بقلم: نبيل المقدس
العظيمُ حقاً ... هو الذي يَعرفُ كيف يضع التاج الملكي علي رأس الخدمة , فيكون له هذا الإتضاع الذي يَرفعهُ علي عرش قلوب أتباعهِ , ويتوجه بتيجان محبتهم وتقديرهم. فنحن لنا مثال رائع في طبيعة الرب يسوع , فيذكر يوحنا في إنجيله 13 : 3 - 11 [ يسوع وهو عالم أن الاب قد دفع كل شيء إلي يديه وأنه من عند الله خرج وإلي الله يمضي , قام عن العشاء وخلع ثيابه وأخذ منشفة وأتزر بها ...... وبدا يغسل أرجل التلاميذ وينشفها بالمنشفة] هكذا نحن نبتغي مِن مَن ننتخبهُ إن كان رئيساً للدولة أو نائباً لمجلس الشعب, أن يكون متواضعاً ويخلعُ تاج السلطة ويَضعهُ علي الشعب. نحن لا نريد منه أن يصل إلي غسيل أرجلنا ... حاشا ... فهذا العمل هو قمة التواضع لا يستطيع أحداً أن يقوم به إلاّ رب المجد ... لكن علينا بإنتخاب كل من نجد فيه الإستعداد أن يصير عبداً وليس رئيساً ... أن يصير الساقي والخادم وليس المخدوم .
كنت قد قرأت كتاباً للكاتب دونالد هانكي بإسم [ القائد المحبوب] , حيث يصف فيه مقدار عناية ورعاية القائد بجنوده في مَعمعةِ إحدي المعارك , وتقول الرواية أن هذا القائد وجنوده قد أ ُجبروا علي السير مسافة طويلة لكي يصلوا إلي الهدف المنشود , فكان هذا القائد المحبوب يقوم بنفسه الكشف علي أرجل جنوده كل حين وحين , وكان يقوم بنفسه بمعالجة أرجل جنوده بيديه لو تورمت أو إلتهبت بالركوع علي ركبتيه ويفحص ويداوي أرجلهم ... مما يدل علي أنه كان متواضعا إلي حد كبير وفي نفس الوقت لم يفقد كرامته كرئيس أو كقائد ... لذلك أطلقوا عليه [ القائد المحبوب] .
نحن علي أبواب إستخراج بطاقات الإنتخابات لكل من ليس معه بطاقة إنتخابية ... أتمني من كل قلبي أن نبدأ من الآن تجهيز ما يمكن تجهيزه من أوراق رسمية لكي نتقدم بها وأن لا يكون هناك أي عائق في وقف إجراءات إستخراجها ... وخصوصاً كل من إنتهت صلاحية بطاقته الشخصية عليه بتجديدها من اليوم .
نحن نريد أن نختبر قوتنا الذاتية ... نريد أن نستخدم إيماننا في حل قضيتنا ... نريد أن نُثبت لمصر وللعالم أننا مصرييون أصحاب البلد ... نريد أن نُظهر لهم أن قلوبنا وعقولنا من أجل تنمية مصر ... نريد أن نُظهر لهم أنه لنا القدرة والقوة علي تغيير الإتجاه السياسي بأعدادنا والتي تصل إلي 15 مليون نسمة ... نريد أن نُعطي درساً في من هو الذي يستحق أن يكون الرئيس أو النائب من تعاليمنا المسيحية ... فهو هذا الشخص الذي يرتضي أن يغسل أرجل شعبه . أنا هنا لم أقصد المعني الحرفي ... بل أقصد هذا الشخص الذي ينسي ذاته , ويُجند وقته لمصلحة شعبه. نحن نريد أن مَن نختاره يكون له سجل كفاح سابق , وتاريخ ناصع البياض , وأعمال مجيدة خدمت الشعب بالفعل قبل أن يكون رئيساً أو نائباً . نريد أن نتعلم بمطالبة كل من يرشح نفسه أن يقدم برنامج أعماله السابقة ... فأساس الإنتخاب لشخص معين هو: من كان أو يكون هو ؟؟ وليس من سيكون هو ؟؟؟ ... وكذلك ... ماذا كانت أعماله ؟؟ وليست ما سوف يقوم به من أعمال..!!
وما أتعجب له أن كثيرين من أهل أي منطقة بل أكاد أقول جميعهم لا يعرفوا إسم أو شكل ما ينوب عنهم في مجلس الشعب أو الشوري ... وبحكم مكان محلي والمتواجد في قلب الأحياء التي تجمع في أحضانها جميع شرائح الطبقات الشعبية لا يعرفون من هو نائبنا ؟!... وشر البلية ما يُضحك أنهم علي علم تام بأسماء رؤساء المباحث وظباطها وأمناء شرطة المباحث , لأنهم يومياً متواجدين بالميكروباس لكي (يلموا) الهاربين من الأحكام , أو لكي يقبضوا علي شباب يتعاطون ويتاجرون في الممنوعات . أو جاءوا لكي يفضوا خناقات بين زوج وزوجة أو بين عائلتين بسبب مشبك غسيل وقع علي رأس الذي يقطن في الدور الأسفل منه ... أو يأتون لكي يحلوا مشكلة بين أهالي عمارتين كل منهما تريد إزاحة أكوام الزبالة من أمام عمارتها إلي العمارة الأخري ... أو يأتون لفض مشاجرة بين جارين لمن له الأحقية في ركنة سيارته في هذا لمكان ... أو يأتون لحل مشكلة طلمبات مياه تعمل علي حساب مياه في بيوت أو عمارات أخري ... كما أن أبناء حي المنطقة علي دراية تامة بمباحث مجلس الحيّ ... فتجد هناك نوضرجية منتشرين في المنطقة , لكي يخبروا كل من هو مخالف وخصوصاً بائعي الطيور الذين اتخذوا عرض الشوارع الجانبية أسواقا لهم ... كذلك لكي يخبروا أصحاب المقاهي والتي هي وكر لممارسة لعب القمار وكركرة الشيشة ... أما الصوان الذي يُقام في غفلة من الزمان لكي يقيموا فيه الأفراح , حيث تكون فرصة للموسيقي والأغاني الهابطة تلعلع في أجواء المنطقة حتي أنها أصبحت وسيلة لإزاحة السحابة السوداء. أين هؤلاء النواب من كل هذه الفوضي التي ملأت الشوارع وأصبحت من طبيعة الشوارع المصرية ... أكيد النواب يدركون علماً بكل هذه الأعمال الدنسة , لكنهم (ودن من طين و ودن من عجين) .
أنتخب شخصاً يقوم في الحال لوضع حد لمهزلة التحرش الذي إنتشر بين أغلب الشباب وبعض من شيوخ الشعب . أنتخب شخصاً لا يكيل بالمكيالين لمجموعة الأقليات . أنتخب هذا الشخص الذي يسعي في فصل الدولة عن ديانة الأغلبية , وتصحيح أو تعديل هذه البنود التي تؤول إلي تديين الدولة . أنتخب هذا الشخص الذي يراعي الفقير قبل الغني .
أتمني أن أري بعض خريجي كلية السياسة والإقتصاد متواجدين في الترشيحات عن طريق إنتمائهم للأحزاب ... وهذا هو الصح ... فنحن نلاحظ أن جميع المرشحين في البرلمانات لجميع الدول المتقدمة هم خريجي معاهد سياسية أو إقتصادية , وبمجرد تخرجه منها ينتمي إلي حزب من الأحزاب الموجودة علي الساحة ... فالنائب هناك نجده مارس الحياة النيابية منذ شبابه إما عن طريق تعينه من ضمن مساعدي النائب الموجود أصلا في البرلمان أو عن طريق تواجده الدائم في محيط العمل السياسي, أو يكون أستاذا في العلوم السياسية بالجامعات . لم نسمع عن عالم نال جائزة نوبل أو اي جوائز عالمية أو محلية أنه رُشح للوزارة أو ان يصير نائبا أو حتي يصبح رئيساً للبلاد.
وبصراحة ... علينا أن ننتخب من يبدو لنا في إهتمامه ولمساته المتواضعة الرقيقة رمزاً للمسيح فيما فعله مع تلاميذه , فهذا يجعلنا نزداد حباً وإحتراماً له . إن الذي يعرف ينحني جيداً هو الذي نتوجُههُ رئيساً أو نائباً , وتظل ذكراه ناطقة خالدة لا تنقطع في مخيلتنـــــــــا .... لذلك أنتخب .... من يغسل رِجلَيَّ......!!!!!!
|