صورة لفت على الـ«فيس بوك» منذ أيام لامرأة مصرية جدعة تضرب بالشبشب أحد المتمسحين بالدين من الذين يعتبرون أنفسهم من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ولقاءات أمهات الشهداء فى المحطات التليفزيونية أو صور السيدات وهن يقفن فى طابور الانتخاب بإصرار على المشاركة السياسية ورفضهن وصاية أصحاب اللحى، أو وهن يتصدرن الجنازات، ومسيرات النساء التى تضم عشرات الآلاف التى تخرج ضد التحرش أو لدعم العصيان المدنى فى بورسعيد- كل ذلك يعطى للعالم دروسا فى تمكين المرأة دون استجداء قرار سلطوى أو استناد إلى سلطة عليا مؤيدة لحقوق المرأة، ويؤكد أن المرأة المصرية مازالت فى طليعة الثورة وستظل هكذا حتى تكتمل، وهذا الاكتمال لن يتم دون تحقيق المساواة كاملة بين الرجل والمرأة.
وحق علينا أن نحيى المرأة المصرية فى اليوم العالمى للمرأة، فهى شاركتنا الثورة وأكدت لنا مع كل مفترق لها أنها تسير فى الطريق الصحيح، وموقف المرأة وهى تضرب هذا الرجل المتنطع يؤكد أنها عصية على التدجين، وأن أحلام هؤلاء المتنطعين بالعودة بنا إلى الماضى المتخلف أو استنساخ تجارب دول مازالت تحبو لكى تدخل إلى الحداثة- مثل عشم إبليس فى دخول الجنة.
إن سلوك المرأة المصرية حاليا هو نتاج تراكم تاريخى، فهى ابنة أو حفيدة هدى شعراوى ولطيفة الزيات وأمينة السعيد وسهير القلماوى ونبوية موسى، وغيرهن كثيرات. ومصر التى أنجبت هؤلاء هى التى أنجبت جميلة إسماعيل وعايدة سيف الدولة وراجية عمران وسميرة إبراهيم وإسراء عبدالفتاح وهدى نصرالله التى ساهمت فى إدانة قناص العيون منذ أيام، وغيرهن كثيرات لا تحضرنى الآن أسماؤهن. وهى التى تنجب كل يوم بنات صغيرات يحملن مسيرة النضال من أجل تحرير مصر من الاستبداد والفساد؛ فتحرير مصر من هذين المرضين هو الذى يحقق فى النهاية الهدف الأسمى لهن وهو تحرير المرأة التى مازالت تعانى من العنف الأسرى وعدم المساواة والفقر.
كانت المرأة أيقونة هذه الثورة، وهى التى تحافظ على استمرارها، وهى التى تعطينا الأمل كلما دب اليأس فى نفوسنا، وهى التى تقف حائلا دون تحويل مصر إلى دولة دينية، وهى التى تقض مضاجع الإخوان ورئيسهم وحلفاءهم من تجار الدين.
ونضال المرأة من أجل حقوقها المشروعة ومن أجل استكمال الثورة- خير دليل على تهافت الخطاب المثالى حول أنها نصف المجتمع، وكل ما يلوكونه من كلام كلاسيكى عفا عليه الزمن، فمن يناضل الآن من النساء من أجل تمكين المرأة ليس أعضاء النخبة أو الناشطات النسويات، وإنما المرأة الفقيرة التى تركها زوجها بلا عائل أو التى تعيش فى العشوائيات والمناطق الفقيرة وكلهن لهن ظروف اجتماعية واقتصادية واحتياجات تختلف عن تصورات النخب حول حقوق المرأة.
فالحرية والعيشة الكريمة هما مطلبان رئيسيان للمرأة المصرية، وهما كانا ولا يزالان من مطالب الثورة التى لم تتحقق إلى الآن. وعندما تخرج سيدات مصر فى المسيرات والمظاهرات من أجل استكمال الثورة فهن يخرجن من أجل تحقيق هذه المطالب، التى يتصور الحكم الحالى أن المصريين خرجوا من أجل تمكين الإخوان مع أنهم لم يشاركوا فى الثورة إلا بعد أن تأكدوا من نجاحها.
اليوم تخرج مسيرات لسيدات من أجل الاحتفال باليوم العالمى للمرأة، وسوف تهتف السيدات فيها من أجل تحقيق أهداف الثور منددات بأسلوب الحكم الحالى الذى يعيد بناء دولة الاستبداد، الذى أزهق أرواح عشرات الشباب الثوريين فى محافظات مصر وعاصمتها، وعلينا جميعا المشاركة فى هذه المسيرات انتصارا لحقوق المرأة، وإيمانا منا بأن التمكين لحقوق المرtأة هو تحقيق لأهداف الثورة وبداية الطريق لتحرير مصر من الحكم الاستبدادى الحالى.
نقلان عن المصرى اليوم |