بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل
مع بداية القرن العشرين لجأ الأقباط إلى تنقية الأجواء، ففي 1920م سافر الأنبا "متاؤوس" مطران الحبشة وبصحبته الأنبا "يؤانس" مطران المنوفية والبحيرة، والأنبا "مرقس" مطران إسنا والأقصر إلى القدس لمحاولة تسوية مسألة دير السلطان بطريقة تبقى على العلاقات الروحية بين الأقباط والأحباش، ولكن فوجئ الجانب المصري هناك بتقديم قنصل إيطاليا "Karlintie "رسالة من إمبراطور الحبشة "منيليك" مطالبًا تسليم مفاتيح الدير، وبعدها قام المطارنة بفحص الأوار ق والمستندات، وأعدوا مذكرة قدمت للبابا كيرلس الخامس البطريرك رقم (112) (1874-1927م) خلاصتها تثبت ملكية الأقباط للدير.
و ردًا على ذلك أرسل الإمبراطور الإثيوبي "منليك" برسالة إلى البابا كيرلس الخامس في 12 مايو 1904م بصحبة وفد من طرفة مطالبة بتسليم الدير للأثيوبيين، وهذا ما دعي البطريرك إلى دعوة المجلس الملي العام ورجال الكنيسة لمناقشة الأمر، وانتهت هذه المفوضات بالفشل لعدم تفريط الأقباط في أملاكهم.
وفي عام 1905م أرسل الإمبراطور الأثيوبي بعثة إلى القدس اتصلت برؤساء الطوائف المسيحية وحصلت على شهادات مصحوبة بتوقعات منهم تدعم الملف الأثيوبي، وبعدها أعد "منليك "ملفًا عن مشكلة الدير وإرساله إلى سلطان الدولة العثمانية مؤكدًا على أحقية الأحباش في دير السلطان.
وفي عام 1906م صدرت تعليمات من الباب العالي إلى حاكم مدينة القدس "رشيد باشا" بسرعة تسليم الأقباط نسخة من مفاتيح الدير، ولكن مطران القدس رفض هذا الاقتراح وطلب مهلة لحين رد البابا كيرلس الخامس عليه، وخاصة بعد أن قام الأخير بإجراء مفوضات مع الدولة العثمانية وانتهى الأمر إلى فتح باب لهم في الدير في الجانب الشرقي، ونظرًا للتسامح المتناهي للأقباط نفذوا هذا الاقتراح.
ولم يكتفي الأحباش بهذا بل أنهم اتصلوا بالروس سنة 1907م ومطالبتهم بالضغط على الدولة العثمانية لإعادة فتح ملف دير السلطان وتسليمهم مفاتيحه وباءت محاولاتهم بالفشل.
على أية حال، قام الأقباط في سنة 1910م بترميم بعض قلالي الأحباش في دير السلطان بعد حصولهم على موافقة من بلدية القدس بتاريخ سبتمبر 1910م.
ومع انطلاق الحرب العالمية الأولى (1914-1918م) نفى الأتراك مطارنة الطوائف المسيحية، وبعد انتهاء الحرب عاد الجميع إلى مناصبهم واستأنف الأقباط أعمال الترميم في سنة 1919م.
وفي سنة 1920م أرسلت إمبراطورة إثيوبيا "زاوديتو" برسالة إلى قداسة البابا "كيرلس الخامس" مُطالبة بفتح الباب الرئيس للأحباش، ووافق البابا على طلبها بشرط بقاء مفاتيح الدير بأيدي الأقباط لجمع شمل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ولكن الأحباش رفضوا هذا الاقتراح وطالبوا بأحقيتهم في ملكية دير السلطان.
ومع خلو الكرسي البابوي بنياحة البابا "يوساب الثاني" البطريرك (115) (1946-1956م) وتزامن ذلك مع نياحة مطران القدس الأنبا "ياكوبس" أنتهز مطران الحبشة "فيلبس" الفرصة في سنة 1959م وتقدم بطلب إلى حاكم القدس مطالبه باسترجاع حقوق الأحباش رسميًا في دير السلطان.
وبعد أن أجريت انتخابات الكرسي البابوي والتي انتهت بجلوس البابا "كيرلس السادس "البطريرك (116) (1959-1971م)، انتهز الأحباش الفرصة وهددوا بمقاطعة انتخابات البطريرك أو الاعتراف بها إلا لم تحل مشكلة دير السلطان، وأيّد موقفهم لجوءهم إلى المملكة الأردنية الهاشمية، وبناءً على ذلك أرسلت الكنيسة المصرية وفدًا إلى أثيوبيا ووعدت بتسوية هذا الأمر عقب الانتهاء من انتخابات البطريرك، وبالفعل شكّل قداسة البابا "كيرلس" في ديسمبر 1960م لجنة للنظر في المشكلة ولكن الانقلاب الفاشل الذي تعرض له الإمبراطور أجّل التفاهم في هذا الشأن.
وفي 22 فبراير 1961م استطاع الأحباش الحصول على قرار من مجلس الوزراء الأردني بتاريخ 12 فبراير 1961م يقضي هذا القرار بتسليم دير السلطان إلى الأحباش مع مفتاح بابه القبلي، ومفتاح كنيسة الملاك ميخائيل الموصل إلى ساحة كنيسة القيامة.
وإزاء هذا القرار الذي قلب الأوضاع رأسًا على عقب في سنة 1961م طلب الأنبا "باسيليوس" من محافظ القدس مهلة لحين الاتصال بالبابا "كيرلس السادس" لإبلاغ الرئيس "جمال عبد الناصر" الذي أمر بتشكيل لجنة لدراسة الأمر، وانتهت إلى تقديم تظلم إلى جلاله ملك المملكة الأردن ومقابلته, وفي مارس 1961م أصدر جلاله الملك أمرًا بتشكل لجنة لبحث المشكلة وانتهى الأمر بعودة الحق إلى أصحابها وتسليم الأحباش ما يمتلكونه من أشياء لهم داخل الدير. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|