- هل تعتبرين التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية ظاهرة اجتماعية ناتجة عن الكبت الجنسي أم إن هناك عوامل أخرى تمارس دورها في تفاقم هذه الظاهرة؟
التحرش الجنسي واحد من قضايا العنف التي تعاني منه المرأة لكنه الأكثره إيذاء على الصعيد النفسي الطويل الأمد ،وهذا لا يعني ان اشكال العنف الأخرى ليست لهذه الدرجة من الإيذاء والألم بل لأن التحرش الجنسي يدخل ضمن منظومات التابوهات من انواع العنف المسكوت عنها والذي يتم التآمر على إخفائها من قبل المجتمع الذكوري فيه وأكثر من ذلك يلقى باللائمة على المرأة نفسها تارة للباسها وتارة لطريقة حديثها ومرات عديدة لحجج وذرائع ما أنزل الله بها من سلطان.
التحرش الجنسي كمفهوم يدخله العقل العربي في صندوق مغلق محرم الاقتراب والحديث عنه كما الدين و السياسة ولعل من المفارقات الغريبة ان الثلاثة عناصر هذه تستخدمها كل سلطة وتدجن المجتمع عليها وتربط فيما بينها وكأنها الثالوث المحرم لكن مقدس بقوانين وعادات وأعراف يمنع المس بها ،فالتحرش وليد أكثر من جانب انه نتاج تربية مغموسة بالذكورية، والشرقية الموغلة بالتمييز وتأطير صورة الأنثى بدور ووظيفة بيولوجية أساسها الجنس المشرع ديناً والمحرم دنيوياً سوى بتلك الطريقة التي يريدها ويختارها عقل الرجل الموجود بيولوجياً في رأسه وغريزياً ما بين رجليه ،وهنا بيت القصيد في استحضار صناعة الكبت المبدعين بها في عالمنا العربي ،نعم انها صناعة نربى ونتربى وننشأ في ظلها فمن العيب الى الحرام ومن العورة الى نقصان العقل والدين وليس ختاماً المرأة
المخلوقة من ضلع قاصر ألا يمهد ويؤسس كل هذا الى ثقافة الحط من قدر وقيمة المرأة ؟ألا يؤسس هذا أن المرأة كائن خلق كي يربيه ويستره ويكمل دينه ويخفي عورته رجل كامل الأوصاف دينياً وجسدياً وعقلياً؟
كل ما سبق من المعطيات يشكل التربة الخصبة للتحرش الجنسي ولممارسة شتى أصناف هذا الفعل المجرم ضد المرأة يمارس في مجتمعاتنا ويسكت عنه بصمت مطبق كما صمت المقابر التي آوت اليها الكثير من النساء وهي تحمل ذكرياتها البشعة عن قصة تحرش في طفولتها وصباها بقيت حبيسة ذاكرتها ودفنت معها للأبد. |