بقلم: سحر غريب
لا يختلف اثنان على أن حكومة نظيف هي حكومة محظوظة، كلما حاول شعبها فتح فمه والشكوى من تقصيرها وسوء تدبيرها ألمت به مصيبة وكارثة تعيده داخل جحوره صاغرًا، فيا بخت الحكومة بهذا الكم المحترم من الأمراض والأوبئة والمشاكل المستوردة التي هلّت علينا فهذا الشعب الذي كاد يفتح فمه ليُطالب بحقوقه المرجوّة من الديمقراطية والعيشة الآدمية أسوة بما يراه في دول العالم المتقدم، أعاد غلق فمه من جديد واكتفى بموضوع الساعة الخطير راجيًا أن يمر عليه هذا الوباء العالمي مرور الكرام بلا خسائر فادحة.
نعم قد تكون هناك مبالغة في تناولنا لتداعيات هذا المرض وخطورته فهو أنفلونزا، قد تكون الأنفلونزا الموسمية أخطر منها وأشد وطأة ولكنها تصاريف الحكومة التي جاء لها على الطبطاب ما يلهي شعبها عنها.
وبرغم الترهيب الذي سقطنا بين براثنه تركت أطفالي الصغار لمصيرهم المحتوم وأنزلتهم لتلقي العلم في دور العلم وبالمناسبة هذه الدور ما هي إلا مدارس للغات ندفع لها من دماء قلوبنا الكثير رغبةً منّا في تعليم مفروض فيه أنه تعليم مفلتر نظيف وليس تعليم كالماء الآسن والهواء الملوث.
ولقد كنت شديدة التفاؤل مع هوجة النظافة التي وعدتنا بها الحكومة فكنت سعيدة لأننا وأخيرًا سننعم بالنظافة ليس بأمر مباشر من الحكومة ولكن بأمر مباشر من السيد الوباء المحترم ولأن النظافة في بلدنا هي كالعنقاء والخل الوفي مستحيلة.
فقد وجدنا يا سادة إن الحمامات التي كان من المفروض أن يكون الديتول هو العطر الخاص بها أن رائحتها مازالت تشبه الروائح الذكية المستوردة من الزرائب، أما فصول فلذة أكبادنا فكانت مردومة بعاصفة ترابية من اللي قلبك يحبها، ولا عزاء للمصاريف التي زادت بحجة الاهتمام بالنظافة وشراء كل ما يلزم من الديتول والصابون والكلور والذي منه. يبدوا أنهم سيشترونها لتنظيف منازل السادة المعلمين!!
شعرت مع هذا الإهمال واللا مبالاة أن مدارس اللغات ما هي إلا مدارس لقيطة غير شرعية، فهي مقامة في وادِ آخر على كوكب آخر لم يصلها بعد نبأ الوباء الجديد وأن حكومتنا المصون ليس لها كلمة إلا على مدارسها أما المدارس الخاصة واللغات فلها الله. |