CET 00:00:00 - 28/10/2009

مساحة رأي

بقلم: د. صبرى فوزي جوهرة
تفضل قارىء كريم من رواد هذا الموقع باسم مدحت بالتعليق على مقالى الاخير المعنون "رسالة الى المؤتمر المرتقب بفيينا" بلغة انجليزية سليمة  تنم عن تعليم لا بأس به, و التعليم لا يجلبمعه دائما سلامة المنطق و صحة التفكير. باختصار يؤاخذنى السيد مدحت "بحشر" تاريخ حصار فيينا بلا مسوغ الى جانب المطالبة بحقوق الاقباط  و تسائل سيادته عن العلاقة بين الامرين, ثم  تفضل سيادته بتحدى التاريخ مبينا ان الحصار قد تم فى " العصور الوسطى" و لم يكن سوى نتاجا لمناورات ذلك العصر السياسية   (politics)  بين خليفة المسلمين و "قوى اوروربية" لم يتكرم سيادته بتحديد ماهيتها. فنفى بذلك  ضمنا صفة عدوان خليفة الاسلام بلا مبرر على دولة مسالمة ذات سيادة. كما ان سيادته لم يتفضل بشرح او اسباب او طبيعة هذه "المناورات", و باستخفاف مريب ارجع عدوان العثمانيين المؤكد باصرارهم على حصار المدينة لعدة اشهر و محاولتهم اقتحامها عدة مرات خلال هذه  الفترة الى نوع من المداعبة, و ان مثل هذا الهزار كان من الامور المعتادة – و بالتالى المقبولة -  بين امبراطورية شديدة البأس و مدينة مسالمة  لم تبدى رغبة فى المشاركة فىمثل هذا الهزار الثقيل. ارخ الاستاذ مدحت وقوع حصار فيينا المشار اليه فى "العصور الوسطى" بينما اتفق باقى العالم على حدوثه فى عام ,1683 اى فى عصر التنوير الاوروبى. وربما كان لهذا اللبس ما يفسره. فافكار الاستاذ مدحت قد تأصلت و ثبتت على ما انتجت عصورهى فى تتابعها وقعت ما  قبل العصور الوسطى, و ما زالت هذه الافكار تسيطر على المعتدين. مازال الحث على القتال حتى يتفوه العالم بالشهادتين قائما, و ما زال الظن بان اكثر من بليون من البشريقولون عن انفسهم انهم خير امة اخرجت للناس, و ان الخالق لا ينظر باى اعتبارغيرهم! عقول عصور ما قبل الوسطى ما زالت عند البعض متحجرة  تبتغى التسلط و العدوان, لم ينالها اصلاح (reformation) و لا تبدو علامات تغيير فى افاقها. افكارما قبل العصورالوسطى تصارع زمان ما بعد الحداثة.

أما عن اهل فيينا  فلم ينسوا ما حاق بمدينتهم و باجدادهم على ايدى الخليفة العثمانى و مجاهديه. فعند  زيارتى الاولى للمدينة فى سبتمبر من عام  1981 و كان ذلك ما قبل شيوع الارهاب الاسلامى و انتشاره العالمى, لم يكف المرشد الذى اصطحبنى فى زيارتى  عن الحديث عن محاولة الاتراك الاستيلاء عل مدينته. لم تغفل هذه الذكرى عن اهلها مطلقا. فيينا تذوقت مداعبات المجاهدين فى سبيل الله الداعين بالذوق او بالعافية الى اعتناق دينه الحنيف. و من هنا جاء وعى اهل المدينة و تفهمهم لكرم ما قد يجلبه عليهم الشرق من نعم! فهل يسمح لى الاستاذ مدحت باسترجاع ذكريات عدوان قد مضى و ربطها بعدوان يقع على اهلى و ذوى اليوم؟ لقد كانوا يقطعون السنة الاقباط عندماكانوا يستطيعون, اما الان فهم يريدون تكميم افواهنا و الحجر على افكارنا!
يا استاذ مدحت, دعنى ارشدك الى حقيقة قد غابت عنك وهى ان الطبيب الناجح يسعى الى القضاء على اسباب الامراض و ليس التحايل على اعراضها. هل فى مقدوركم تفسير السلوك العدوانى فى نصوصكم تفسيرا ينهى اذاها؟ هل لكم الرغبة و المقدرة على اسقاطها  و ازالتها و استبدال ماتحث عليه من كراهية و قتال بتعاليم تتقبل الاخرين و احترام آدميتهم و حقوقهم؟ لم يبدر منكم الى الان ما يشير الى ذلك بل لعلكم لا تستطيعون.  واقع الامر ان هناك عداء اسلاميا و كراهية متأصلة فى نفوس الجهلاء منكم, وما اكثرهم, لغير المسلمين. و من الواضح ايضا ان العالم لم يسمع بعد الى صوت قوى من بين صفوفكم يشجب العدوان و يعلن انتهاء زمنه (حتى كده و كده – يعنى من قبيل التقية), فهل انت متقبل لهذا الصمت؟ و ان لم تكن فماذا فعلت او قلت لوقف الفكر و الممارسات العدوانية ولا سيادتك مش واخد بالك منها .انت و غيرك من المسلمين العقلاء المثقفين المهذبين؟

ثم تسائل الاستاذ مدحت عن جدوى "تعبيراتى الكارهة" (و اعتقد انه يعنى للفكر الاسلامى) و كيف ان هذا" سينفر المسلمين غير الراضين عن الوضع" و لم يذكر لنا اى وضع يقصد: هل هو اضطهاد الاقباط ام فشل الدولة وتدنى احوال الوطن الى اسفل الدرجات منذ حكم الاتراك و المماليك؟ فكلها قائم. اما عن مساندة قضية الاقباط فليس بين السواد الاعظم من المسلمين من يفعل ذلك بل انهم يمارسون الكراهية ضد "اخوتهم فى الوطن" الى اقصى الحدود و يتفننون فى ايجاد الوسائل المبتكرة لتعظيم الاذى و لا امل فى ان تستقيم الاحوال ف حيث ان الغالبية العظمى تتعاطى افيون الشعوب بنهم و هوس و ادمان. اما الحفنة القليلة من المسلمين الواعين فلا حول لهم و لا قول يسمع. و هم يعلمون بضرورة اصلاح الاسلام لكنهم  لا يجرئون على الافصاح عما يعتقدون خوفا و حفاظا على ذواتهم. ملخص  القول يا استاذ مدحت ان الاقباط لا ينتظرون انصافا منكم و لا يضيرهم عدم رضاكم عنهم فقد انعدمت نيتكم فى الرجوع عن اخطائكم و عجزتم عن اصلاح الذات حتى و ان اردتم. وما دام المر كذلك, دعنا نحن الاقباط نوقذ ضمير العالم و نوجه الانظار الى الخطر المحدق به و بنا و بمصرنا, حيث انه ليس هناك من يعانى من ويعى و يتفهم مقدار هذه الكارثة مثل اقباط مصر.

اما احط ما جاء به الاستاذ مدحت من لغو فهو الخيال السقيم و محاولة استعراض معرفة فجة بالطب مدعيا  اننى الجأ الى "الاستمتاع الذهنى بالتعبيرعن الكراهية للاسلام و المسلمين" ينتج عن افرازمادة الاندومورفين فى الدم التى تسبب الشعور بالارتياح و الرضا. فقد وصل التبلد و فقدان البصر و البصيرة الى الاعتقاد بان قبطيا ثائرا على المظالم و الانتهاكات التى يعانى منها ذويه يستثير ذاته بالحديث عن الالام طلبا للاستمتاع! هل رأيتم مروقا و استهتارا بمشاعر الغير اعظم من هذا؟  اى فكرهذا و من اى عقل نضح؟ رؤيا مخلوق مريض يسقط احواله على الاخرين.
يا سيد مدحت, لا يخفى على احد اننى لست مقتنعا بالاسلام كعقيدة او شريعة او فكر او ممارسات,  و الا لاتبعته  و استريحت! اما كرهى للمسلمين فهو امر ينفيه عنى تمسكى بتعاليم  السيد المسيح التى تنهى عن الكراهية وتحض على المحبة,  حتى محبة الاعداء, و ليس لى بين المسلمين اعداء بل ان كل عدائى ينصب على ما يفعله البعض منهم تجاه غيرهم من بنى البشر.
لست انا من يستحث الاندومورفين بداخله بالكتابة "ضد الاسلام و المسلمين"  بل انت و امثالك الذين يتناولون جرعات مخيفة و متزايدة من هذا المخدر اللعين المدمر: الافيون...افيون الشعوب (طبعا انت تعلم اى "ماركة" منه),  لعلك تفيق فى لحظة تنقشع فيها الغيبوبة عنك وتعى بما احاط بك و غلفك و اغرقك فى الضلال و الهوان.
ربنا يكون فى عونكم.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٨ تعليق