CET 00:00:00 - 11/10/2009

مساحة رأي

بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل
* بطاركة تم تعيينهم بالتزكية:
توالىَ على كرسي البابوية العديد من الباباوات، منهم مَن تولى عن طريق "التزكية "وهي نوعان:
(1) تزكية كتابية:
وهى التي كان يوقع عليها العديد من أراخنة الكنيسة ويشاركهم الإباء الأحبار (الأساقفة) والمطارنة.
(2) تزكية شفاهية:
وهي بدون توقيع، حيث كان يتجمع العديد من الأراخنة وبعض الأساقفة ويدلون بشهاداتهم على اختيار (فلان) لمنصب البطريركية أو الأسقفية.
وحاليًا في بعض الأحيان يتم اختيار القسوس -وردت كلمة "قسوس" حيث قيل عن بولس وبرنابا أنهما في تبشيرهم لسترة وأيقونية وإنطاكية "انتخبنا لهم قسوسًا في كل كنيسة (أع23:14)- بنفس الطريقة
في هذه الأزمنة التي كان يتم فيها الاختيار بـ (التزكية) الكتابية أو الشفاهية مقبولاً في زمن كان بين الشعب "أراخنة" كبار يحملون عبء المسئولية عن سائر أفراد الشعب.
كان الأراخنة هم رؤساء العائلات، وكان عددهم محدودًا في كل مدينة وقرية ويتبع كل "أرخن" في الشعب جميع أفراد أسرته الكبيرة لأنه هو أبوهم ورئيسهم لأنه كان لكل أرخن وزنه وثقله الاجتماعي بين عشيرته، فكان يُبدي رأيه بكل شجاعة وقوة ولا يخشى أحدًا ويسانده فيه جميع أفراد عائلته الكبيرة فكانت التزكيات صادقة ومعبره عن رأى مجموع العائلات في كل إيباراشية.

أما في وقتنا الحاضر، فقد تشتتت العائلات –أصبح مفهوم العائلة يقتصر على الأب وأولاده وأحفاده- ولم تعد العائلة متمركزة، كما كانت قديمًا في مدينة أو قرية واحدة وصار كل فرد يمثل فيها شخصه فقط، ومن هنا نقول أن التزكية قد فقدت قوتها ومصداقيتها بعد أن أمسىَ "نظام التزكية "سببًا في الحرج والضغوط الأدبية مما جعل الكثيرين يوقعون على مثل هذه التزكيات على سبيل المجاملة.
وهناك العديد من الحالات التي تم فيها اختيار البطريرك عن طريق التزكية، ونذكر على سبيل المثال البابا "غبريال الثالث" البطريرك رقم (77) (1268-1271م) والبابا يؤانس السابع البطريرك رقم (78) (1271-1293م) بمعرفة أراخنة القاهرة.
وأحيانًا كان يرشح أحد كبار المباشرين (كبيرًا لصيارفة) أواحد الأراخنة للمجمع المقدس "البطريرك" ونذكر هنا حالتان، فقد رشح المعلم "بشارة" البابا مرقس السادس البطريرك رقم (101) (1646-1656م) كما رشح المعلم "لطف الله" البابا بطرس السادس البطريرك رقم (104). والجدير بالذكر أن المعلم "لطف الله" كان زوج ابنة شقيق البابا السابق يؤانس السادس عشر البطريرك رقم (103) (1676-1718م).
وفي كثير من الأحيان ما يتفق الأساقفة والأراخنة على "التزكية" في اختيار البطريرك، ونذكر على سبيل المثال اختيار البابا يؤانس السادس عشر البطريرك رقم (105) (1727-1745م).

وفي بعض الظروف والأزمات التي كانت تمر بها الكنيسة كانت التذكية هي المنقذ، بجانب الدعم السياسي من الدولة -دون تدخلها في الاختيار– ونذكر هنا الفتن والنزاعات التي مرت بها الكنيسة القبطية عقب نياحة البابا "بطرس السابع "البطريرك رقم (109) (1809-1852م) إذ ظل كرسي البابوية خاليًا لأكثر من عامين، لدرجة أدت إلى تدخل بطريرك الأرمن الأرثوذكس وقنصل إنجلترا لدى والي مصر "عباس الأول" (1848-1854م) وقبله تزكية مجموعة من الأساقفة ورؤساء الأديرة لاختيار البابا كيرلس الرابع البطريرك رقم (110) (1854-1861م) المعروف لدى الكنيسة والمؤرخين بـ (أبو الإصلاح).
- الدار البطريركية
هي المقر الرئيسي للمؤسسة الكنيسة حيث مقر البطريرك، وتُعرف أحيانًا بـ"القلاية "أو "القلاية البطريركية"، وكان مقرها في بداية الأمر في مدينة الإسكندرية حيث بشر القديس "مرقس الرسول" بالمسيحية؛ وهو أول البطاركة (56-68 م)، ومن هنا أخذ البابا لقب "بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية".
ثم انتقلت الدار البطريركية بعد ذلك من الإسكندرية إلى كنيسة السيدة العذراء "المعلقة" بمنطقة مصر القديمة بعد الفتح العربي الإسلامي لمصر سنة (20هـ/ 640م).

ويرجع هذا الانتقال إلى تحول عاصمة البلاد إلى الفسطاط ثم ضواحيها (العسكر والقطائع) وحاجة البابا إلى إن يكون قريبًا من ولاة الأمور ليرعى شعبه.
ثم انتقلت الدار البطريركية بعد ذلك إلى كنيسة "مرقوريوس" أو "أبو سيفين" بمصر القديمة بالقرب من الفسطاط.
وبعد أن أمر "المعز لدين الله الفاطمي" (341-365هـ /952-975م) قائد جيوشه "جوهر الصقلي" (358-362هـ/968-972م) بإنشاء القاهرة تحولت الدار البطريركية إليها؛ واستقرت في حارة زويلة بحي "بين الصوريين" منذ عام (703هـ /1303م).
وفي العصر العثماني انتقلت الدار البطريركية إلى حارة "الروم السفلى" بمنطقة "الفورية" بالقاهرة، وظلت بها مابين عام (1071هـ/1660-1214هـ/1799م).
ومع بداية القرن التاسع عشر انتقلت الدار البطريركية إلى حي "الأزبكية" بشارع كلوت بك –حاليًا الكنيسة المرقسية القديمة، ولا تزال تمارس بها الشعائر الدينية– الذي يعتبر من أكبر الأحياء القبطية آنذاك.

ويرجع الفضل إلى قداسة البابا "بطرس السابع" البطريرك رقم (109) (1809-1852م) إلى اتخذاها الكنيسة المرقسية مقراً بابويًا، وهي الكنيسة التي كان المعلم "إبراهيم الجوهري" الذي تنيح سنة (1796م) قد حصل على فرمان عثماني ببنائها من أحدى أميرات البيت السلطاني، وقد استمرت هذه الكنيسة مقرًا بابويًا حتى ختام حياة البابا "كيرلس السادس" البطريرك رقم (116) (1959-1971م).
وفى الثلث الأخير من القرن العشرين انتقلت الدار البطريركية إلى مقرها الحالي بالعباسية بـ (دير الأنبا رويس) بالقاهرة، بعد أن نجح قداسة البابا "كيرلس السادس" البطريرك (116) من الحصول على موافقة من الرئيس "جمال عبدا لناصر" (1954-1970م)، الذي حضر بنفسه مشاركًا البابا "كيرلس السادس" في وضع حجر أساسها في 24 يوليو 1965م، كما أن رئيس الدولة أعلن مشاركة الدولة ماديًا في بنائها وهي الأولى في تاريخ مصر.
كما يرجع الفضل لقداسة البابا "شنودة الثالث" -الحالي أطال الله عمره سنين عدة– البطريرك رقم (117) منذ (1971م)، إلى الانتقال لـدار البطريركية الجديد (بالأنبا رويس) واستكمال بناء وتشطيبات الكاتدرائية المرقسية، ولا تزال الأعمال والتجديدات والترميمات مستمرة بها حتى كتابة هذه السطور.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق