بقلم: مدحت عويضة
يعتب علينا البعض اهتمامنا بالملف القبطي فقط والحديث في كل مواقعنا وكتاباتنا وصحفنا حول موضوع واحد وقضية واحدة فقط لا غير ويطالبوننا أن نكون كُتّاب ومواقع مصرية تهتم بقضايا الوطن ككل, بل يتمادوا ليحولوا العتاب لاتهام بأننا طائفيين.
والحقيقة إنني أتعجب من أمر هؤلاء مع إنهم من خيرة شباب مصر وهم من الذين نسميهم بالمعتدلين ولا أجد رداً على هؤلاء أكثر تعبيراً من المثل المصري (لا يشعر بالنار غير الذي أكتوى بها) وإن دل توجيه العتاب على شيء فأنه يدل على الفجوة العميقة بيننا وبين إخوتنا وشركاؤنا في الوطن.
أولاً: مواقعنا وكتاباتنا لا تنحصر في الملف القبطي فقط، فنحن في خندق واحد مع الليبراليين المصريين ندافع عن حقوق الإنسان المصري ولقد كنت أنا شخصياً أول مَن دافع عن الكاتب الشاب عبد الكريم سليمان حينما صدر قرار بفصله عن جامعة الأزهر.
ومَن ينظر لمواقعنا وصحفنا وكتاباتنا بعين محايدة سوف يجد أن الموضوع الرئيسي هو الإنسان المظلوم بصفة عامة، ولقد كان للأقباط ومازال الشرف في الدفاع عن البهائيين والشيعة والنوبيين بصفتهم مواطنين مصريين وليسوا أقباط، نحن مع علمانية الدولة وفصل الدين عن السياسة ونناضل من أجل دولة ليبرالية تتساوى فيها حقوق كل المصريين بغض النظر عن دينهم وجنسهم ولونهم.
ومَن ينكر تبني الكتاب الأقباط للدفاع عن قضايا المرأة كمن لا يرى ضوء الشمس، وبما إننا قد حملنا فوق أكتافنا حمل ثقيل وهو الدفاع عن حقوق الإنسان ليس في مصر فقط بل في منطقة الشرق الأوسط وهي المنطقة الأكثر انتهاكاً لحقوق الإنسان في العالم ولما كان الأقباط هم أكبر أقلية في الشرق الأوسط بل إن عددهم يزيد عن مجموع عدد سكان ثلاث دول بالمنطقة هي تونس وليبيا ولبنان, ومع ذلك لا توجد أقلية في المنطقة تعاني من اضطهاد مثلما يعاني الأقباط!!!! وبالرغم من معاناتهم لا يوجد من يدافع عنهم غير عدد قليل من الكُتّاب المصريين، كما إن المساحة الإعلامية المخصصة لهم لمناقشة وعرض قضاياهم والدفاع عن قضيتهم ضئيلة جداً لا تُقَارن بالمساحات الإعلامية التي تهاجمهم وتهاجم مَن يساندوهم وتهاجم عقيدتهم, وتساند مَن يرتكبون جرائم ضدهم، فإن لم نكتب نحن عن الأقباط ومشاكلهم فسوف لا يجدون مَن يكتب عنهم.
ثم ماذا يكون شعوري بيني وبين نفسي وبيني وبين قرائي إن كانت هناك قضية مطروحة وكتب عنها كاتب مصري ليبرالي وأنا لم أكتب؟؟؟؟؟ والذين يتهموننا بالطائفية أتحداهم في خلال الخمس سنوات الأخيرة لو أعطوني مدة زمنية مدتها أسبوع واحد وقد خلت من اعتداء على الأقباط دلوني متى كان هذا الأسبوع الذي أخذ فيه الأقباط استراحة؟؟
الحقيقة لا يوجد فالأحداث تتلاحق فوق رؤوسنا بصفة شبه يومية مما يجعلنا نوجه نفس اللوم على هؤلاء ونطالبهم إذا كانوا ليبراليين ومعتدلين أن يضعوا أياديهم في أيادينا لنكون جبهة واحدة ضد الظلم وننصر المظلوم بغض النظر عن عقيدته، لماذا تعطي للمظلوم ظهرك لكونه قبطي وكيف تدعي إنك تدافع عن حقوق الإنسان وأنت تفعل ذلك.
ثم كيف تتهموننا بالطائفية؟؟ ونحن الذين اكتوينا بنارها, كيف تتهمونا بالطائفية؟؟ ونحن الذين كرسنا حياتنا من أجل القضاء عليها ومحوها من المجتمع المصري، متى كان القبطي طائفي؟؟ وكل حلمه العدل والمساواة, فهل أصبح طلب العدل والمساواة طائفية في هذا الزمن؟؟
إنني أدعوا كل مَن يعتبر نفسه إنسان معتدل ومدافع عن حقوق الإنسان للوقوف معنا في جبهة من أجل القضاء على الطائفية من أجل نشر ثقافة الحب والمساواة, من أجل نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر من أجل نشر ثقافة احترام عقيدة الآخر عندئذ ستجدني معك أكتب عن البطالة والعنوسة ومشاكل التعليم والسكن والمواصلات والتليفونات, فليس من المعقول أن يكون لديك مريضين واحد مصاب بفشل كلوي والآخر مصاب بأنفلونزا ولديك سرير واحد بأحد المستشفيات وتطلب أن تعطي السرير لمريض الأنفلونزا بحجة إنه بعد يومين سوف يشفى والسرير سيكون لمدة طويلة لمريض الفشل الكلوي فلربما بعد يومين ستجد مريض الفشل الكلوي وقد فارق الحياة.
Medhat-eweeda@hotmail.com |