بقلم: جرجس بشرى صادق
في ظل الجرائم اللا إنسانية المُتكررة والمُمنهَجة التي يتعرض لها المسيحيين المصريين في وطنهم الأصلي مصر، بات الحديث عن وجود لجنة مُتخصصة لتوثيق جرائم العدوان الطائفي وجرائم ضد الإنسانية التي تُرتكب في حق المسيحيين المصريين مطلباً حيوياً وجوهرياً ومؤثراً في شرعية ومصداقية القضية المسيحية المصرية.
ويجب أن ينحصر دور هذه اللجنة الحقوقية المُتخصصة في توثيق جرائم العدوان الطائفي على المسيحيين المصريين بالشكل والطريقة التي تقبلها المحاكم الدولية، كالمحكمة الجنائية الدولية أو المنظمات الدولية الشرعية المعنية بمجال حقوق الإنسان، فهذه المحاكم لا تعترف بما يُثار فقط في وسائل الإعلام ولا تتأثر بما يتباكى به البعض من جراء الظلم والإضطهاد الواقع عليهم، ولا تتفاعل –أبداً- مع أي قضايا بشكل فاعل ومؤثر إلا في حالة وجود جرائم فعلية وموَثَقة بالطريقة القانونية والشرعية التي تقبلها هذه المحكمة أو تلك المنظمات الشرعية.
فتلك المؤسسات الشرعية سواء كانت المحكمة الجنائية الدولية أو المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المُتحدة، تعتبر أن ما يُقال عن وجود إضطهاد أو جرائم بمثابة إدعاءات إلى أن يتم توثيق هذه الإدعاءات بالطريقة القانونية لتصبح في النهاية مقبولة منها ومعترفاً بها كجرائم تدعوها إلى إتخاذ موقف حيالها.
إنني أدعو كل غيور على القضية القبطية وخاصة القيادات المسيحية القبطية بالمهجر أن تتبنى وتدعم فكرة تأسيس لجنة حقوقية مُتخصصة لتوثيق جرائم العنف الطائفي والعدوان والجرائم ضد الإنسانية التي إرتكبتها الحكومات المصرية المتعاقبة وكذلك الجماعات والتي سهلت لها هذه الحكومات إرتكاب مثل هذه الجرائم دون ردع منها أو مُحاسبة، كل ذلك بهدف إعداد ملف كامل وموّثق بالشكل الذي ترتَضيه المحكمة الجنائية الدولية أو المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع لمُنظمة الأمُم المُتحدة، لتقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمُلاحقة المسئولين الحكوميين المتورطين في جرائم العدوان الطائفي على الأقلية المسيحية المصرية، مُلاحقة الجماعات التي دعمتها الحكومة في هذه الجرائم وتركتها دون مُحاسبة أو مؤاخذة، بل قامت بترقية وإبقاء بعض هؤلاء المسئولين في مناصبهم، وهو ما يُعد تشجيعاً لهم على الإستمرار في ممارساتهم الإضطهادية ضد المسيحيين المصريين لدوافع دينية.
فالملف المسيحي المصري منذ السبعينات من القرن الماضي مليء بجرائم ضد الإنسانية وقعت ضد الأقلية المسيحية المصرية، وهناك أحداث لو تم توثيقها بالشكل القانوني الذي تقبله المنظمات الشرعية الدوليه ستكون كفيلة بإصدار مُذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المجرمين والمسئولين الحكوميين المتورطين معهم لتأخذ العدالة مجراها.
فمُلاحقة المجرمين المُعتدين على المسيحيين المصريين باتت قريبة، وستكون أقرب متى قامت المنظمات القبطية الحقوقية في المهجر وفي الداخل بإتخاذ هذه الخطوة المهمة والخطيرة، وتشكيل فريق متخصص بتم تدريبه على توثيق الجرائم بالشكل القانوني الذي يجعلها مقبولة أمام المحكمة والمنظمات الحقوقية الشرعية..
فالعدل وإن تأخر إلا أنه في النهاية حتماً سيأتي ويصنع أحكاماً عادلة بالمجرمين الذين باعوا ضمائرهم للشياطين. |