بقلم: مدحت قلادة
الآخر قصة فرنسية تحكي عن شاب في العشرينات يتطلع كل يوم صباحاً من شرفته إذ برجل كهل يعبر الطريق يومياً يؤدي له التحية والسلام من خلال الإيماءات بالرأس وتمر الأيام والسنين تتوطد هذه العلاقة بين الشاب والكهل دون كلمات.. وفي يوم مشئوم إذ ينهار منزل الشاب ويحاول رجال الإنقاذ إخراج الأحياء، وبعد جهود مضنية لم يُعَثر على أحياء بالمنزل المنكوب وفجأة صمتت جميع الآلات ووسط الصمت يسمع الجميع صوت مدوي هنا شخص حي لا بد من الحفر هنا يزداد الصوت صراخاً هنا شاب حي وتحت إصرار الرجل المسن يبحث رجال الإنقاذ في المكان فقد تم إخراج الشاب حي.
فتعجب الجميع من أين عرفت؟! ومن أنت؟! وما علاقتك بهذا الشاب؟!
يتحدث الرجل بعد هدوء نفس: إنه الآخر بالنسبة لي... فالآخر لا يتوقف على جنس ولا سن ولا دين ولا لون إحساس، ربط بين اثنين بدون كلمات مشاعر قيمة رقيقة سامية بين البشر وبعضهم البعض .
وجيه إقلاديوس
تعرًّفت عليه من خلال الرسائل الإلكترونية، أدركت أنه رجل له فكر ورؤية.. وطني من طراز نادر، حارب بالعمل كل المخترقين المنتمين لثقافات غير مصرية، رجل له مواقف ثابتة لم يتزعزع عنها أهمها حب الوطن، والوقوف مع التيارات المعتدلة الوطنية.
ساهم في مؤسسات المجتمع المدني رغم قسوة الحكم الديكتاتوري، شارك كعضو مؤسس في مصريين ضد التمييز الديني، ومؤسس في حزب المستقبل للمرحوم الوطني فرج فودة، وكان عضو بمركز الكلمة لحقوق الإنسان، وعضو سابق بحزب الوفد، وعضو بالاتحاد المصري لحقوق الإنسان.
جاهد كل الجهد لرفع الظلم والغبن عن المضطهدين والمعذبين، طالب بالعدل للأقباط والبهائيين، وشملت كلماته هدف واحد عودة مصر لأصولها المصرية رافضاً كل الهويات معتبراً الهوية المصرية قمة الفخر والمجد لأبناء مصر الشرفاء.
تعرفت على أخي وصديقي العزيز من خلال تعليقاته اللاذعة ومن خلال الروابط الإلكترونية التي يرسلها للجميع، مقالات ليس لشخص عادي بل وطني مصري، أدركت أنه شخص عنيد محارب وعرفت بعد ذلك أنه رشح نفسه عن دائرة شبرا وعن دائرة الظاهر، لم يخضع لإرهاب الإرهابيين وحيتان البلد، بل حاول وجاهد ويكفي إصراره ليؤكد للجميع أننا هنا...
موت العظماء
عاش من أجل مصر، وغادر عالمنا وقلبه، ممتلئ بحب مصر، وبتعبير أدق الأمة المصرية، هكذا حال العظماء هدفهم تجميع الأمة المصرية لا فرق بين مسلم مسيحي بهائي قراني سني شيعي، فبالحب وقف الأستاذ كمال مغيث في حفل تأبينه في الكنيسة ليعبر عن حب المصريين بعضهم لبعض، وقد شارك في تأبينه نخبة من أبناء مصر الشرفاء أمثال الأستاذ أسامة الأنصاري، والدكتور كمال مغيث، والدكتور منير مجاهد، والأستاذ سامي حرك، وآخرين من أسرة الأمة المصرية هكذا حال العظماء حتى بموتهم يجمعون وينشرون الحب للآخر وينشرون السلام بين أبناء الوطن الواحد.
أخيراً لقد تأخرت في كتابة مقال عن أخي وصديقي الأستاذ وجيه إقلاديوس الراحل من عالمنا ألفاني يوم 20 أغسطس العام السابق لقد كان صديق وأخ عزيز لي أسجل فخري واعتزازي بك ومصر فخورة بشخصك البار المحب لها ولتاريخها العظيم، والمجتمع المدني فخور بكونك كنت عضو مؤسس ومؤثر في المجتمع المدني، وأنا شخصياً فخور بك أخي الغالي... فمنذ رحليلك عن عالمنا الفاني لكنك ما زلت تعيش في قلوب من أحبوك من المصريين الشرفاء المحبين لمصر.
الآخر ليست قصة خيالية!!! بل من المنطقي أن تكون قصة واقعية فأخي الغالي وجيه إقلاديوس ليس هو الآخر بالنسبة لي فقط بل للكثير من المصريين الشرفاء محبي تراب مصر الغالي الثمين.
جمعت حفلة تأبين الأستاذ وجيه إقلاديوس في الكنيسة مسلمين وأقباط شرعوا يتحدثون عن رمز للمحبة والتسامح والعطاء وحب الوطن.
عضو الحزب الوطني عبد الأحد جمال الدين أثناء الانتخابات استخدم شعار دينياً "قل هو الله أحد..." فانتخبوا عبد الأحد ليفرق بين الشعب المصري بينما صديقي وجيه حتى برحيله جمع عنصري الأمة المصرية.
ارقد بسلامة أخي الغالي أطلب لكَ نياحاً في أحضان القديسين .
" لا يموت الإنسان إلا حين لا يتذكره أحد " برتوليت بريشت شاعر وكاتب المانى
مدحت قلادة
Medhat00_klada@hotmail.com |