بقلم: فيولا فهمي
بلغ مؤشر التشدد الطائفي في المجتمع مراحله القصوى وصعد زئبق ترمومتر التطرف والنرجسية الدينية لينذر بانتشار فيروس أنفلونزا التعصب الديني وتحوله إلى وباء يهدد قيم التعايش السلمي والتسامح وقبول الآخر، وقد تسلل مؤخرًا هذا الفيروس العنيد إلى ساحات الغناء حيث انتشرت على القنوات الفضائية أغنية بعنوان "اتحجبتي" لمطرب مغمور يدعى حسام الحاج، وكلمات الأغنية الغريبة والفريدة من نوعها تحث الفتيات على ارتداء الحجاب، بالرغم أنها ليست من نوعية الغناء المسمى بالأناشيد أو الأدعية الدينية ولكنها أغنية عصرية ألحانها صاخبة وتوزيعها الموسيقى راقص، ومع ذلك تقول كلمات مطلعها..
اتحجبتي؟ برافو عليكي.. أيوة كدة ربنا يهديكي.. ارضي ربك يرضى عليكي.. يهدي حال الدنيا ليكي.. والجنة تبقى موصوفة ليكي.. أيوة كدة طالما اتحجبتي يبقى برافو عليكي.....
بكلمات تلك الأغنية -عصرية الشكل ودينية المضمون- تقتحم المواعظ الدينية مجال الساحة الغنائية بلا مبرر بالرغم أن مكانها الطبيعي داخل المساجد فقط، لنجد أن المطالب بفصل الدين عن السياسة يجب أن تتحول إلى فصل الدين عن الفنون أيضًا، بدلاً من أن نفاجأ بإنتاج وبث أغاني تشجع على ارتداء النقاب وتحث الفتيات على عدم مصافحة الرجال وتدعو النساء إلى هجر العمل والبقاء بالمنزل وتهيب بالأخوة المسلمين عدم إلقاء التحية على المسيحيين، أو يقودنا التطرف والتعصب المتبادل إلى قيام إحدى القنوات الفضائية المسيحية بإنتاج وتوزيع أغنيات مسيحية مشابهة في الألحان والمضمون تقول كلماتها..
إترهبنتي؟ برافو عليكي.. ايوة كدة رب المجد يهديكي.. ارضي يسوع يرضى عليكي.. يبارك حياتك وينور الدنيا ليكي.. والملكوت يبقى تحت إديكي.. أيوة كدة طالما اترهبنتي يبقى برافو عليكي....
فالأمر في منتهى الخطورة ومن شأنه أن يهدد استقرار المجتمع الذي تربى أبناءه على أغاني المبدع محمد فوزي "فاطمة وماريكا وراشيل" وأفلام "حسن ومرقص وكوهين"، ليصحو من غفوته على ألغام ناسفة وتصبح المفجرات الديناميتية للتوترات والاحتقانات الدينية هي الأغنيات الشعبية. |