CET 00:00:00 - 23/03/2009

مساحة رأي

بقلم: د. رأفت فهيم جندي
حضر صديقي المنزلاوي من مصر بعد غياب طال لمدة أعوام وبعد لقاء حار بيننا ذهبنا لفنجان قهوة، عاتبني لأنني لم أرد مكالمته التي هنأني بها بالعيد اعتذرت له وأنا ينتابني بعض الخجل منه لأنني فقدت رقم تليفونه، تطرق بنا الحديث لموضوعات شتى كالعادة.
وسألني المنزلاوي: هل سمعت بفتوى المفتي الأخيرة؟ لقد قال المفتي أن المسيحية لا يوجد بها نصوص تحرم تعدد الزوجات وأن الكنيسة حرمت هذا بقانون مدني في القرن الـ 17.
قلت: ولهذا قال صديقي مدحت عويضة أنه فهم أخيراً أن كلمة مفتي تأتي من الأكل الكثير للفتة.

ضحكنا سوياً وسألني المنزلاوي: هل ما قاله المفتي صحيحاً؟ وهل يوجد نص في المسيحية يحرم تعدد الزوجات؟
قلت: لن أكلمك يا منزلاوي عن ما قاله السيد المسيح أنه منذ البدء خلقهما ذكراً وأنثى, ولكن قل لي ماذا تفهم من هذا الكلام للسيد المسيح "كُلُّ مَنْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَيَتَزَوَّجُ بِأُخْرَى يَزْنِي وَكُلُّ مَنْ يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ مِنْ رَجُلٍ يَزْنِي"؟
قال المنزلاوي: افهم أن سيدنا المسيح يرفض الطلاق. 
قلت: نعم هذا صحيح ولكنه كيف يكون زانياً أن تزوج بأخرى أو تزوج بمطلقة؟
قال المنزلاوي: حقيقي يفهم من هذا أن طلاقه مرفوضاً ويكون قد صار له امرأتان ويكون في هذه الحالة زانياً لأنه جمع امرأتين في وقت واحد, فهمتها جيداً هذا حقيقي كلام لا لبس فيه أن المسيحية تعتبر تعدد الأزواج زنا.
قلت: وأيضا من تزوج بمطلقة فقد زنى, لأنه في هذه الحالة يكون للمرأة زوجان, زوجها القديم الذي لم يعتبر السيد المسيح أنه قد ذهب عنها وزوجها الجديد. 
قال المنزلاوي: ولكنكم تحللون الطلاق أحياناً.
قلت: نعم في حالة الزنا فقط.

سأل المنزلاوي: هل يذهب المسيحي ويزني لكي يطلق زوجته؟
قالت: في هذه الحالة تحكم الكنيسة بالطلاق ولكن يعطي تصريح الزواج فقط للطرف الذي لم يخطئ.
قال المنزلاوي: وما معنى إذا ما قاله الرسول بولس عن شروط اختيار الأسقف أنه يكون بعل امرأة واحدة, ألا يدل هذا على أن بعض المسيحيين كانوا متزوجين بأكثر من واحدة؟
قلت: يعني أنه لم يتزوج مرة أخرى بعد وفاة زوجته فأن الرجل الذي تزوج بعد وفاة زوجته لا يُختار للكهنوت. 
قال المنزلاوي: ولكن لماذا شرع الله لكل الأنبياء بتعدد الأزواج؟
قلت: الرب الإله لم يشرع بهذا ولا يوجد أي تشريع في العهد القديم بتعدد الأزواج.
قال المنزلاوي: كيف وكل الأنبياء فعلوها؟
قلت: أولاً ليس الكل, ثانياً البشر جميعهم ومنهم الأنبياء كانوا يفتقدون للنعمة الإلهية قبل المسيح ففعلوا هذا ولكنه لم يكن تشريعاً من الرب الإله.
قال المنزلاوي: ولكنكم ما زلتم تقرأون كتب العهد القديم وتصلون بمزامير داوود.
قلت: ما كتبه الأنبياء قبل المسيح كان بالوحي الإلهي, ولكننا لا نأخذ كل حياتهم مثلاً لنا بل نرى أخطاءهم ونحاول أن لا نقع فيها. وبعض المسيحيين يسلكون في التبتل والرهبنة وكان هذا نادراً جداً في العهد القديم، المثل الوحيد الكامل لنا هو السيد المسيح والذي أيضاً لن نصل لنكون مثله لأنه كلمة الله المتجسد.
قال المنزلاوي وهو يحك برأسه: فهمت قصدك, هؤلاء كانوا عظماء في وقتهم.
قلت: نعم ومازلنا نطبق قواعد فيثاغورث وأرشميدس بالرغم من اتساع المعرفة عن زمنهم.
قال المنزلاوي: ولكن الله لم يدن تعدد الزوجات في العهد القديم قبل سيدنا المسيح فهو يكون محللاً الآن.
قلت: بالرغم من أن البشرية كانت تعوزها نعمة الله قبل المسيح فلم يشرع الله تعدد الزوجات ولكن بعض الأنبياء فعلوا هذا ولم يدنهم الله لأنه عالم بمدى ضعف البشر قبل حلول نعمته عليهم, فهل يعقل أنه في وقت النعمة بعد المسيح يشرع الله تعدد الزوجات؟ وكما قلت من قبل المسيح اعتبر جمع أكثر من زوجة أو أكثر من زوج زنا, فهل تظن أن الله ينحدر بتشريعاته بعد هذا؟
قال المنزلاوي: وما حكم الكنيسة على الذين لجئوا للطلاق المدني والزواج المدني في المجتمعات الغربية؟
قلت: المسيحية تفتح باب التوبة والعودة من كل خطيئة مهما كانت لأننا في عصر النعمة. 
قال المنزلاوي: لا أفهم ما معنى النعمة؟
قلت : صلح البشر مع الله بموت المسيح, وحلول روح الرب الإله على البشر بعدها.
قال المنزلاوي مبتسماً: هذا موضوع طويل سيطول الكلام فيه.
قلت: نعم وأنت ما زلت تعاني من فرق التوقيت بين هنا ومصر.
قمنا على أن نلتقي مرة أخرى.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٦ تعليق