CET 00:00:00 - 28/10/2009

حوارات وتحقيقات

لا مستقبل للمسيحيين بالشرق الأوسط على المدى البعيد.
المسيحي بالعراق يعيش الآن غربة داخل وطنه.
لبنان ليس المكان الأفضل للمسيحيين العراقيين.
الدين والسياسة لا يلتقيان بأي حال من الأحوال.
الكهنوت دعوة إلهية يستجيب لها الفرد بالإيمان.
بالكهنوت صرت إنسانًا جديدًا لا يعرف الكبرياء.
كتبي أكثر من خمسة وثمانون كتاب في مختلف المجالات.
حوار: مارغريت خشويان - مديرة موقع طيباين الصادر عن الرابطة السريانية


* بطاقة تعريف بك جناب الأب سهيل ماذا ستكتب بها؟ 

المجررة مع جناب الأب سهيل أنا سهيل بطرس متى بهنام اسحق إيليا قاشا، وُلدت في بلدة قره قوش (باخديدا) مركز قضاء الحمدانية في محافظة نينوى جنوب شرقي الموصل بـ35 كيلومتر. تلقيت دروس الإبتدائية بمسقط الرأس وأكملت الإعدادية والثانوية في الموصل، وتخرجت من جامعة الموصل –قسم التاريخ عام 1987، علمًا أن ولادتي تمت عام 19420.

* ما هو سبب اختيارك للكهنوت حياة وعملا؟
- الكهنوت دعوة إلهية يستجيب المرء لها بقناعة وثقة بوفور الإيمان، وهذه الدعوة وإن أتت متأخرة، إلا أنني كنت مستعدًا لها منذ صباي، خاصة بعدما علمت أنني في الكهنوت أستطيع أن أعطي أكثر وأعلم أكثر للفائدة الروحية داخل الكنيسة بتعاليم الإنجيل التي أعتبرها حياة وليست كلامًا فقط، بل عطاء دون لقاء.

* ماذا غيّرت الحياة الروحية في شركتك مع الآخرين؟
- شتّان بين المادة والروح، فأكيد الحياة الروحية غيّرت في طبعي وتصرفاتي وسلوكي وتعاملي الاجتماعي مع الآخرين، فأعتقد كان لدي بعض الشعور بالغرور والكبرياء والأنانية وغيرها، لكن بحلول الروح القدس في الكهنوت شعرت ولمست أن ما كان لدي مما ذكرت قد تبخر ولم أعد اقترب إليه ولا أمارسه في حياتي اليومية، بل قمت أعطي أكثر مما آخذ وأبذل الذات في سبيل الآخرين، وبعبارة أخرى أقول صرت إنسانًا جديدًا على حد قول مار بولس: انزعوا الإنسان العتيق والبسوا الإنسان الجديد، فالحياة الروحية هي العامل المساعد في تغيير الحياة إلى هما هو أفضل.

* أخبرنا عن وجودك في لبنان؟
- حينما دعاني راعي إيبارشيتي المطران"عمانوئيل بني" رحمه الله عام 1992 اقترح علي أن اقصد لبنان للدوام ولو لسنة دراسية في اكليريكية مار يعقوب المقطع (كرمسدّة)، وعليه قدمت الى لبنان ومكثت سنة دراسية ثم سنة للإطلاع على الليتورجية الكهنوتية في 17 تموز 1994، وكلفني البطريرك أنطون الثاني حايك لإدارة الإكليريكية الكبرى في دير الشرفة وهكذا بقيت في دير الشرفة ستة أعوام ثم تركته إلى دير يسوع الملك حيث أسكن الآن أمارس بعض الخدمات الروحية والتدريسية والحمد لله.

* أخبرنا عن كتبك، مواضيعها وعددها و الجديد منها؟
 كتبي تتطرق إلى مواضيع عدة منها التاريخ والتراث، الدين والمجتمع، القصص والشعر، الإسلاميات وغيرها من الدراسات، وقد بلغ عدد المنشور أكثر من 85 كتابًا، والكتب الجديدة: عراق الأوائل، تاريخ نصارى العراق، الحكمة السومرية، الحكمة في بابل، الموصل في العهد الجليلي، السريان في البصرة، الموصل في القرن التاسع عشر، البرة في المصادر السريانية..

*  ما هو وضع المسيحيين العراقيين في العراق قبل حكم صدام حسين وبعده؟

- كان المسيحيون منذ قيام الحكم الوطني في العراق عام 1921 وإلى عام الاحتلال الاميركي عام 2003 يتمتعون بكامل الحقوق والواجبات من الحريات المصونة لهم في الدين والسكن والدراسة والتوظيف والعمل بكل ما في الكلمة من معنى، يعيشون كعائلة واحدة تحت خيمة العراق، لا تفرقهم الطائفية، ولا العنصرية ولا القومية ولا المذهبية، بينما بعد الاحتلال انقلب كل شيء وتهدم فسادت التفرقة من كل النواحي وأصبح المسيحي كأنه غريب في وطنه مضطهد ومعرّض للاعتداء في كل وقت وتغيّر وجه العراق الموحد الى الوجه المهشم تسوده الحساسيات والحزازات.

* أوضاع المسيحيين العراقيين في لبنان هل هى أفضل حالاً من وطنهم؟ 
 ببساطة الأوضاع ليست مرضية ولا حسنة إنما يعيشون دون كرامات، يستغلهم أصحاب الأعمال والسوّاق مثلاً ملاحقين لأنهم لا يملكون شكل سليم للإقامة، إضافة أنهم لا يمارسون حقوقهم المشروعة بما تمليه هذه الحقوق في المسؤوليات سواء من الكنيسة أو الدولة.

* ما رأيك بمجيء المسيحيين من العراق؟
- بالحقيقة لا أشجع قدوم العراقيين إلى لبنان لأسباب عدة معيشية واجتماعية، فالذي يترك وطنه كأنه يترك شخصيته وحقوقه كاملة فيخسر وطنه بل أأنصح أن يمكث الإنسان حيث وُلد ضمن حدود وطنه التي تعطيه صفة المواطن الصالح على حد قول الشاعر:
إن ضيّعت ذهب، بسوق الذهب تلقاه
وإن ضيّعت صديق يمكن سنة وتنساه،
وإن ضيّعت وطن، وين الوطن تلقاه؟

* ما مستقبل المسيحيين في الشرق الأوسط؟
- لا مستقبل لهم على المدى البعيد، ما دامت الصهيونية العالمية تعمل على إجلائهم منذ قرن من الزمان وبكل قوة، فسياسة إجلاء المسيحيين من الشرق الأوسط خدمة إسرائيل لا زالت قائمة.
والمسيحيين لايجدوا مَن يدافع عنهم أو يحميهم أو يحفظ حقوقهم، فوجوده على المدى القريب قلق وغير متوازن ما دامت أميركا تحتضن إسرائيل وتدافع عنها عوض المسيحيين وكنائسهم فالوضع مخيف ومرعب في كل مكان وبكل مجال.

* هل تؤمن بالمؤتمرات، الندوات التي تُقام من أجل الحوار المسيحي – الإسلامي؟
 أولاً، أنا لا أؤمن بالحوار الإسلامي المسيحي ولأسباب عديدة لا حاجة لذكرها هنا، فالمؤتمرات والندوات التي تُعقد هنا وهناك كلها عبثية لا طائل فيها ولا نتيجة حتمية، لأن الحوار هو قبول الأمر كما هو وهذا لا يتوفر اليوم ولا مستقبلاً، إذًا لا حوار إنما هو الضرب في الهواء وهنا يصح القول بعد جهد جهيد فسرنا الماء بالجليد. وأنا أخشى أن يكون هذا الحوار مكيدة سياسية صهيونية للعمل بوجهين أو أكثر، فكل طرف يقدس دينه ويعمل بموجبه، إنما يمكننا لقول بالمعايشة السليمة واللقاء الاجتماعي في الأخلاقيات والقيم والممارسة، وإن شاء الله يتوفر هذا لزرعه بالقادمين فيكون لنا مجتمعًا وطنيًا وليس طائفيًا أو دينيًا.
* ما هى العوامل المميزة للكنائس والأديرة في العراق عن غيرها بلبنان؟
- الكنائس والأديرة في العراق لا تتميز عن الكنائس والأديرة في لبنان إلا ببعض النقاط منها:
1– يوجد أسواق البيع الباهظ في أديرة العراق وكنائسه.
2– الحضور في الأديرة والكنائس فيه حشمة ووقار أكثر مما هو موجود في لبنان.
3– أديرة العراق وكنائسه أكبر وأقدم مما في لبنان.

* هل من عتب على الحكومة العراقية أو الكنيسة بما يحصل للمسيحيين في العراق؟

- نعم، العتب متساوٍ للطرفين، فالحكومة مقصّرة في عدم توفيرها الأمان والحراسات المكثفة للأحياء المسيحية أو قراهم وإهمالهم لما يجري من الاعتداءات كالخطف والتفجير والقتل وغيرها، وأيضًا الكنيسة مقصرة من ناحية مساعدة المسيحيين في البقاء بوطنهم والحدّ من الهجرة غير الصحيحة إن لم أقل انها تجري أحيانًا بتشجيع من رجال الكنيسة أنفسهم وعدم توزيعهم المساعدات بصورة متساوية وبحسب الحاجة وما إلى ذلك، فرجال الكنيسة لا يأبهون برعاياهم والمحاولات في الارتقاء بها إلى الأفضل.

* كلمة أخيرة لكل المسيحيين في الشرق والعالم؟
- ما أستطيع قوله للمسيحيين الشرقيين أن يتجذروا في الأرض، أرض الشهداء والقديسين، وعودوا إلى الجذور الإيمانية وينابيع التراث الشرقي الأصيل فيتجدد وجه الأرض، والتزموا بالحياة الفاضلة، الحياة المسيحية الأصيلة، والكنيسة الشرقية العريقة التي منها توهج النور للعالم كله، ولا تتعصبوا لمذهب أو عنصر أو توجيه بل توحدوا وحدة الصليب بالإنجيل وحدة الايمان بالروح.
أما للمسيحيين الغربيين وآخرين، فعودوا إلى الطريق الصحيح والتزموا بالإيمان القويم ولا تواصلوا بالاستهتار بحجة التطور والتجدد والتقدم، فالمسيح هو أمس واليوم والمستقبل، ولا تغرقوا في التعاليم المادية وتبتعدوا عن القيم والمثل الأصيلة التي دعاكم ويدعوكم السيد المسيح.

* إلى أي مدى تخدم الكلمة في الدور المسيحي ونشره (كتب، مواقع الكترونية، صحف وغيرها)؟
- هذه الأمور علمها عند ربي، مدى التأثير يعتمد على البيئة والتواصل والتشجيع وما إلى ذلك من الأمور التي يحتاج النشر بين الآخرين ولا أتعامل معهم على قياس العمل والنتائج، وأعتقد أن أفكاري الكثير منها انتشرت ومثلت لدى العديد من المثقفين والشكر لله تعالى.

* هل تؤيد فكرة ارتباط الخطاب الديني اليوم بالاتجاه السياسي؟
- أولاً: الدين والسياسة لا يلتقيان بأي حال من الأحوال فشتّان بينهما، فالدين لله والوطن للجميع والسيد المسيح يقول: ادفع ما لقيصر لقيصر وما لله لله.
وثانيًا: رجل الكنيسة هو أب للجميع (أبونا) لا يفرق بين أبنائه عائلته الكبيرة والسياسة من نهجها التفريق، فكيف يمكن أن يجمع المرء بينهما؟
وثالثًا: الخطاب الديني يجب أن يمتاز بالمحبة والتواضع والصدق بينما الخطاب السياسي يمتاز بالتجزئة والتفصيل وعدم المصداقية، عادة يفضل المصلحة الخاصة على العامة وعكس ذلك الخطاب الديني.
أما عن الارتباط بينهما فعندما تتعرض الآداب الدينية أو الكنيسة للخطر عندئذٍ يتدخل رجال الكنيسة في حسم النزاعات الصادرة عن الجهات غير المؤمنة وغيرها.

* هل تخدم السياسة الواقع الديني وكيف؟

السياسة تخدم الواقع الديني عندما يكون التوافق والتوازن بين الواقع الديني المعاش واليومي مع السياسة التي تخدم الإنسان وحقوقه وتطلب منه الواجبات المتساوية بين المواطنين على اختلاف مذاهبهم الدينية وآرائهم السياسية، أكيد السياسة يجب أن تخدم الإنسان صاحب العقل والدين والسلامة الاجتماعية، عندما يتعامل رجال الدين مع رجال السياسة على صعيد واحد يخدم الجميع بتفاهم كامل واتفاق شرعي وتشريعي في القوانين والمسؤوليات.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ١٤ تعليق