بقلم: مجدي جورج
تتوالى هذه الأيام الأحاديث حول مساعي الحزب الوطني الحاكم في مصرنا الغالية لعقد بعض الصفقات مع بعض القوى السياسية في مصر من أجل تحقيق أهدافه وأهمها استمرار استئثاره بالحكم وتمرير ملف التوريث بدون أي معوقات أو منغصات داخلية أو خارجية.
فها هي الانتخابات الرئاسية لعام 2011 تقترب وتقترب قبلها أيضًا انتخابات مجلس الشعب والشورى لعام 2010، والكل يتحرك في محاولة للحصول على أي جزء من هذه الكعكة. الكل بلا استثناء وعلى رأسهم الحزب الوطني الذي يريد أن يلتهم الكعكة وحده والإخوان المسلمون الساعين لاقتطاع أي جزء من هذه الكعكة أو حتى اختطافها كلها من فم الأسد، كذلك يقف من بعيد مجموعة من أحزاب المعارضة كالوفد والتجمع والناصري والغد والجبهة الوطنية وغيرها، وغير بعيد عن هذا كله توجد المرأة التي نجحت في اقتطاع جزء من هذه الكعكة حتى قبل الأوان بنجاحها في الحصول على كوته خاصة بها أعطتها 65 مقعدًا من مقاعد مجلس الشعب القادمة.
الكل يحاور ويناور ويعقد الصفقات المشروعة وغير المشروعة لأن العملية السياسية تقتضي ذلك، والسياسة كما تعلمنا هي فن الممكن. فها هو الحزب الوطني بدأ الإعداد لالتهام كل الكعكة لو أمكن بالعمل على تمرير أهم خطوة يأملها وهي الاحتفاظ بكرسي رئاسة الجمهورية من خلال خطوة التوريث المرتقبة من الأب الرئيس الحالي إلى الابن الرئيس القادم.
ومن أجل إنجاح هذه الخطوة لا بد من منع أي منافس يظهر في الصورة، وقد فعل الحزب الوطني المستحيل من أجل هذا المنع من المنبع وذلك عن طريق:
- التعديل الدستوري الذي شمل المادة 76 من الدستور التي نصت على الآتي: "يُنتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر, ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم المستقل للترشيح250 عضوًا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى, والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات, على ألا يقل عدد المؤيدين عن 65 من أعضاء مجلس الشعب, و25 من أعضاء مجلس الشورى, وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبي محلي للمحافظة من 14 محافظة على الأقل, واستكمال الـ 20 الباقين من المجالس النيابية والمحلية".
كما ينص على أن "للأحزاب السياسية التي مضى على تأسيسها خمسة أعوام متصلة على الأقل قبل إعلان فتح باب الترشيح, واستمرت طوال هذه المدة في ممارسة نشاطها مع حصول أعضائها في آخر انتخابات على نسبة 5% على الأقل من مقاعد المنتخبين في كل من مجلسي الشعب والشورى, أن ترشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئتها العليا وفقا لنظامها الأساسي متى مضى على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل.
ولكن مع كل هذه الشروط المانعة فإن الحزب الوطني شرع في عدة خطوات أخرى وذلك لتخوفه من أن ينجح أحدهم في تخطي كل هذه الحواجز ويمر من جميع العقبات ويترشح للرئاسة ومن هذه الخطوات الإضافية:
- كوته المرأة.. فتحديد عدد 65 على الأقل من مقاعد مجلس الشعب القادمة للمرأة هي خطوة ليست من أجل عيون المرأة، فهذا النظام لم يحترم أبدًا أي بشر كي يأتي اليوم ويحترم المرأة، بل هي خطوة سيستفيد منها النظام من أجل زيادة نصيبه من أعضاء مجلس الشعب في الانتخابات القادمة وبالتالي المساهمة في تمرير ملف التوريث دون عقبات.
- الصفقة التي تتداولها الصحف هذه الأيام والتي قيل أن الحزب الوطني عرضها على أحزاب المعارضة، فقد قيل أن الحزب الوطني عرض على الوفد 30 مقعدًا وعلى التجمع 25 مقعدًا وعلى الناصري 20 مقعدًا من مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات القادمة سيسهل الحزب الوطني والنظام القائم لهذه الأحزاب الفوز بها نظير امتناع هذه الأحزاب عن التحالف مع الإخوان المسلمين أو مع أي حركات احتجاجية ضد التوريث، ومن أجل عدم انتقاد التوريث أو التحدث عنه في صحف هذه الأحزاب.
وقد وردت بعض الأنباء التي قالت أن هذه الصفقة أحدثت بعض الانقسامات في حزب الوفد ما بين مؤيد لها وقابل لها وما بين معارض لها تمامًا، بحجة أنها تفقد الحزب مصداقيته، وما بين قابل للصفقة مع محاولة تحسينها وزيادة الغلة من المقاعد .
كل هذا يجري حولنا كأقباط ونحن ساكنون وسنخرج من مولد التوريث بلا حمص.
فالكل يسعى لتحسين مواقعه إلا نحن كأقباط، فلا زلنا نعطى للنظام شيكًا على بياض.
وكما حدث في الانتخابات الماضية 2005 عندما أعطينا أصوتنا وتأييدنا الكامل لمبارك قائلين أنه أفضل من غيره، ومع ذلك لم نجني على يديه إلا الحصرم فلم يمر يوم منذ انتخابه إلى الآن إلا والأنباء تأتى إلينا بالاعتدات التي تقع على الأقباط في كل نواحي مصر، من حرق للكنائس إلى خطف وأسلمة القاصرات إلى قتل الشباب والشيوخ والأطفال وآخر هذه الأحداث ما حدث أول أمس السبت 24 أكتوبر بديروط من حرق كنائس ومباني وأملاك الأقباط هناك ومن قبلها قتل قبطي هناك أيضًا بأكثر من مائة رصاصة والتمثيل بجثته.
ورغم كل ذلك فإننا لم نتعلم الدرس وها نحن نرتكب الخطأ للمرة الثانية، فها هي الأنباء تأتي إلينا حاملة تأييد الكنيسة لانتخاب جمال مبارك كرئيس للجمهورية وذلك بدون أن يحصل الأقباط على أي شيء من جمال مبارك الذي انتقد منذ مدة بشدة الدعوة لكوتة قبطية، ومع ذلك لم يقدم لنا أي فكرة حول كيفية إيجاد آلية مناسبة لتمثيل الأقباط تمثيل عادل أو حتى وعد بحماية الأقباط والاقتصاص من الذين يعتدون عليهم. . |