بقلم: أدولف موسى
أريد هنا أن أبحث في مجالات مختلفه التي بها نستطيع أن نفهم:
1. هل الغرب بالفعل غني كما يتخيل الكثير؟
2. متى سوف يأتي الانهيار الإقتصادي العالمي الحقيقي والكامل الذي سوف لن يستطيع العالم أن يفيق منها؟
3. هل الغرب لديه الوقت الكافي بجانب مشاكله الهائلة للنظر في حقوق الإنسان في العالم وبالذات في الشرق والتي منها القضية القبطية وللمساهمة الفعالة في حل هذه القضايا؟
4. هل الغرب بحالته الإقتصادية الحالية يستطيع مساعدة الدول المنتحرة اقتصاديًا والتي منها مصر؟
5. دعونا نحلل نوعية الحكام الحالين لما يسمى بالعالم الحر –الغرب- وما هي قدراتهم.
إن ما حدث في العالم في سنة 2008 من انهيار اقتصادي شبه شامل قد عَلَّم العالم كله أنها لن تكون هذه آخر مره يحدث فيها هذا الانهيار وأنه يسير في طريق اقتصادي آيل للسقوط الشامل في أي لحظة. إن كان من يُسَمُون بخبراء الاقتصاد العالمي قد تمكنوا من تلفيق الحلول للخروج من هذه الورطة فإنهم لن يستطيعوا الخروج من الورطة القادمة لأنها سوف تكون الضربة القاضية. أيضًا يعرفون هؤلاء الخبراء بل هم متأكدون باليقين أن الضربة الاقتصادية القاضية القادمة سوف تأتي شاء العالم هذا أم أبَى وأنها ليست إلا مسألة وقت فقط.
دعونا ندرس الحالة الإقتصادية في أكبر الدول الصناعية الكبرى والبلاد التي تسمى بالبلاد الغنية. في البداية لا بد لنا أن نعرف ما هي ميزانية أي دولة ومن أين تأتي؟ إننا نعلم أن ميزانية أي دولة عادةً تأتي عن طريق:
- الضرائب المدفوعة من الإنتاح المحلي الذي يجلب الربح في الدولة أيًا كان نوعه.
- حق الدولة في جزء من دخل الأفراد العاملين فيها.
- دخل الجمارك.
- الدخل الآتى من بعض المؤسسات التي تحت قيادة الدولة.
- الفوائد الآتية من البنك المركزي لهذا البلد.
- يأتي على هذا بعض الدخل الذي تحدده كل دولة حسب قوانينها.
لكن ما هي الضرورة من أي ميزانية وماذا تعمل الحكومات بها؟ يساعد هذا الدخل الحكومات في الصرف على خدماتها ككل والذي يستفيد به عامة الشعب. نحاول أن نعطى أمثلة للأشياء التي من مسؤلية الحكومات الصرف عليها من هذا الدخل:
1. موظفي الدولة والذي مهمتهم قيادة الدولة لخدمة مواطنيها والساكنين فيها، موظفى الحكومات مثل الرئيس أو الملك، الوزراء، العاملين في الوزارات المختلفه وموظفي الدولة الآخرين الذي لا بد أن يقتصر عملهم على خدمة وتنظيم المعاملات بين الناس مع مراعاة حقوق الجميع وحق الدولة. بمعنى أن حاكم أي دولة يأخذ دخله من دافعي الضرائب مثل الآخرين أيضًا وأن من حق كل دافع ضرائب أن يعرف ماذا يفعَلون بضرائبه.
2. إنشاء الطرق والكباري والمنشآت الحكومية.
3. مساعدة ساكني هذا البلد في إيجاد فرص العمل عن طريق خدمات مكاتب العمل.
4. مساعدة المحتاجين والغير قادرين على العمل عن طريق الشؤون الإجتماعية.
5. الدفاع العسكري عن الدولة ضد العدو الخارجي عن طريق إنتاج أو شراء السلاح اللازم والصرف على العاملين في حقل الدفاع.
6. لا بد ان تُحْكَم أي دولة عن طريق سيادة القانون. لتحقيق هذا الهدف لا بد من إيجاد قوانين تحكم بين الناس ومعاقبة مخالفيها الذين يسببوا ضررًا للمجتمع. هذا يتم عن طريق خادمي العدالة وهم في الهيئات القضائية وهي المحاكم.
7. لتأمين مستقبل أي دوله لا بد من إتاحة الفرصة لجيلها الصاعد في التعليم. في كثير من الدول يسير التعليم إلى حد كبير على طريق "من يريد أن يتعلم فليدفع الثمن"، وبعض الدول تعطي أحقية التعليم لكل من يرغب فيه والدولة ذاتها تتحمل عبء المدفوعات من الميزانية. إنني لا أريد الإبداء برأيي الشخصي هنا ولكني مع أن كل إنسان له الحق في التعليم أيًا كانت قدرته المادية.
8. الحمايه الداخليه للبلاد عن طريق السلطة التنفيذية وهي الشرطة.
9. إيجاد المناخ الاستثماري لكل من يريد أن ينتج في هذا البلد.
لقد أعطيت هنا أمثله عديدة ولكني لا أريد أن أتطرق كل المجالات لأن هذا ليس هدفي ولكنى أردت فقط توضيح أهمية دخل الدولة ومدى أهمية الميزانيه المتاحه لها.
فلنترك الشرق قليلاً ونأتى للغرب -الذي يُقال عنه أنه غني- لنرى ما هي ميزانيته وهل يعيش الغرب في حدود إمكانياته أم أنه يعيش فوق هذه الإمكانيات و"يتفشخر"؟ في بعض الأحيان لا تكفي ميزانية بلد ما التزاماتها ومدفوعاتها. ماذا يحدث؟ ابتدع خبراء الإقتصاد العالمي "فلاسفة الغبرة" مبدأ إمكانية السلف. كيف يتم هذا؟ إن كل شعب له مدخرات في مختلف البنوك المحلية وهذه المدخرات تُحْصَر عن طريق البنك المركزي لهذا البلد والذي له الصلاحية الكبرى في التحكم فيها وفي التحكم في مسار رأس المال ونسب الأرباح التي يعطيها البنوك. تُعْطِى هذه الحكومة نفسها الحق في أخذ قرض من هذه المدخرات وهي في حدود معينه حددها هؤلاء فلاسفة الغبرة، أي خبراء الإقتصاد، وهذا يتم تحديده عن طريق قوة دخل الإنتاج القومي لهذا البلد ويدفع لهذا القرض بالطبع فوائد فاحشه يحددها سوق المال. وهذا ما أردت الوصول لتوضيحه.
نأتي للدول الصناعية أو القوية الإقتصاد، لنأخذ دولتين كمثال للإنهيار الإقتصادى المقنع. الولايات المتحدة الأمريكية لديها سلفيات من النوعية التي ذكرتها بمقدار لا يستطيع أحدًا أن يحدده في وقت واحد بالضبط لأنه مستمر التغير عن طريق حسب الأرباح التي تثقله كل ثانية. ففي هذه اللحظه يكون العجز حوالى 12.000.000.000.000 دولار الرسمي ولكن الحقيقى هو73.000.000.000.000 دولار، أما ألمانيا فيكون العجز لديها 1.700.000.000.000 يورو.
لا أريد إشغال عقل القارئ بأرقام أكثر من هذا لا يستطيع العقل أن يستوعبها من بلاد أخرى لكن حتى هذه الأرقام لا بد أن يأتي لها الوقت لسدادها، والسؤال: من أين؟ متى؟ في أي جيل؟ هنا نشعر بحقيقة الدمار الإقتصادي الذي أردت توضيحه.
أريد في مقالتي التالية أن أحلل بعض حكام الغرب الحاليين وإن أمكن حكام من الشرق أيضًا، رغم أن حكام الشرق لا يحتاجون لعمل كثير لتحليل طريقة حكمهم لأنهم صورة طبق الأصل من بعضهم ويربطهم أشياء كثيرة حتى وإن اختلفت طرق استعمالها لديهم، مثل الدكتاتورية والهبل وعدم القدرة على الاستيعاب الذهني وعدم القدرة على تقدير وقوع الخطر. |