الدستور لا يمنع والإخوان يرفضون والأقباط يعتبرونه مضيعة للوقت
إحتدم الجدل على الساحة المصرية حول ترشح أقباط لمنصب الرئاسة المصرية، وفي الوقت الذي رحب فيه رجال دين مسلمون ومسيحيون بترشيح أي قبطي للرئاسة باعتبار أنّ هذا يعتبر من حقه بموجب الدستور المصري إلا أنهم أكدوا في الوقت نفسه عدم جواز تولي قبطي للرئاسة في بلد اسلامي. وقد وصف القمص صليب متى ساويرس كاهن كنيسة مار جرجس الجيوشى وعضو المجلس الملى، أن "ترشيح قبطي للرئاسة يعد مضيعة للوقت "، بينما أكد الدكتور صفوت حجازي الداعية الاسلامي بأنه من الناحية الشرعية لا يجوز " وتمسك الاخوان برفضهم لتولي الأقباط والمرأة لهذا المنصب، وأكدت حركة كفاية أنها لن تدعم أحدًا ضد أحد، لأنها قرّرت مقاطعة الانتخابات القادمة.
وكان المحامى القبطي ممدوح رمزي الذي يشغل نائب رئيس الحزب "الدستوري الاجتماعي الحرّ" ورئيس المنظمة المصرية لمناهضة التمييز، قد أعلن فى خطوة غير مسبوقة ترشحه في الانتخابات الرئاسية القادمة المزمع عقدها في عام 2011، مؤكدًا أن الشروط تنطبق عليه بصفته عضوًا بالهيئة العليا للحزب الدستورى الحر، وهو ما اعتبره رئيس الحزب ممدوج قناوى "فرقعة اعلامية وراءها طموحات شخصية "مشيرًا الى ان حزبه لم يتخذ قرارًا بعد بشأن المشاركة في الانتخابات القادمة التي يصفها بأنها "ديكور شكلي ".
وتبع رمزي قبطي اخر يدعى عادل فخرى دانيال رئيس حزب الاستقامة تحت التأسيس، وأكد دانيال، أن ترشحه للرئاسة "ينبع من إحساسه بالمعاناة اليومية التي بات المواطن المصري غارقًا فيها. وأوضح أنّ برنامجه يعتمد على محورين أساسيين، هما القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم، وبذل كل الجهود لتحقيق العدالة الاجتماعية"، لكن دانيال تراجع بعد ساعات وقال انه سيترشح على منصب نائب الرئيس بدلا من الرئيس بدعوى ان الشروط لا تنطبق عليه .
الدستور : يجوز للأقباط الترشح للرئاسة
وتشترط المادة 76 في الدستور المصري التي تم تعديلها مرتين الأولى عام 2005 والثانية عام 2007 شروط معينة "ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشيح 250 عضوًا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات، على ألا يقل عدد المؤيدين عن خمسة وستين من أعضاء مجلس الشعب وخمسة وعشرين من أعضاء مجلس الشورى، وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبي محلي للمحافظة من أربعة عشر محافظة على الأقل.
ويزداد عدد المؤيدين للترشيح من أعضاء كل من مجلسي الشعب والشورى، ومن أعضاء المجالس الشعبية المحلية للمحافظات بما يعادل نسبة ما يطرأ من زيادة على عدد أعضاء أي من هذه المجالس. وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يكون التأييد لأكثر من مرشح، وينظم القانون الإجراءات الخاصة بذلك كله.
بينما الأحزاب السياسية التي مضى على تأسيسها خمسة أعوام متصلة على الأقل قبل إعلان فتح باب الترشيح، واستمرت طوال هذه المدة في ممارسة نشاطها مع حصول أعضائها في آخر انتخابات على نسبة 5% على الأقل من مقاعد المنتخبين في كل من مجلسي الشعب والشورى أن ترشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئتها العليا وفقًا لنظامها الأساسي متى مضى على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل.
ويستثنى من حكم الفقرة السابقة، يجوز لكل حزب سياسي أن يرشح في أول انتخابات رئاسية تجرى بعد العمل بأحكام هذه المادة أحد أعضاء هيئته العليا المشكلة قبل العاشر من مايو 2005 وفقًا لنظامه الأساسي.
ساويرس : ترشيح قبطي مضيعة للوقت
وأضاف القمص صليب متى ساويرس فى حديثه الخاص "لإيلاف " ان الكنيسة لا تمنع أي أحد من الترشح لأي منصب ومن حق اي قبطي ان يشارك في اي عمل سياسي مهما كان نوعه، "لكن ان تكون مشاركة ايجابية في المجتمع السياسي الذي نعيش فيه". وأضاف صليب متى ساويرس ان الدين المسيحي لا يتدخل في السياسة عملاً بمبدأ السيد المسيح " أعطى مال قيصر لقيصر ". واعتبر ساويرس ان ترشح القبطي على منصب الرئيس يبدو" مضيعة للوقت "، قائلاً: "من المنطقي ان يكون رئيس الدولة من دين الأغلبية لأنه بخلاف ذلك مضيعة للوقت" .
وسبق ان أعرب البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فى حوار سابق له على احد القنوات الفضائية رفضه لترشيح قبطي لرئاسة الجمهورية "الغالبية العددية ليست قبطية إذ لا يصح أن يأتي قبطي من الأقلية العددية يرأس الغالبية". وتابع البابا قائلا "إذا كان القبطي لا يستطيع أن يكون عضوًا فى نقابة المحامين سيكون رئيسًا للجمهورية كلها.. كلام غير منطقي وغير عملي... أو قبطي غير قادر على أن يبقى عضوا بالانتخاب في مجلس الشعب من 444 عضوًا والآن أصبحوا أكثر من 500 عضو في مجلس الشعب سيكون رئيسًا للجمهورية".
وقد ادلى البابا فى احد المناسبات بتصريح اعتبره محللون تأييدًا ضمنيًا لجمال مبارك، حيث قال لصحيفة الدستور المصرية "يبدو أن جمال مبارك فعلاً ليس له منافس في الترشيح لرئاسة الجمهورية ونطلب من الله أن يطيل حياة الرئيس مبارك"، وقد تعرض الباب لانتقادات بسبب هذا التصريح من قبل ناشطين ومفكرين مصريين.
ولم يحدد الحزب الوطني الحاكم مرشحه بعد للانتخابات القادمة وان كانت المؤشرات بحسب خبراء تشير الى ترشيح الحزب لجمال مبارك الأمين العام للجنة السياسات بالحزب واحد ابرز قياداته، وعزز دخول جمال المصرفي السابق وصعوده المفاجئ فى الحزب من تكهنات التوريث فى بلد يسكنه حوالى 80 مليون مواطن، بينما لم يحدد الرئيس مبارك بعد مشاركته فى الانتخابات لولاية سادسه من عدمه، حيث لا يفرض الدستور المصري قيودا على الرئيس فى الترشح لدورات جديدة او اعتزاله العمل السياسى حتى مماته بموجب المادة 77 :" مدة الرئاسة ست سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء، ويجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخرى".
حجازى : لا يجوز بحكم الشرع
ومن وجهة النظر الإسلامية قال الدكتور صفوت حجازي "لإيلاف " اذا كانت مسالة ترشيح غير مسلم لرئاسة الدولة تجوز في القانون المدنى، يمكنه ان يترشح و"يسقط "، لكن بالنسبة إلى القانون الشرعي لا يجوز ان يتولى غير مسلم امر مسلمين فى دولة مسلمة ذات اغلبية مسلمة وذات سيادة اسلامية ".
ويقول الدستور المصري فى المادة 2 "ان الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئسى للتشريع ". لكن لا يشترط في المنتخب لرئيس الجمهورية ان يكون مسلمًا او قبطيًا، بنص المادة 75 " يشترط فيمن ينتخب رئيسًا للجمهورية ان يكون مصريًا من ابوين مصريين وأن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية والا تقل سنه عن أربعين سنه ميلادية ".
واضاف الدكتور حجازى انه ليس من الضروري ان يقول الدستور لا بد ان يكون الرئيس مسلمًا لتولي، متسائلاً: هل يمكن ان يكون رئيس بريطانيا او الولايات المتحدة مسلمًا ؟، هذا مستحيل على الرغم من ان الدستور الاميركي او البريطاني لم يصرح نصًا بذلك، الا انه لا بد ان يكون الرئيس فيهما كاثوليكيًا. وهذه هي روح الدستور .
واعترض الدكتور حجازي على كلمة قبطي بالنسبة للمسيحي فقط قائلاً ان كلمة قبطي لا يقصد بها النصارى او اتباع الدين المسيحي بل المصريين كلهم مشيرًا الى ان النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال استوصوا بقبط مصر كان يعني اهل مصر، سواء يهود او نصارى أو مسلمين. وأضاف أنه من حق الأقليات ان يكون لهم ممثلون لدى ولي أمر الدولة المسلمة او ان يتولى منهم مناصب مثل الوزراء لان الوزير موظف، ما عدا رئاسة الدولة او نائب رئيس الدولة .
الإخوان متمسكون بالرفض
وتقف جماعة الاخوان المسلمين، اقوى قوى المعارضة في مصر حيث تحتل حوالى 88 مقعدًا فى مجلس الشعب، موقف المعارض لترشيح المرأة والاقباط للرئاسة، وعلى الرغم من ان هذا الموقف عرض لجماعة لانتقادات شديدة عندما اعلنته فى برنامجها، الا انها عند هذا الموقف حتى الان . فمن جانبه، أكد د.محمود عزت أمين عام جماعة الإخوان المسلمين أن رأيهم في ترشيح الأقباط لرئاسة الجمهورية ما زال كما جاء في برنامجهم المعلن من قبل. وأوضح الدكتور محمد حبيب نائب أول المرشد أن الجماعة تؤكد تمسكها بعدم أحقية المرأة والأقباط في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وذكر أن هناك مساحة كبيرة للأقباط لكي يتولوا مناصب في الدولة حتى منصب رئيس الوزراء، لكن فقط نستثني منصب رئيس الجمهورية، مضيفًا "هذا هو اختيارنا الفقهي ولا يلزم غيرنا، بمعنى أننا إذا أردنا أن نتقدم بمرشح لرئاسة الجمهورية من خلال جماعتنا فلن يكون إلا مسلمًا وذكرًا، لكننا في الوقت ذاته نقبل بالتعددية"..
قنديل : كفاية تقاطع
وحول رأي حركة كفاية " الحركة المصرية من اجل التغيير " من ترشيح قبطي الى الرئاسة قال منسق الحركة عبد الحليم قنديل "لإيلاف " ان موقف الحركة واضح وثابت ويتلخص فى ثلاثة نقاط 1- المقاطعة 2- البديل 3- العصيان، مشيرًا الى ان الحركة ترفض المشاركة او تأييد او دعم اي مرشح في اي انتخابات قادمة، ويرجع قنديل ذلك إلى أن لديهم قناعة بأنه سيتم تزويرها لصالح الحزب الوطني، وأضاف ان المشاركة تنطوى على غش وخداع وتزييف، وقال ان الحركة تعمل حاليًا على توسيع نشاطها ووضع خطط للعمل خلال فترة الانتخابات القادمة، والتى ستتضمن طرح أسماء بديلة لتخوض انتخابات رئاسة الجمهورية "رئيس مواز" . |