CET 00:00:00 - 19/10/2009

فاقد الأهلية

بقلم: سحر غريب
قديمًا كان خريج مدارس اللغات عملة نادرة الوجود، فكنا جميعًا كأسنان المشط متساويين في التعليم الحكومي المُدعم فلا يوجد حد أحسن من حد، كلنا في الهوا سوا فكنا نتبع نظام تعليمي موحد، أما الآن وبعد دخول العديد من رجال الأعمال مجال التعليم ظهر بيزنس جديد يُسمى بيزنس التعليم وأصبحت جيوبنا مُستباحة والغاوي ينقط بطاقيته، فقد ظهر التعليم الأجنبي الذي بات يُفضَل خريجيه للحصول على أفضل الوظائف المصرية ذات العائد الكبير، ثم أصبح تعليم اللغات تعليمًا "لوكال" كل من هب ودب يتحصل عليه، والعقلية النرجسية التي ترى نفسها هي الأفضل على الإطلاق ترفض أن تكون كالجميع، فمن هنا ظهر بيزنس جديد وهو بيزنس المدارس الأمريكية التي تتخذ من المناهج الأمريكية منهجًا لها، وبذلك نزلت مكانة خريجي مدارس اللغات في مقابل صعود النجم الأمريكي الجديد.

أما المُلاحظ في تعاملات كلاً من مدارس اللغات والمدارس الأمريكية فهو أن كلاهما يتعامل معنا على أننا سبوبة حلوة و"أتة محلولة"، فلا ضمير يردعهم ولا شفقة تمنعهم عن جزر رقاب جيوبنا المستباحة، فالمجتمع يعاني من وباء وظروف إقتصادية صعبة وهم حريصين على حصادهم السنوى لمصاريفهم الخيالية والوهمية في بعض الأحيان.

فنحن أيها السادة القراء عبارة عن شعب منهوب مغلوب مسكين فلا حق يعود حتى لو استمات طالبه في طلبه وكل واحد في بلدنا واخدها فتونة وفرد دراع.

فقد قررت مدارس اللغات في بلدنا -المحروسة من العين- أن تؤمن نفسها وتلم الغلة قبل الهنا بسنة، فبعد مطالبتهم لنا بدفع الجزء الأول من المصاريف فوجئنا باستبعادهم لمجموعة من كتب التيرم الأول كرهن حتى يتم دفع مصاريف التيرم الثاني بعد أسبوعين فقط من بداية العام الدراسي، فعلى ما يبدو أن رعب أنفلونزا الخنازير قد أصابهم بقشعريرة مادية وخوف هستيري على غلتهم السنوية من جيوب أولياء الأمور، الذين يعلم الله وحده كيف يجمعون المصاريف فمنهم من يستدين ومنهم من يدخل الجمعية تلو الأخرى ولا مانع من تجرع المرار لكي يُخرج شابًا مؤهلاً لسوق العمل المصرية، السوق التي لم يعد يُرضيها خريجين المدارس الحكومية وقريبًا لن يرضى سوق العمل إلا عن خريجي المدارس الأمريكية.

وبعد نظرات فاحصة متفحصة من مديرة المدرسة التي أعتبرتني من مجتمع الصعاليك اللي مش من مستواهم لأني لا أملك أن أدفع قسطّي السنة كاملين مرة واحدة وانتظر التقسيط الحليم، ولكني تحملت نظراتها متحدية ولم أخضع لها وقررت المحاربة والمشاغبة رغم أنها أعفتني من حربي تلك بطلبها الغريب لزوجي -فهو الذي يدفع يا ولداه- وعليه هو وحده أن يُطالب بتأجيل الدفع لحين ميسرة.

وقد قررت أن أصعد بشكوتي إلى وزارة التعليم حتى أحصل على وعد باستلام الكتب كاملة دون الحاجة إلى دفع مصاريف التيرم الثاني، فاتصلت برقم شكوى المدارس الخاصة والذي بالمناسبة يرن وما زال يرن ويرن ويرن ولكن بلا رد، ففهمت ضمنيًا أنه على الطرف الآخر يجلس شخص أصم لا يصد ولا يرد وتأكدت يقينًا أنه في بلدنا الحبيبة الشكوى لغير الله مذلة.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق