بقلم: ماجد عزت إسرائيل
القرعة الهيكلية:
بعد أن تُجرى انتخابات البطريركية في دار بطريركية الأقباط الأرثوذكس، ويتم حصر المرشحين من (خمسة إلى ثلاثة) أفراد، يعكف أعضاء المجمع المقدس على الصوم والصلاة إلى الأسبوع المقبل المحدد لإجراء القرعة الهيكلية لاختيار أحد المرشحين الثلاثة.
تُجرى القرعة الهيكلية بين الثلاث المرشحين الحائزين على أكثر الأصوات لاختيار أحدهم بطريركًا عقب صلاة قداس الأحد في البطريركية، بحضور نيافة "قائمقام البطريرك" وأعضاء "المجمع المقدس" ولجنة "الترشيحات" وجماهير "الشعب".
تُعد أوراق بأسماء المرشحين الثلاثة الحائزين على أكثر الأصوات، ويوقع على الأوراق وتختم بخاتم خاص، ثم تُطوى طيًا متساويًا، وتوضع على الهيكل أمام جماهير الشعب، وبعد الصلوات والابتهالات يتناول أحد الشمامسة –غالبًا ما يكون من بين الأطفال الشمامسة– الحاضرين إحدى الورقات الثلاث دون أن يراها، وتُفتح هذه الورقة أمام الحاضرين، ويُتلى الاسم الذي تحمله، ويُعلن اختياره بطريركًا، وفي نفس الوقت تتناول اللجنة الورقتين الآخرتين وتبسطهما أمام الحاضرين للتثبت من صحة إجراءات القرعة الهيكلية.
بعد أن تُعلن نتيجة القرعة الهيكلية يؤدي الحاضرون صلاة شكر في البطريركية، ويبتـهلون إلى الله أن يهيب البطريرك المختار عـونًا على الاضطلاع بأعباء منصبه الكبير، وعلى رعاية شعبه بالبر والاستقامة.
قداسة البابا "شنودة الثالث" البطريرك (117) منذ عام (1971م) -أطال الله عمره سنين عدة– من بين البطاركة الذين تولوا منصب البطاركة بالانتخاب وأُجريت عليها القرعة الهيكلية وأحداثها كما يلي:
بعد أن أُجريت انتخابات البابا الجديد في 31 أكتوبر عام 1971 في الكاتدرائية المرقسية، وذلك بعد أن تم اختيار ثلاثة من المرشحين الخمسة للكرسي البابوي.
في تمام الساعة الثامنة صباحًا امتلأت الكاتدرائية عن آخرها ولم يكن هناك موقع لقدم لاختيار البابا الجديد رقم (117) في تاريخ البطاركة، وحين دقت أجراس الكنيسة معلنة بدء الصلاة والتي رأسها الأنبا "أنطونيوس" "قائمقام البطريرك" وبحضور لفيف من الأحبار المطارنة والأساقفة والشعب؛ اتجهت العيون التي ملأت الكاتدرائية إلى صندوق من الفضة كان يعلوه صليب والذي فتحه "القائمقام" وهو يقول للجميع:
بنعمة الله سنجري القرعة الهيكلية لاختيار البابا المُنتخب من قبل الله.
كان بداخل الصندوق الفضي ثلاث أوراق متساوية يبلغ طول الواحدة منها 25 سنتيمترًا وعرضها 7سنتيمترات، وقد كُتب على كل واحدة منها اسم المرشحين الثلاثة الأوائل وهم:
1- الأنبا "صموئيل".
2- الأنبا "شنودة".
3- القمص "تيموثاؤوس".
ثم قام "القائمقام" الأنبا "أنطونيوس" بفك الأوراق الثلاث وقال للجمع الحاشد:
إني افتحها أمامكم لكي تنظروا إليها بعيونكم ولكن الله ينظر للقلوب.
كان اسم كل من المرشحين مكتوب بالخط الفارسي، وخُتمت الورقة بخاتم القائمقام بالحبر الأحمر، وقد رُبطت كل ورقة بشريط، وبعد أن فرغ من ذلك قام بإعادة الأوراق الثلاث إلى داخل الصندوق وأغلقه، ثم قام الدكتور "يوسف منصور" فربطه بشريط أبيض، ثم تم تسليم الخاتم للمهندس "إبراهيم نجيب" وزير السياحة في ذلك الوقت.
بعد أن تم نقل الصندوق إلى الهيكل، أُجريت مراسم الصلاة والتي اشترك فيها قائمقام البطريرك وكبار المطارنة والأساقفة والشمامسة ورئيس الوفد الكنسي الأثيوبي والأب "بيكاهيف مريم" رئيس كاتدرائية الثالوث المقدس بأديس أبابا "وعلي هندوم" سفير إثيوبيا بالقاهرة، كما حضر عدد من الوزراء من بينهم الدكتور "كمال رمزي ستينو" والذي سبق أن حضر أيضًا مراسم البابا "كيرلس السادس" البطريرك (116) حين تم اختياره من قبل بابا للأقباط، وقد وقع يومها بإمضائه على أطراف الأظرف.
ثم أقيمت صلاة خاصة قبيل إجراء القرعة الهيكلية، وقد وقع الاختيار على ثمانية من الأطفال الذين تناولوا من الأسرار المقدسة، ثم وقع الاختيار على طفل منهم لم يتجاوز عمره ست سنوت اسمه "أيمن منير كامل غبريال" بالسنة الأولى الابتدائية بمدرسة التحرير، ومن المفارقات الغريبة أن هذا الطفل دخل الكاتدرائية بصعوبة بالغة لأن أسرته لم تكن تحمل دعوة للدخول.
تمامًا مثلما حدث من قبل لحظة اختيار البابا "كيرلس السادس" (116)، فقد اختار الطفل "رفيق باسيلي الطوخي" والذي لم يكن مقدرًا له أن يسحب الورقة حيث قال لوالده -وكان يعمل موظفًا في السجل التجاري بطنطا-: أنا نفسي يا بابا اللي اسحب الورقة اللي فيها اسم البابا الجديد، وكأنما كانت أبواب السماء مفتوحة للاستجابة له، فاختير لكي يسحب الورقة التي تحمل اسم البابا "كيرلس السادس".
على أي حال، وبعد الانتهاء من تناول الأسرار المقدسة خرج "القائمقام" ومن حوله المطارنة والأساقفة وهو يحمل الصندوق الفضي، وكان الشمامسة يرددون الألحان الكنسية من حوله، وجميع المصلين يرددون صلاة قصيرة مؤلفة من ثلاث كلمات هي:
يا رب ارحم.
يا رب ارحم.
يا رب ارحم.
ثم جاءت اللحظة المصيرية، لحظة اختيار البابا الجديد وسحب الطفل "أيمن" إحدى الورقات الثلاثة، وكان اسم البابا "شنودة الثالث" البطريرك (117) -أطال الله حياته سنين عدة–، وكانت فرحة غامرة اجتاحت الجميع لأن قداسة البابا شنودة كان معروفًا بحبه للتعاون والمشروعات الإصلاحية وبتواضعه للرهبنة والأديرة عامة. . |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|