بقلم: نبيل المقدس
وردت ذِكرأريحا في العهد القديم في موضعها تل السلطان، الذي يقع على بعد مسافة ميل من مدينة أريحا الحديثة التي تُدعى الآن "الريحا" ... أما تلول أبو العليق التي تقع على مسافة ميل غربي أريحا الحديثة هي بقايا الحي الراقي و الغني من أريحا في عصر العهد الجديد.
ووفقاً لأمر الرب ليشوع 2 : 1 - 24 .. سار المحاربون من إسرائيل صحبة سبعة من الكهنة حاملين أبواقاً وتابوت العهد، وقد طاف هؤلاء بالمدينة مرة في اليوم لمدة ستة أيام. وفي اليوم السابع طافوا حولها سبع مرات وضربوا بالأبواق وهتفوا هتافاً عالياً فسقطت أسوار المدينة . حتي أنهم ظنوا أن زلزالاً قد حدث أوقع بهذا السور الضخم . هكذا تكون المادة الثانية من الدستور هي بمثابة هذا السور الضخم , لكن مع وجود إختلاف جوهري أن الإسرائليين كانوا خارج السور , أما المادة الثانية فنحن المسيحيين بجميع طوائفنا , وبجميع مستواياتنا المعيشية أغنياء وفقراء , وبجميع ثقافاتنا المختلفة , وبجميع توجهاتنا الفكرية المختلفة , وبجميع مستوياتنا العلمية المختلفة , حتي إخوتنا الذين هم الآن خارج مصر ... كل هذا محصورين داخل هذا البند الثاني والذي هو يشكل لنا سور أريحا .... إذاً علينا نحن مَن بالداخل ومَن بالخارج العمل الجاد والمستمر في سقوط هذا البند من دستورنا , والذي لا يتلائم مع طموحاتنا الروحية , و لا يكفي طموحاتنا الأرضية حتي نستطيع علي الأقل نتمتع ببشارة الرب في حياتنا , والمملوءة محبة لغيرنا ... بذلك تتغيّر معالم الحياة في مصر الحبيبة , والتي باركها الرب في كلمته الراسخة (مبارك شعبي مصر). فعلا فهذا وعده من سنين ... خيره أكيد لأنه إله صادق آمين. ييجي بغناه و يملأ بيوت المحرومين ... و يفيض النيل و يروى جموع العطشانين و صوت الحزن يسكت و نرنم فرحانين. ....... (من إحدي الترنيمات الجميلة .)
طبعا انا لا أطلب من إخوتي أن نفعل مثلما فعل يشوع بما أمره الرب ... وذلك لأن الله كان يتعامل مع الشعب القديم من خارج قلوبهم ... أما نحن أبناء عصر النعمة فالرب يتعامل معنا من الداخل ... لأنه إنشق حجاب الهيكل ( جسد الله المتجسد في يسوع المسيح ) وهو علي الصليب , فأصبح فينا ونحن فيه روحياً. لا أعني أن نسير مع سبعة من الكهنة حاملين أبواقا وتابوت العهد داخل سور البند الثاني من الدستور لمدة ستة أيام , وفي اليوم السابع نسير أو نطوف سبع مرات ثم نضرب بالأبواق ونهتف هتافا عالياً فيسقط البند الثاني. ... البند الثاني من الدستور لا يمكن زحزحته إلاّ بالصلاة أولاً ... علينا كجماعة المؤمنين أن نقيم الصلوات في كل حين وفي كل مكان نتواجد فيه. لا يكفي تخصيص يوماً للصلاة لهذا الموضوع ... يجب أن تصبح الصلوات من أجل هذا الموضوع صلاة دائمة ... في كل إجتماع وفي كل قداس ... حتي الصلوات الفردية في منازلنا أو حول مذبح الأسرة والذي كاد يفقده أغلب شعب الكنيسة.
لكن كيف تكون هناك صلوات وشعب الكنيسة متفكك إلي طوائف حتي أنهم ألصقوا كلمة القبطي فقط علي الطائفة ألأغلبية , وكأن باقي الطوائف ليست قبطية ... نغمة جديدة تظهر الآن علي صفحات المواقع بهذا المعني ... جميع الطوائف هي شعب واحد ... الكُل يُؤمن بإلله الآب الضابط الكل , خالق السماء والأرض , وبربنا يسوع المسيح إبنه الوحيد الذي حُبل به بالروح القدس ووُلد من مريم العذراء , وتألم علي عهد بيلاطس البنطي وصُلب ومات وقُبر وقام أيضا في اليوم الثالث من الأموات وصعد إلي السماء , وهو جالس عن يمين الله الآب الضابط الكُل , وسيأتي من هناك ليدين الأحياء والأموات وأومن بالروح القدس والكنيسة المقدسة الجامعة وبشركة القديسين وبمغفرة الخطايا , وبقيامة الأموات وبالحياة الأبدية. هذه الكلمات يرددها شعب الكنيسة بجميع طوائفه ... فلماذا التصنيف ... لذلك مهما صَليّنا ومهما نَظمنا أعمالاً إيجابية لحل مشكلتنا مع البند الثاني فسوف يكون الفشل هو الحليف الدائم ... إذاً علينا بالوحدة الطائفية أولاً وهذا أمر إلهي ففي يوحنا 17 : 21 - 23 [ ليكون الجميع واحداً, كما أنك أنت أيها الآب فيّ وأنا فيك , ليكونوا هم أيضا واحداً فينا , ليؤمن العالم أنك أرسلتني. وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني, ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد. أنا فيهم وأنت فيّ, ليكونوا مُكملين إلي واحد, وليعلم العالم أنك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني.] هذه الآيات التي صلاها الرب يسوع هي ما إلا تعبير عن الوحدة والإتحاد بالله ... ولا ننسي ان مِن إلتزامات هذه الوحدة هي المحبة , فالإلتزام بالمحبة حَتمي , لا مفر مِنهُ في اللاهوت المسيحي ففي يوحنا الأولي 4 : 7- 8 [ أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضا, لأن المحبة هي من الله, وكل من يحب فقد وُلد من الله ويعرف الله, ومن لا يحب , لم يعرف الله, لأن الله محبة.]
لو وصلنا إلي حالة الوحدة والمحبة فسوف تصبح صلواتنا مُستجابة ... نحن لا نطلب من الرب أن يصنع زلزالاً لكي يهدم به البند الثاني من الدستور ... بل نطلب منه إرشادنا في كيفية التعامل مع هذه المشكلة ... وهناك الأعمال الكثيرة والتي بها يمكننا بإرشادِه أن نتخذها ... علينا أن نُعيد هويتنا المسيحية .... المطالبة المستمرة بحقوقنا .... الإلتجاء إلي مراكز الحقوق المدنية المحلية والدولية .... إندماجنا في الحياة السياسية والنيابية , لا نترك النقابات المهنية لكي تكون مرتعاً او أرضاً خصبة للمحظورين. بالإضافة إلي كل هذا , التسلح بالبطاقة الإنتخابية ... كما أشجع وأطلب عند كل مشكلة تظهر لنا , يتم إتفاق عام بين الكنائس بجميع طوائفها ,خروج ممثلين من شبابها ممسكين بيافطات مكتوب عليها المشكلة أو الطلب ويقفون أمام كنائسهم , ولا يبتعدوا عنها , لمدة ساعة بعد الإنتهاء من الإجتماع أو القداس .... ثقوا تماما أن هذا الإجراء سوف يترك أثراً عميقاً , وبتكرارها سوف تنتبه السلطة أو الحكومة , وتلتفت إلي مطالبنا ... وإن لم تحقق مطلبنا , فهذا الإجراء بمثابة حجر يُرمي لتحريك الماء الساكن . علينا من الآن أن نمارس الغضب المشروع لدينا ... لكن وفي نفس الوقت لا ننسي تعاليم الرب لنا ... كل هذه الأعمال يجب أن نقوم بها بسلام وبمحبة ... !!!!
وما أضحكني كثيراً ... كنت في إحدي الجلسات مع أصدقاء عمل من المسلمين , وكنا وقتها في سنة تعديل الدستور وإدخال البند الثاني بتعريفِهِ الجديد ... وقد علق إحدي الأصدقاء , وقال لنا : صدقوني لو طبقوا البند الثاني المُعدل هذا حرفياً سوف تقوم ثورة عارمة من المسلمين أنفسهم بحذفِهِ ... لأننا شعب طيب , يكره في الأساس العنف , ويحب الضحك , ويقدر الفن والجمال , فكيف نمارس كل هذه الصفات في ظل دستور يسعي إلي قطع الأيادي والأرجل واللسان , وغلق القهاوي والفن والسينما والمسارح والملاعب وأبو تريكة والخطيب , وبدلا من أن نشاهد مباريات كرة القدم سوف نشاهد منافسات ركوب الخيل, والمبارزة, ونشجع خالد بن أبو تريكة وعمرو بن الخطيب . كما إننا لا نقبل أن نُهان ونُعاقب بالجلد أمام الجمهور ... أهون علينا أن ننتحر من أن نُجلد أمام ذوينا. هذا إزدراء بالبشرية ... ولا يهون عليّ إبنتي مهما فعلت أن تُرجم في شوال حتي الموت أمام الجمهور, أنا هنا لا أشجع فعل الخطيئة بل لا أشجع طريقة العقاب ..فأنتم تقولون : [من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر؟!]ويكمل هذا الشخص كلامه ويقول : أنا أتحدي أنه سوف لا تجد أي فرد من المصريين (تيجي له النِفس) ويلقي بحجر علي إبنة أخيه أو صديق له أو حتي غريبة عنه. هذا هو طبيعة المصري ... ويكمل كلامه , صدقني ( لو تواجد هذا البند , مافيش إلاّ المسلمين أنفسهم هم الذين يسعون بحذفه.) .
فعلا تمعنتُ الآن في كلمات هذا الأخ في الوطن , وجدتُ أن كلامَه صحيح , فقد هاج المصرييون علي أحكام الجلد التي فرضتها المحكمة السعودية علي أبناء لنا يعملون كأطباء لديهم , وهاجت مراكز الحقوق المصرية , كما تدخلت الوزارة الخارجية في شخص سفيرها لوقف هذا الحُكم , كذلك جميع وسائل الإعلام إستنكرت عملية الجلد نفسها كعقاب لمصري ... ولا ننسي أن جميع المصريين بجميع طوائفهم إستنكروا حُكم الجلد علي صُحفية سودانية لمجرد أنها إرتديت البنطلون ووقفوا بجانبها لإلغاء هذا الحكم ... فالمصري لا يقبل الجلد , لكن يقبل أي عقاب آخر لو كان فعلا مذنباً.
مايزال لدينا مشاكل كثيرة لا أستطيع حصرها , وقد كتب فيها الكثيرين من الكُتاب والمُعلقين , لذلك علينا أن لا نتوقف علي الإصرار ونرفع يافطات (لافتات) الغضب علي أسوار كنائسنا.
أخيرا أقول ملعون من يتكيء علي ذراع بشر ... فالرب حامينا وإن سرنا في ظل وادي الموت لا نخاف شراً .... سيأتي اليوم ونطلق أبواقنــــــــــا فينهدم هذا السور ليس فقط لصالحنــــــــا بل لصالح مصـــــــــر وشعبها من جميع عناصرها.! |