سلطت صحيفة وشنطن بوست الأمريكية في تقرير لها الضوء على الفقر المدقع الذي يعشيه المصريون، والذي يدفع بعضهم إلى بيع أعضائهم حتى يستطيعوا تدبر أمور معيشتهم، ما أدى إلى رواج تجارة الأعضاء في مصر، وسط جدل حول تحريمها من عدمه.
وبحسب جريدة "اليوم السابع"، التي قالت في تقريرها إن مصر من أكثر دول العالم شهرة فى هذا المجال، مشيرة إلى قصة زوجين شابين دفعتهما الظروف الاقتصادية إلى بيع كليتيهما، حيث أجبرتهما حالة الفقر المدقع داخل أحياء القاهرة الفقيرة على بيع كل ما يمتلكانه تقريباً، و"لكنه لم يكن كافياً لتأمين حياة كريمة لهما، فقاما ببيع كليتيهما".
وانتهت العملية الجراحية السرية التى أجريت لهما قبل الفجر في مستشفى خاص، بترك عبد الرحمن عبد العزيز وزوجته أسماء، في سيارة أجرة فاقدي الوعي، وقد وضعت الأموال نظير كليتيهما فى ملابسهما.
والآن، وبعد مرور عام على هذه العملية، أصبح الزوجان مفلسين مرة أخرى، وأصابتهما حالة ضعف ووهن شديد بدرجة أصبحا معها غير قادرين حتى على التنقل داخل شقتهما المحدودة. وتدهورت صحتهما بشكل كبير ولم يعودا قادرين على العمل، حيث يقضيان معظم يومهما فى السرير فى غرفة مظلمة، كما فشلا فى عمل المتابعة الصحية اللازمة، لضعف مواردهما المالية.
ويقول عبد العزيز الذى يبلغ من العمر أكثر من 24 عاما، وهو طريح الفراش: "لم يوضح لي أحد خطورة هذه العملية، لو كنت أعلم خطورتها الحقيقية ما كنت أقدمت على فعلها"، ويرفع قميصه ليكشف عن آثار الجرح الناتج عن العملية.
وأشارت الصحيفة إلى أن بيع الكلى بين المصريين خلال الأعوام الماضية، مقابل ما يقرب من ألفي دولار، أصبح أسرع وسيلة للتخلص من طائلة الدين، أو الحول دون السقوط إلى هاوية الفقر.
ويتم اصطياد هؤلاء الشباب الذين يقضون معظم أوقاتهم على المقاهي المنتشرة في شوارع القاهرة، عن طريق وسطاء يعملون لدى المعامل التي تقوم بمطابقة المانحين والمتلقين، معظمهم من الأجانب الذين جاءوا إلى مصر أملاً في الحصول على متبرعين، أو شراء كلى عبر تجارة الأعضاء المنتشرة فى البلاد.
ولقد وصفت منظمة الصحة العالمية مصر باعتبارها واحدة من أكثر الدول المعروفة حول العالم بتجارة الأعضاء. وتحت الضغط الدولي تمكنت دول مثل الصين وباكستان والفلبين من محاربة هذه التجارة ومنعت الأجانب من إجراء عمليات الزرع، وتغلبت بصورة كبيرة على "سياحة زرع الأعضاء".
أما عن مصر، فيقول عنها الخبراء إنها تجاهلت هذه المشكلة برمتها منذ تفاقمها، ولم تتصدى لها بأي طريقة. ويتوقع الجراحون الذين يقومون بعمليات النقل، ويبذلون جهوداً حثيثة لمنع تجارة الأعضاء العالمية، أن المرضى الأجانب الذين يجدون صعوبة فى الحصول على أعضاء من آسيا، قد يجدون في مصر مأوى لهم.
وأضافت الصحيفة أن المسؤولين المصريين أظهروا مؤخراً علامات الاهتمام بهذه القضية، ولكن هذا لا يغير من حقيقة أن مصر لا يوجد بها قانون ينسق عمليات النقل والزرع، وإنما اتحاد للأطباء يحرم بيع الأعضاء، ولكنه اتحاد ذاتي الضبط، ويتم تجاهله.
ومن المرتقب أن تتم مناقشة مشروع قانون لهذه القضية أمام البرلمان خلال الأشهر القليلة القادمة. بموجب هذا القانون يتم منع بيع الأعضاء، ويحرم عمليات النقل للأجانب، وتقتصر هذه العمليات على المستشفيات العامة، وفرض عقوبات قضائية تصل مدتها إلى 15 عاما وأكثر فى السجن، ودفع غرامة 180 ألف دولار في حال انتهك هذا القانون.
وفى الوقت نفسه، وفقاً للمتحدث باسم وزارة الصحة المصرية، عبد الرحمن شاهين، بدأت الوزارة فى إدراك خطورة الموقف، حيث قامت السلطات بإغلاق مركزين طبيين خاصين فى القاهرة خلال الأشهر المنصرمة، وألقت القبض على الأطباء، والوسطاء، وعمال المعمل بتهمة خرق قوانين اتحاد الأطباء، أو بتهم أخرى.
ويقول الخبراء، إن السعوديين هم أكثر المحتاجين إلى الكلى، ويدفعون مقابل عملية زرع فى السوق السوداء، ما يقرب من 16 ألف دولار، ويتم التقاط المتبرعين من فقراء المصر، الذين أغلب الظن لا يعرفون شيئا عن مخاطر مثل هذه العمليات، ويتم الاستغناء عنهم وتركهم بعد الجراحة دون متابعة صحية |