CET 00:00:00 - 03/11/2009

مساحة رأي

بقلم: نبيل المقدس
العمـــــــــل عبـــــــــادة ..!!

بمناسبة الحادث الأليم الذي وقع لقطارين في منطقة العياط .. نشرت جريدة المصري اليوم بتاريخ 29 أكتوبر 2009 عدد رقم 1964 ما توصلت إليه تحقيقات النيابة .. وكانت من ضمن الحقائق التي توصلت إليها النيابة أن الوقت بين توقف القطار الأول وإصطدام القطار الثاني به تخطي 25 دقيقة كاملة , كانت تكفي لتبادل الإتصالات ومنع الحادث والذي راح ضحيته العشرات,غير الجرحي , بالإضافة إلي خسارة مادية فادحة. والمشكلة الكبري والتي تدل علي التطرف في العبادة والتي تسببت في هذه الكارثة هو إكتشاف مفاجأة تمت عن طريق التحقيقات حيث أثبتت التسجيلات أن عامل برج قرية ( الرقة الغربية) علم بتوقف القطار , فإتصل ببرج المراقبة المركزية في ( رمسيس - القاهرة ) عدة مرات للإبلاغ والتحذير من وقوع الكارثة و لكن عامل برج المراقبة المركزية (الشيخ حسن) لم يرد طوال 15 دقيقة .. فعندما لم يتلقي عامل البرج ( الرقة الغربية) منه أي رد طلب من برج مراقبة البدرشين الإتصال بالشيخ حسن , وسجل مراقب البدرشين مكالمة وأرسلها علي الجهاز لبرج المراقبة المركزية والمسئول عنها الشيخ حسن تقول الرسالة [ رُد ياشيخ حسن .. فيه عُطل في جرزا وممكن تحصل مصيبة .. والنبي رُد يا شيخ حسن ]. وتبين أنه غاب عن مكان عمله لمدة نصف ساعة , وقد سألهُ المُحقق لماذا لم يكن متواجداً في هذا الوقت .. وطبقاً بما ذكرته الجريدة في العدد 1963 بتاريخ 28 اكتوبر 2009 أي في التحقيق الأول الذي يسبق هذا التحقيق .. أجاب الشيخ حسن أنه ذهب للصــــــــــــــــلاة.
 عظيم جداً أن يكون الفرد متديناً وورعاً وأميناً مع إلهِهِ الذي يعبدُهُ .. وجميلُ جداُ أن يترك الفرد عمله ويذهب إلي الصلاة لكي يطلب من إلههِ أن يقوّيه في العمل ويزيدُه بركة و يكون له نصيباً في الآخرة . !! لكن ليس من المعقول أن يكون دخول الجنة علي حساب موت إنسان آخر بسبب وجوده في مكان عمل يحتاج إلي الدقة والتواجد بإستمرار كما في حالة الشيخ حسن .. أو تعطيل مصلحة مستعجلة لشخص يريد أن ينتهي منها بسرعة لأمر يتوقف عليه مستقبله كما يفعل دائما الموظف المحترم الشيخ عبد المتعال .. أو ليس علي حساب توقفه من إجراء عملية لشخص وإعطاء المسئولية لطبيب امتياز خلال وقت الصلاة كما يفعل الحاج الدكتور عبد الباسط المتوكل .. أو ليس علي حساب سد وغلق شارع حيوي لأنهم يفرشون عرض الشوارع للصلاة ويتعطل المرور مثلما يحدث أمام زاوية الشيخ صالح الموجودة في شارع الشيخ بسيوني .. نعم .. أصبحت هذه الظاهرة واضحة ومستمرة في التزايد ..!!!
 منذ 6 أشهر كنت مسافر أنا وصديقي إلي لبنان , وعندما دخلنا في طابور الجوازات بمطار القاهرة (الدولي) لجمهورية مصر العربية , فوجئنا بتوقف سير الطابور , وعندما إستفسرنا عن السبب عرفنا أن حضرة ظابطة الجوازات تركت مكانها وذهبت لكي تصلي , تاركة طابور لا يقل عن 40 شخصا أغلبهم أجانب .. وما رأيته وحزنت في نفس الوقت وجود سائح خرج من الطابور وأخذ يصّور الطابور ووجَهَ الكاميرا إلي مكان الظابطة علي مرأي من رجال الأمن وزملائها الظباط وهم لا يدرون ماذا يفعل هذا السائح .. وعند مجيئها رجع السائح يُوجِه الكاميرا إليها .. فقد كانت متحجبة .. انا لست ضد حجابها بل ضد العمل الذي تمارسه هذه الظابطة من إجراء لبسها الحجاب , حيث يهمس لها الحجاب في أذنيها قائلاً : حان الوقت يا أختي .. عليكِ ترك هؤلاء القوم(يخبطون دماغهم في الحيط ) وإلحقي أنتِ الصلاة علي الفلاح.
 أجبرتني الظروف أن أجلس علي مقهي لإنتظار سمسار إتخذ من هذه القهوة مكتباً له لإستقبال الزبائن .. ورأيت شلة من الرجال تختلف في الأعمار والمستويات , منهم يرتدي الجينز وآخر الجلبية البلدي , ومنهم من يرتدي البيجامة كاملة أو يرتدي البنطلون فقط وقاعد بالفانلة .. جالسين حول تربيزة يلعبون الطاولة , وإتضح من لعبهم بأنهم يلعبون علي الطلبات , وهي كلمة مستترة بديل القُمار .. وكان صوتُ الزهرِ وصوتُ تخبيط قُشاط الطاولة يرن في صوتي وكأنها قنابل بالإضافة إلي أصوات المشجعين , ومرة واحدة حدث سكون رهيب بينهم , تعجبت وسألت السمسار .. لماذا هذا السكون المفاجيء .. أجابني وفي منتهي البساطة : أكيد المعلم سوكا ( إحدي اللاعبين) قام للصلاة . وتوقفت المباراة .. وإنتهزت هذه الفرصة وأنهيت المأمورية معه.
 منذ سنوات ليست بكثير تم تحديد يوم الجمعة الكبيرة للمسيحيين والذي يسبق مباشرة عيد القيامة المجيد لإنتخابات رئيس نقابة المهندسين وأعضاء مجلس إدارتها .. لكن من فرطنا نحن المهندسين المسيحيين وتمسكنا بالحضور في كنائسنا في هذا اليوم للصلاة , لم نقبل علي أنفسنا أن نترك الكنائس حتي ولو ساعتين للذهاب إلي مقر النقابة لكي ندلي بأصواتنا .. فنتج عن ذلك أننا تركنا للجماعة المحظورة الفرصة لكي يفوزوا بإدارة النقابة و الآن نحن نندم علي هذا التصرف غير الحكيم .
 شيء جميل أن الفرد يُصلي ويعبد إلهَهُ وأنا لستُ ضد الصلوات بالعكس فالصلاة قد تذكر الفرد بمحبة الله لنا ومحبة الآخر لنا.
 يعلمنا الإنجيل علي فم الرسول بولس أن نستمر في الصلاة << صَلُّوا بِلَا انْقِطَاعٍ>> (1تسالونيكي 5:17). ليس معني هذا أننا نترك حياتنا وأعمالنا ونبقي ساجدين لله ليلا ونهارا. فإحدي المفاهيم الخاطئة في الصلاة هي أننا نعتبر الصلاة كواجب. وسوء الفهم هذا ينشأ عن الإدراك الخاطيء لبعض الوصايا التي جاءت في الكتاب المقدس مثل "صلوا في كل حين"، "صلوا ولا تملوا". فيتردد صدى هذه الكلمات في نفوسنا حتي يتحول إلى واجب ، ورويدًا رويدًا يصبح الواجب عبئًا أوتوماتيكيًا يغطيه غبار العادة والرتابة. فممارسة الصلاة كواجب هو قتل للصلاة، إنسلاب للمُصلِي، وتغييب للمُصلَّى إليه.
 يقول الرب في متي 6 : 5 - 8 [ ومتي صليت فلا تكن كالمرآئين , فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس .. الحق أقول لكم أنهم إستوفوا أجرهم .. ] فلقد كان اليهود لديهم مواعيد محددة للصلاة , فلو وجد اليهودي نفسه خارج الهيكل في ميعاد مجيء الصلاة , كان من السهل عليه أن يدبر ممارسة فريضة الصلاة في المكان المتواجد هو فيه أيا كان هذا المكان مزدحما بالناس مثل الأسواق , أو مكان العمل , أو في أركان الشوارع , أو علي درجات سلم المجامع , وكان آدائه يتخذ طابع التمثيل لكي يظهر للناس تقواه وإلتزامه .. مما يجعله يشعر بالتباهي والكبرياء . لكن يكمل رب المجد كلامه في الآية السابقة [ .. وأما انت فمتي صليت فأدخل إلي مخدعك وأغلق بابك وصل إلي أبيك الذي في الخفاء , فأبوك الذي يري في الخفاء يجازيك علانية .]
 ممارسة شعائر الصلاة ليست مُحددة بمواعيد بل في كل وقت أنت تحتاج أن تتحادث مع الآب من خلال آمانتك في العمل وبطريق تعاملك مع زملائك وأصدقائك وإلي كل من يحيط بك مهما كان مختلفاً عنك .. كما أن الصلاة يحتاج أن تدخل مخدعك وتتكلم مع الآب .. في أوقات ليست علي حساب أرواح الغير أو تعطيل مصالح الغير أو للتباهي أما الغير ..!!!!!!!!!!!!!!!!
فعلا : العمــــــــــــل بحب وبآمانــــــــــــة .. عبــــــــــــادة .!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٨ صوت عدد التعليقات: ٢٤ تعليق