بقلم: إبرام مقار
"لو جمال مبارك آخر واحد مش هاننتخبه، ولمن يقول إما الإخوان أو جمال أرد وأين الله؟..."، كانت هذه كلمات القمص مرقس عزيز في حوار تم معه من الولايات المتحدة الأمريكية ونُشر بجريدة الدستور المصرية. والقمص مرقس مختلف، فهو لا يردد الكلمات بل يبني أفكاره على قناعات ولا يجامل، فقد قال القمص مرقس أن جمال مبارك له توجه إسلامي أيضًا فهو يأتي ليهنئ الأقباط في عيد الميلاد فقط، ويرفض أن يأتي في عيد القيامة لعدم إيمانه بالقيامة، وهذا يدل على توجهه الإسلامي ولهذا لن ننتخبه.
الحقيقة تقييم أي شخص ليكون رئيسًا للجمهورية يجب أن يكون مبني على قناعات، وهذا للأسف ما يقع فيه الأقباط سواء من العلمانيين أو رجال الأعمال الأقباط أو حتى من داخل الكنيسة، فتقريبًا الجميع من داخل المجتمع القبطي ليس له علاقة مباشرة بجمال مبارك بما في ذلك رأس الكنيسة القبطية قداسة البابا شنوده الثالث، فالأمر لا يخرج عن كونه تقابل لدقائق في موائد الإفطار أو في قداس العيد، وجمال مبارك لم يرشح نفسخ ولم يقدم برنامجه الانتخابي بعد ولم نر ما يقدمه غيره في حالة وجود مرشحين، ولهذا فأي كلام في هذا الأمر هو على سبيل المجاملة لمبارك الأب وبالتأكيد هذا أمر بعيدًا عن كل مفاهيم الوطنية، فيوجد طرق كثيره للمجاملة ولكن لا تصل لدرجة إعطاء الوطن للابن. فتأييد التوريث قبل أن يُطرح أصلاً يحمل في طياته مجموعة من الأخطاء..
أولاً: خطأ كبير من يظن أن في مجاملة السلطه بتأييد التوريث يقدم خدمة للأقباط، ففي ظل هذه الأحداث تكون الرسالة سلبية جدًا للسلطة، إننا -أي الأقباط- لا نبالي بما يحدث لنا في ديروط والمنيا وقنا وأسيوط والإسكندرية والفشن والفيوم والمنوفية وبني سويف، وما زلنا لم نصل للحالة القصوى من السخط على ما يحدث لنا ونستطيع قبول مزيدًا من الضغط علينا.
ثانيًا: تأييد التوريث وهو أمر غير مُرحب به في وسط المثقفين الليبراليين المصريين من مسلمين وأقباط والذين يدافعون عن الأقباط ضد الظلم الحكومي وعن حق الاقباط في الحياة بمساواة وبناء كنائسهم بحرية وأمان وتطبيق القانون على المعتدين عليهم، هذا التأييد المُبالغ فيه يفسد الود العام، وكثيرًا ما تحول بعض المدافعين عنا بعد تصريحات قبطية مؤيدة للسلطة من المدافعين إلى المهاجمين ولسان حالهم يقول إذا كانت العلاقة بهذا الود مع النظام فلماذا تصرخون من اضطهاده لكم.
ثالثًا: تأييد التوريث قبل أن يُطرح يقوي حجة التيار المتشدد الإسلامي في مصر بأن الأقباط يريدون هذا النظام الذي يعطيهم أكثر من حقوقهم وأنهم ليس لهم أية مشكلات وإلا لما دعم الأقباط النظام الحالي بهذا القدر، وفي هذه الحاله سيكون على النظام المصري أن يثبت العكس.
رابعا: تأييد التوريث باعتبار أنه إما جمال وإما الإخوان هي خطية قبل أن يكون خطأ، فالخوف هو حالة من عدم الإيمان فنحن نثق في الله الذي حمى الأقباط في مصر على مدى قرون طويلة وحتى الآن. وهذا ما ذكرته المؤرخة البريطانية مدام بوتشر في كتابها "تاريخ الأمة القبطية" أنه إذا كانت معجزات العالم سبع فإن المعجزة الثامنة هي وجود قبطي واحد في مصر حتى الآن رغم كل ما لاقوه من إضطهاد. فضلاً عن أن الحزب الوطني الحاكم والذي يرتمي البعض في أحضانه رعبًا من الحزب الإسلامي البديل هو أساسًا حزب إسلامي أيضًا، فالمتابع للمشهد المصري يجده يقترب كثيرًا من المشهد في الدول الدينية، فمن اعتقال وسجن من يترك الإسلام إلى دين آخر إلى اعتقال من يوزع كتب دينية غير إسلامية إلى التغاضي عن حرق دور العبادة الغير إسلامية ووضع العراقيل والتي تصل إلى حالة منع بناء الكنائس وحرمان الغير مسلم من أية حقوق بدءًا من الوظائف إلى حتى حد الشهادة في المحكمة إلى القبض على غير الصائمين في رمضان. وهؤلاء هم من يقول لهم القمص مرقس عزيز وأين الله؟، وأين الله؟، واين الله؟
فالخائفون لا يرثون في السموات ولا أيضًا على الأرض.
|