسان الذى أقام دعوى قضائية في مجلس الدولة المصري ضد السيد / وزير الداخلية لجعل إثبات الديانـة ( إختياريا ) في البطاقة الشخصية... كما نوه بأن الشارع المصري قد لا يتقبل إلغاء خانة الديانة من البطاقة مرة واحدة . لذا فإن جعل إثبات الديانة في البطاقة اختياريا ستستفيد منه كافة الفئات المتضررة ... وأستطرد قائلاً بأن خانة الديانة ليست شيئا جوهريا بدليل أن الدولة المصرية قد ألغتها من جوازات السفر، كما أن هناك العديد من الدول ألغتها أيضا من الأوراق الرسمية من بينها دولا عربية مثل لبنان ... ويعتبرون أصحاب هذا الفكر بأن جعل البطاقة إختيارية سوف تظهر الدولة بمظهر حضارى يقدر حقوق الإنسان ، كما ستكون له تبعاته على فض الاشتباك القائم بين السياسة والدين .
ويأمل الكثيرين من المستنيرين وغيرهم بإلغاء خانه الديانه من الفكر أثناء تعامل الإنسان اليومى مع جميع البشر، وأن يتعامل الفرد طبقاً لديانته إلا فى حالتين فقط هما فى الزواج والوفاة ... ويجب ألا يعطى ذكرها أى ميزة لصاحبها.. فكلنا أولاً وأخيراً مواطنون فى دولة واحدة نتذوق حلوها ونتجرع مرها ... منوهاً بأن قضايا الأقباط عديدة ومتراكمة ولا تحتاج إلي مسكنات وقتية أو إجراءات رمزية من جانب الدولة ، بل تحتاج إلي خطوات حقيقية لمعالجة الجذور وليس القشور. . |