بقلم: سحر غريب
يعتقد أن صراخها واستنجادها بمن يرحمها من بين يديه هي الرجولة بمعنى الكلمة، لا يرى نفسه همجيًا أو غوغائيًا عندما تمتد يديه لكي تكيل لخديها اللكمات، بل يرى نفسه رجلاً كاملاً مُتكاملاً بطلاً فاتحاً مغوارًا (حمشًا).
هي زوجته وأم أبناءه الذكور والإناث، يضربها كلما شعر بأن يديه في حاجة إلى التليين حتى لا تنسى ماخُلقتا له، فهو في داخله إنسان بدائي فاقد للتمييز، هكذا يتصرف بعض الرجال، فيتخيل بأن الست هي كيس ملاكمة يجب أن تتحمل وتصبر إلى ما لا نهاية: وماله أصله تعبان في الشغل وشارب الكوتة طول النهار، وأن ما كنتيش أنتي تستحملي مين يعني هايستحمل، دا كلام جداتنا والذي أصبح غير مقبولاً الآن.
والمسكينة يجب أن تتحمل فهي البديل العصري للعبد الذليل، فعليها أن تكون جاريته المُطيعة، مش بيصرف عليها كتر خيره، وما دام بيصرف يبقى يضرب على راحته، واللي مش عاجبها تتلهي على عينها وتنكتم.
أما المصيبة الكبرى فهي أن تلك اللكمات والإهانات أحيانًا ما تكون داخل صالة عرض مكشوف أمام الأبناء، فماذا قدمنا لهم؟ قدمنا لهم مثالاً يُحتذى به في عالم لا يعرف احترام المرأة، التي هي الأم والأخت والصديقة، علمنا الجيل الصاعد تعليمًا عمليًا داخل معمل الحياة الأسرية أن المرأة جارية تستحق العقاب البدني كلما أخطأت أو لم تخطئ.
لي صديقة متزوجة من رجل مثقف ومُتعلم ولكنه يهوى العمل اليدوي على وجهها وعلى جسدها الضعيف، فيحلو له أن يتسلى بضربها أثناء وقت فراغه (والأيد البطالة نجسة)، وكان أحيانًا ما يضربها أمام طفلها الصغير ذو الثلاث سنوات ليُصاب الطفل بمرض نفسي وهو التبول اللاإرادي، ثم شكت لي صديقتي ودموعها على خديها من جملة جديدة ضلت طريقها بين كلمات طفلها الصغير وهي: لما بابا ييجي هاقوله عليكي وهاخليه يضربك تاني، تخيلوا طفلاً لا يتعدى عمره الثلاث سنوات يهدد أمه ببطش أبيه.
إن ضرب المرأة جريمة نكراء في حقها وحق من تقوم على رعايتهم وتربيتهم، وسيخسر ساعتها الجميع ومنهم الأب الذي فرد ضلوعه على قارورته المسكينة، والطفل الذي سيصبح صورة مكررة من أب فاشل وأخيرًا سيخسر طبعًا المجتمع الذي سيمتلئ بمثل هؤلاء الذين فقدوا احترام أول قدوة كانت لهم في حياتهم. |