بقلم: منير بشاى فى زيارتى الأخيرة لمصر بعد غيبة طويلة تكرر هذا المنظر أمامى. رجل يستوقفه رجل آخر ثم تسمعهما يتبادلان عبارات الحب التى تشبه الغزل. يرددان كلمات مثل: حبيب روحى... حتة من قلبى... إلخ... وأعترف أن هذه الكلمات العاطفية كانت تصدمنى فى البداية، ففى الثقافة الغربية التى تعودت عليها لا تسمع عادة كلمات الحب بين نفس النوع. ثم يتطورالأمر فبعد كلمات الحب يأتى دور الأحضان والقبلات. وهنا أجدنى أقول لنفسى: لا.. الموضوع زاد عن حده. وتبدأ تداخلنى الشكوك فى هوية الرجلين. ولكن قبل أن يتمادى تفكيرى فى هذا الإتجاه أفيق لأذكر نفسى أننى فى مصر، وأن هذه هى الطريقة المصرية، وأنها غالبا تعبيرات بريئة لا تدل على أى إنحراف. وأتصور أنهما ربما رجلان يحبان بعضهما جدا ولم يقابلا بعضهما منذ عدة سنوات. ولكننى أفاجأ عندما أعلم أنهما فى الحقيقة كانا معا منذ أيام. ولكن المفاجأة الكبرى تحدث بعد أن يفارق الواحد الآخر. فما أن يدير الرجل ظهره للآخر حتى يبدأ الرجل يقول رأيه الحقيقى فى الرجل الآخر، ويسرد كل عيوب الدنيا فيه والتى تغطيه من هامة رأسه الى أخمص قدميه . وهنا لا أملك إلا أن أتساءل فى نفسى: سبحان الله!! أمال لو كانوا حبايب بصحيح.. كانوا عملوا إيه؟! عبارات المديح والإطراء التى لا تعنى شيئا أصبحت جزءا كبيرا من قاموس مفرداتنا اللغوية. وهذا أفرز المثل الشعبى القائل: أسمع كلامك يعجبنى أشوف أعمالك أتعجب. ومن كثرة ترديد عبارات المديح الكاذبة فقدت تأثيرها وأصبح الناس لا يعيرونها أى إهمية ويعتبرونها مجاملات جوفاء لا قيمة لها. وهذا دفع البعض إلى خطوة أخرى وهى محاولة تأكيد كلامهم بإضافة القسم. بل ولا حتى لو حلف الانسان ستين يمين سيجعل الناس تصدقه طالما كان واضحا أن ما يقوله كذبا. الرياء رذيلة تفوق غيرها من الرذائل لأنها رذيلة مركبة تجمع عدة رذائل فى حزمة واحدة. الرياء يشمل الكذب والجبن والكراهية والإغتياب والخداع والأنانية. ولذلك لم يكره السيد المسيح خطية قدر كراهيته لخطية الرياء. فلقد كان السيد المسيح محبا للعشارين والخطاة (لوقا ٧:٣٤) ورحوما غفورا للزناة والزانيات (يوحنا ٨:١١) ولكنه كان عنيفا موبخا ومدينا للمرائين حتى ولو كانوا من كبار رجال الدين. وقد وبخ السيد المسيح الكتبة والفريسيين قائلا "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلون يدخلون. ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تأكلون بيوت الأرامل ولعلة تطيلون صلواتكم لذلك تأخذون دينونة أعظم" (متى ٢٣:١٣-۱٥). لكل مرضى الجسد والروح رجاء فى العلاج إلا مرضى الرياء. وذلك لسبب بسيط أن المريض بالرياء لا يعرف أنه مريض ولذلك فهو بالتالى لا يطلب العلاج، ومن لا يطلب العلاج لا يجده. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٢ صوت | عدد التعليقات: ٤ تعليق |