بقلم: عماد توماس
يروى فى نوادر جحا، انه ذات يوم ذهب للصلاة ، وبعد ان انتهى من الصلاة، خرج فلم يجد حذاءه، صرخ بأعلى صوته، تجمع المصلين والمارة حوله، شجب وندد بأعلى صوته، وهدد قائلا: اذا لم يرجع الحذاء فسأفعل مثلما فعل والدى، اقترب منه احدهم وسأله هامسًا ومتوجسًا خفيه، ماذا فعل والدك عندما ضاع منه الحذاء؟ اجابه جحا : رجع الى بيته حافيَا !! اى انه لم يفعل شئيا غير البكاء والندب !!
لا أعرف لماذا تذكرت هذه الروايه، كلما حدث إعتداء على الأقباط المسيحيين أو تمييز دينى ضدهم، او ازدراء بالكتاب المقدس على صفحات جريدة قومية، او نشر رواية مسيئة، فتراهم يندبون ويشجبون، يبكون ويصرخون وفى النهاية لا يفعلون شيئا غير الشجب والندب مثلما فعل جحا !!
هل يتعلم الأقباط الدرس من البهائيين، فى طريقة سعيهم نحو الحصول على مطالبهم الشرعية؟ وكيف ناضلوا بدون بكاء ونحيب، وكيف ذهبوا وأحتموا بالقانون ولم ييأسوا على مدار 5 سنوات من مماطلات وتأجيلات المحاكم ، سعوا للحصول على تدوين علامة الشرطة "ــــ" فى البطاقة الشخصية، وحصلوا عليها برغم قلة عددهم، فهل يتعلم الأقباط كيفية النضال مثلما فعلوا، من خلال مناشدتهم عبر وسائل الإعلام وطريقة عرض قضيتهم بدون تهوين أو تهويل.
كثرة البكاء لم ولن تحل اى مشكلة، وذكريات الماضى الحزين وتكرار الصعاب التى عانى منها الأقباط لن تفيد فى تعاطف الآخرين مع القضية القبطية، تكرار البكاء فى كل إعتداء أو حادث طائفى، يضعف من تعاطف الآخرين، فالطفل الذى يبكى طوال الوقت بسبب أو بدون سبب، يجعل الاخرين يغضبون منه ويحاولون الابتعاد عنه، حتى لو كان بكاءه نتيجة معاناته من ألم داخلى حقيقى . النضال عبر الانترنت بـ"أسماء مستعارة" لن يعطى مصداقية أمام الآخرين، الارتكان للسلبية وعدم الإستعداد لدفع التكلفة لن يحل اى مشكلة من مشكلات الأقباط فى مصر.
يفشل الأقباط المسيحين فى وضع حلول ناجحة لمشاكلهم لأسباب مختلفة سواء كانت داخلية أو خارجية، منها عدم توافر معلومات كافية أو صحيحة عن المشكلة، التهويل من عرض المشكلة وتكرارها، اساءة تفسير المشكلة ، التسرع فى اصدار الأحكام فور حدوث مشكلة، فعند اختفاء فتاة قبطية يكون الحكم انها اختطفت بدون التحقق من الأمر. بالإضافة إلى عدم التحرك الجماعى لاتخاذ اسلوب مناسب وموحد لعرض القضية، ناهيك عن مزاعم البطولة والانفراد الذى تتخذه بعض من منظمات حقوق الانسان القبطية، وحالة "البلبلة" الغير جادة فى عرض المشكلة واظهارها.
للتعامل الجيد والفعال مع مشكلات الأقباط نرَ ان هناك عدة خطوات يجب إتباعها منها:
1- تحديد المشكلة وجمع المعلومات اللازمة والتيقن منها، ومعرفة الأسباب التى أدت لحدوث المشكلة.
2- عدم التهويل من عرض المشكلة والتعبير عنها بمفرادات لغوية موضوعية.
3- عدم "التنميط" وإصدار أحكام مسبقة.
4- وضع حلول مقترحة ممكنة غير تعجيزية للمشكلة، وتبادل الأفكار والرؤى حول هذه الحلول.
5- مراجعة وتقييم الحلول وإتخاذ المناسب منها.
6- تنفيذ الحل المقترح، بخطوات محددة ، ومواعيد زمنية، ومسؤليات محددة.
7- استقطاب اخرين داعمين ومعاونين لحل المشكلة.
لعل هذه الخطوات المقترحة تكون عونَا فى سبيل حل المشكلة القبطية فى مصر، التى تحتاج لتكاتف جميع المسيحيين مع المسلمين المستنيرين، وحتى لا يكون مجرد بكاء على اللبن المسكوب أو صوتا عاليًا وشجبًا مدويًا بدون فعلا ايجابيًا...مثلما فعل "جحا" !! |