بقلم: د. رفعت السعيد |
وإذا كانت جماعات التأسلم السياسى قد قفزت فى غفلة من الشعب للاستيلاء على ما لا تستحق من ثمار ثورة شعبية عظيمة فإن ذلك ليس بالجديد، فخلط الدين بالسياسة ليس بالجديد وبرغم تكرار نتائجه الكارثية فإن البعض لم يزل يندفع نحو هاويته، فعلى مدار عدة قرون تحكم عديد من رجال الدين بالسياسة أو العكس وكانت حروباً ضارية ومذابح ومحاكم تفتيش وتعصباً مجنوناً، وما كانت النهضة الأوروبية إلا أداة للتخلص من ذلك كله.
وفيما بعد الخلافة الراشدة بدأ صراع سياسى يتستر بالدين فكانت حروباً وقتالاً ومذابح حتى صاح الصحابى سعد بن أبى وقاص عندما دعى للقتال مع أحد الجيشين «والله لا أقاتل حتى تأتونى بسيف له لسان وعينان ويقول هذا مسلم وهذا كافر»، فعندما يتحدث السياسى مرتدياً ثياب الدين فإنه يتمنطق به وكأنه يتمنطق سيفاً سريع الاندفاع، فالسياسى الذى يستمد دعوته من زعم بالنطق باسم السماء فإنه يعتقد أن قوله هو وحده صحيح الدين وكل مخالفة له تعنى وبالقطع مخالفة للدين.
ويسرى ذلك على أبناء الدين الواحد أو حتى أبناء المذهب الواحد. وتجرى اليوم وبجشع محاولة الاستيلاء على المخزون التاريخى والشعبى للدين الحنيف وتحويله إلى أداة فى صراعاتهم بينهم وبيننا وحتى بينهم وبعضهم البعض. وعندما يصممون على النص فى الدستور على أن مصر دولة مسلمة فإنهم يستخدمون هذا النص بصورة مسرحية، لأنهم لا يضيفون شيئاً فمصر متدينة بنص أو بغير نص.
ومع ذلك تبقى محاولات استخدام هذا المخزون أداة لتضليل الجماهير. كان ذلك فى الماضى عندما كان الخليفة العثمانى الطاغية يحكم الإمبراطورية العثمانية وفق القانون الأساسى الذى ينص «ذات الحضرة السلطانية مقدسة وغير مسؤولة أمام أحد».. نعم غير مسؤولة أمام أحد وهذا ما يحاولونه معنا الآن. عندما يحاولون تضليل الجماهير بزعم أنهم يأتمرون بأمر القرآن الكريم.
لم يكن النبى يحيى حاكماً بل منحه الله الحكمة وهو صبى. وكذلك لوط «ولوطاً آتيناه حكماً وعلما».. {الأنبياء ٧٤}، وموسى «ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكماً وعلماً».. {القصص ١٤}. فإلى ماذا يستندون؟
ولكن التاريخ يعلمنا أكثر. فالخلافة العثمانية أتت إلى مصر عبر غزو همجى متوحش بناء على فتوى من «مفتى الأنام شيخ الإسلام بأن غزو مصر واجب لأن أهلها قطاع طرق والحرب ضدهم غزو وجهاد والمقتول من الجيوش العثمانية شهيد ومجاهد». وأتى الغزاة العثمانيون بوابل من القتل والنهب وسبى الحرائر وبيعهن فى سوق الجوارى بعد فض بكارتهن.
ومع قيام الثورة العرابية باعها الخليفة العثمانى للإنجليز، وأصدر فرماناً وزع على عساكر الجيش العرابى يقول «بأمر مولانا أمير المؤمنين يعتبر عرابى وكل من معه عصاة بغاة» فصاح المصريون «يارب يا متجلى اهزم العثماللى». وقبل الخلافة العثمانية أتى ممن سموا أنفسهم أمير المؤمنين ١٤ أموياً و٢٢ عباسياً أى ٣٦ ادعى كل منهم أنه أمير المؤمنين، منهم ١٧ قتلوا غيلة وكان القتلة أبناء وإخوة وزوجات فعلوها صراعاً على السلطة، بل إن أماً قتلت ابنها فى هذا الصراع البائس. ليقدم كل منهم دليلاً صارخاً على أن الأمر كله صراع سياسى تحكمه شهوة السلطة. هكذا كان الأمر على مدى التاريخ وهكذا استمر.. حتى صرح المرشد: «نحن حكومة إسلامية نسعى نحو خلافة إسلامية وعلى استعداد للشهادة فى سبيلها».. نفس المنطق. نفس الدماء.. نفس الجرائم.
نقلا عن المصري اليوم |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |