كما ذكرت في مقالي السابق بأنني قد زهقت من الكتابة في السياسة وقررت التوقف عن الكتابة في السياسة حتى أرى أي تطور أو أي أثر لكتاباتنا، لاننا وصلنا لمرحلة إللي نعيده نزيده ولا فائدة، لذلك قررت كتابة كتاب عن أعظم العلماء في التاريخ وأعظم المخترعات التي غيرت وجه الحضارة على الأرض، وسوف أبدا الجزء الأول من الكتاب عن أعظم علماء التاريخ، وفي الجزء الثاني سوف يكون عن أعظم المخترعات، وقد فعلت هذا لفائدة الأجيال الجديدة والتي أرجو أن تقرا شئيا مفيدا بالإضافة إلي 140 حرفا في تويتر ومثلها على الفيس بوك، والعالم من حولنا يتقدم بالعلم والعمل الجاد والشاق، ونحن نظرا لفشلنا في الحاضر نحاول العودة إلي ماضينا التليد، ففقدنا الحاضر وبدون مستقبل وحتى الماضي التليد أصبحنا نشك فيه!!
وسوف أحاول أن ألتزم بالتسلسل التاريخي لشخصيات العلماء والمخترعات، وسأبدا ب:
1 – أمحوتب
الجنسية: مصري
المولد: يعتقد أنه ولد عام 2650 قبل الميلاد
مكان المولد: مصر الفرعونية
الوفاه: يعتقد أن توفى عام 2600 قبل الميلاد عن خمسين عاما
معنى أسمه (أمحوتب) "الرجل الذي جاء بسلام"
كان مستشارا للفرعون زوسر ثاني ملوك الأسرة الثالثة (حكم من 2630 وحتى 2611 قبل الميلاد) (من عصر الأسرات القديمة)، كما أنه كان الكاهن الأعظم لإله الشمس رع في مدينة هيلوبوليس (عين شمس حاليا).
يعتبر أمحوتب أول مهندس وأول معماري وأول طبيب في التاريخ الإنساني المدون، ومن أشهر أعماله التي مازالت موجودة على سطح الأرض هوبناء هرم سقارة المدرج لصالح الملك زوسر حوالي 2630 قبل الميلاد، وهو أول بناء من الحجر في التاريخ، وهو أول من غير فن العمارة للأبد فبعد أن كان المصريون والبشر كلهم يبنون بالطين وجذوع الأشجار والنخيل، بدأوا يبنون بالأحجار، مما إستلزم أختراع تقنيات جديدة لتكسير الأحجار من المحاجر ونقلها عبر نهر النيل ثم رفعها عاليا لبناء الأهرامات، لذا يعتبر أمحوتب بحق هو أبو الهندسة والعمارة في التاريخ، وهرم سقارة يعتبر أقدم بناء حجري على كوكب الأرض وهو مكون من ست مصاطب بإرتفاع 61 متر (أي بإرتفاع بناية من 20 طابق تقريبا).
لوحة تبين بتاح وهاتور وخلفهما امحوتب ماسكا الصولجان بيده اليمنى وعنخ رمز الحياه في يده اليسرى، وهي صفة عند قدماء المصريين تخص الآلهة فقط، حيث الآلهة هي مانحة الحياة، أى أن أمحوتب كان مؤلها في هذه اللوحة، وتوجد اللوحة في معبد بتاح بالكرنك
أنجازاته في الطب:وكان يعتبر الرجل الثاني بعد الفرعون، وكان يتولى أيضا مهمة إدارة القصر الملكي، وهي مهنة ما يطلق عليه اليوم رئيس الديوان الملكي، وكان متعدد المواهب والوظائف لدى الملك فقد كان المهندس والمعماري والطبيب ورئيس الديوان وحافظ أختام الملك ورئيس النحاتين والكاهن الأعظم، ورغم أن هناك من يعتقد أنه كان من عامة الشعب، إلا انه تمت ترقيته ليصبح من أمراء العائلة المالكة، ليس هذا فحسب بل أصبح "اله الطب" عند قدماء المصريين، وعندما جاء الإغريق إلي مصر إعتبروه ألها للطب أيضا وأطلقوا عليه إسم "إسكلبيوس".
يعتبر أمحوتب مؤسس علم الطب وقام بتأليف مخطوطات عن الأعراض وطرق العلاج والعلاج بالأدوية، وهو يعتبر أول من تخلى عن السحر والشعوذة في الطب، وحسب قول السير وليم اوسلر (طبيب وبروفسيور كندي ومؤلف الكتاب الطبي الشهير "مبادئ وممارسة الطب")، قال :"أن أمحوتب هو الأب الحقيقي للطب لأنه كان الوحيد الذي عامل الطب كعلم بعيدا عن السحر والشعوذة"، وبعد ألفين سنة من وفاته كانت معابده الفرعونية والإغريقية هي المكان المحترم لتدريس الطب.
وقد عثر له على مخطوطة تسمى :
Edwin Smith Papyrus
تحتوي على مشاهداته في التشريح وأعراض أمراض وطرق العلاج ومن ضمنها علاج الكسور.
ويعتقد أن تاريخ تلك البردية يرجع إلي سنة 1700 قبل الميلاد وربما كانت منقولة من النص الأصلي لأمحوتب الذي سبق هذا النص على البردية بأقل قليلا من ألف سنة، ويمكن رؤية مخطوطة "إدوين سميث" في متحف بروكلين تشليدرين في نيويورك وتصف المخطوطة 48 من حالات المرض وتتعلق ب:
27 إصابات الرأس
6 إصابات الرقبة والعنق
2 إصابة الترقوة
3 إصابات الذراع
8 إصابات الصدر والضلوع
2 أورام الصدر
1 إصابات الكتف
1 إصابة الجذع
أوصاف أمحوتب طبقا للباحث الإنجليزي جيمس هنري بريستيد وزملاؤه:
"كان حكيما ربانيا وصاغ من الأمثلة الشعبية (حكم ونصائح)، وكان فذا في الطب والهندسة المعمارية، هذا العالم الفذ الذي عاصر زوسر وترك سمعة
مدهشة لم تنس على مر العصور، وكان الأب الروحي للكتاب فيما بعد، وكان الكتاب يسكبون بعضا من ماء الحبر الذي يكتبون به تكريما له قبل البدء بالكتابة"
"كان أمحوتب يستخرج العقار من النباتات"
"كان أمحوتب يصور ككهونيتيا حليق الرأس، وجالسا ممسكا بأوراق البردي، وأحيانا كان يصور مرتديا الملابس التقليدية للكهنة"
"بعض صوره تبينه جالسا على كرسي وعلى حجره لفة من أوراق البردي أو تحت أبطه، ثم كانت تماثيله تصوره واقفا وله ذقن تشبه ذقن الآلهة وحاملا مفتاح الحياة والصولجان رمز الحكم"
"تمثال أمحوتب في وضع الجلوس وعلى حجره أوراق البردي، مرتديا طاقية على الرأس ومرتديا جلبابا طويلا من التيل، لفة البردي تمثل مصدر المعرفة يحتفظ بها الكهنة والكّتاب في بيت الحياة، والطاقية تبينه في صورة الإله بتاح (الإله الروحي للصناع وحاميهم)، ويمثل ما يرتديه من جلباب طويل من التيل طهارته ككاهن"
رغم أن أبرز أعمال أمحوتب هو مهندس هرم سقارة، إلا أن في زمنه وحتى بعد وفاته أصبح ألها للطب لدى المصريين والإغريق، وله معبد في منطقة سقارة بإسمه وصار هذا المعبد مصحة يزورها المرضى من كل أنحاء الأرض، حيث أنتشرت أخباره تعلن نجاحه في شفاء الكثير من الأمراض والعقاقير الناجحة التي أخترعها، وظلت شهرته منتشرة حتى عهد البطالسة، حيث بنى له بطليموس الخامس معبدا بإسمه، كما أن له كثيرا من الأبنية في معابد طيبة والكرنك والدير البحري ودير المدينة وجزيرة فيلة.
وبرغم شهرة أمحوتب العريضة أثناء حياته وبعد وفاته إلا نه لم يعثر له على مقبرة، ويعتقد بعض من علماء الآثار المصرية أن مقبرته لابد أن تكون في منطقة سقارة.
المراجع:
موسوعة المعارف البريطانية (النسخة الإنجليزية)
موسوعة ويكيبيديا العربية والإنجليزية
الصور والمخططات مأخوذة من موقع صور جوجل
نقلان عن إيلاف |