بقلم: صفوت سمعان يسى
تاريخ اى دولة أو حضارة هو عبارة عن هرم يبدأ بالصعود من أسفل إلى أعلى الهرم وكلما زاد صعوده كلما ارتقت الأمم حتى يصل إلى أعلى قمة الهرم حتى يبدأ فى الانحدار ثم الهبوط بأسرع من الصعود - راجعوا تاريخ كل دولة وكل إمبراطورية فى سابق الأزمان و التواريخ. وكلما صعدت بسرعة كلما كان هبوطها وانحدارها أسرع من الصعود وذلك لعوامل ترجع لهشاشة مقومات الحضارة و سلطوية ودموية والدولة والتى كما تحمل عوامل بنائها وصعودها تحمل نفس عوامل انهيارها وسقوطها – ولكن يبقى علينا الاستفادة بقدر الإمكان من تجارب الآخرين بعقل متفتح بعيدا عن القوالب والأسطمبات الجاهزة والتى لا تصنع حضارة وإنما تصنع شعوب ودول معبئة مثلك الزمبلك لا تحيد عن أخطائها وللأسف تكررها فى مشهد ينم عن غباء وتخلف يصعب دراسته وفهمه !!!
فعصر محمد على يعتبر من أزهى العصور التى رأتها الدولة المصرية فى تاريخها منذ الغزو العربى لمصر – وخصوصا انه جاء بعد الحملة الفرنسية على مصر التى أحدثت انقلابا فكريا وعلميا وحركت المياه الراكدة فى الدولة المصرية التى يمتلكها الحاكم ويباركه رجل الدين وكانت مصر نهبا لهم وكان عامة الشعب أجراء ( جمع أجير ) ومجرد وعاء لتحصيل الضرائب والجزية – ولكن حكم محمد على مؤسس الدولة المصرية العصرية لارتباطه بالفكر الخارجى طور الدولة المصرية فى حدود المتاح من الموارد والفكر فلقد ألغى الجزية المفروضة على الأقباط وأدخلهم الجيش وانشأ المدارس الأجنبية وأرسل الطلبة والعلماء للدراسة فى الخارج ووحد المصريين حوله وأرسى أسس الدولة المصرية والمواطنة وليس من الغريب ان الخديوي إسماعيل نفذ حلم مصر القديم بعمل قناة السويس التى مازلنا نتمتع ونحصد خيراتها حتى اليوم 0
وجاء الاحتلال الأنجليزى لمصر نتيجة الديون المتراكمة وضعف الدولة العثمانية (رجل أوربا المريض ) وبقدر مساوئ الاحتلال إلا انه قام بعمل البنية الأساسية للدولة المصرية من أنشاء الطرق والمرافق تعديل نظام الرى وعمل السدود والكبارى وخزان أسوان الضخم وجميع قناطر مصر وشبكة التلغراف والتليفون والسكك الحديدية التى لم تطور إلا من سنوات وكذلك والجامعات والبنوك الخ ....
وجاءت الثورة بمفهوم القومية العربية وبالرغم من انه يعتبر مشروع تمييزى إلا انه كان يحمل فكرا جديدا لتوحيد الدول العربية كقوة وبنيان اقتصادى تحت جناح واحد ولكنه فشل لان نظم الحكم وخاصة الملكية لن تسمح بالتنازل عن ملكيتهم للدولة لآية كائن وحتى النظم الجمهورية والرئاسية السلطوية لن تسمح بالتنازل عن مكاسبها فى الحكم فهى ملكية تلبس عباءة النظم الديمقراطية ولذلك تم هدم المشروع ودفنه للأبد.
وجاء بعده مشروع توحيد الدول تحت راية الدول الإسلامية وبالرغم من انه مشروع يسهل جمع الدول العربية والإسلامية عليه ولكنه أصابه ما أصاب مشروع القومية العربية فكل دولة لها مذهب يختلف عن الأخرى وكل منها تريد ان تفرض مذهبها على الأخرى ولا ننسى ما تفعله وما تدعمه الوهابية لنشرها بالرغم من أنها اكبر مذهب ومتشدد ويكره الآخر وتطرف بعضهم مثل الأخوان إلى المطالبة بالخلافة وان يكون خليفتها حتى لو ماليزى طالما مسلم فى سابقة خطيرة من تدمير ما تبقى من الوطنية والمواطنة المصرية .
خلاصة الكلام ان الحضارة العربية والإسلامية خسرت كثيرا من عدم اهتمامها بوجود ثقافات وأقليات عرقية وأثينية كان يمكن ان تضيف لها معرفية وثقافية وعلمية وكان يمكن لأى دولة عربية مختلفة الأعراق ان تصبح مثل حديقة وروود ممتلئة بالزهور المختلفة الألوان فى منظر بديع جميل . انظروا لأمريكا انصهار كافة الأعراق والديانات والقوميات فى بوتقة واحدة هو مواطن أمريكى لا غير بنظرية دعه يعمل دعه يمر مما جعلها أقوى دولة فى العالم وحتى الذين يكرهونها يتدافعون على سفاراتها للهجرة إليها فهى مازالت تتربع على قمة الهرم ولفترة طويلة .
ومعظم الدول العربية توجد بها أقليات ولكن بعض منها رفض الاعتراف بوجوده وقام بالحرب عليه وتدميره لفرض شريعته عليه بالرغم من انه لا يؤمن بها - مثل دولة السودان - مما سيؤدى إلى انفصال الجنوب عن الشمال فى سابقة خطيرة من تقسيم السودان بأيد حكام لم يفهموا مسؤولياتهم نحو شعوبهم ودولهم – مما يدفع الدولة السودانية نحو عصر الاضمحلال.
كذلك الدولة الإيرانية التى لا تعترف بالأقلية السنية والعربية وتضطهدهم وهى تصعد بسرعة إلى قمة الهرم ولكن ستكون بقدر سرعة الصعود سيكون الهبوط أسرع .
اما الدولة العراقية فتنطبق عليها القاعدة السابقة ولكن تخطتها بالهبوط السريع وهى تجاهد لقبول كافة الأعراق والطوائف والأقليات لبداية الصعود من جديد ولكن على أسس بالرغم من أنها مقسمة إلى طوائف ولكن يمكن ان تؤدى إلى قيام ديمقراطية حقيقية فى الدولة العراقية الوطنية التى ينصهر فيها كافة الأطياف والثقافات لمواطن عراقى لا يحمل غير وطنيته ولا شىء آخر وهى تجربة ترعب جميع أنظمة الحكم العربية المستبدة من تصلها هذه العدوى و تحارب لنسفها.
اما الدولة المصرية فسياستها تتهادى كالأمواج ولا تعرف فى اى شاطئ ترسو وتستقر فهى تمسك الحبل من الوسط ( شر الأمور هو الوسط ) فهى تضع مطالب الأقباط العادلة والوطنية أمام مطالب الأخوان العنصرية والرافضة للأقباط كمصريين وإنما تقبلهم كذميين فى سابقة خطيرة للعودة إلى عصر ما قبل محمد على واضطرت الدولة للمزايدة على الأخوان وخصوصا فى عصر السادات وشرعت قوانين ذات صبغة إسلامية وطبقتها على الأقباط وللأسف تتكرر حتى اليوم فحتى اليوم الأقباط تنتهك حقوقهم الأساسية وكأنهم جاءوا مهجرين من دول آخرى لا أصحاب بلد أصليين فالتمييز الذى يعانيه الأقباط أصبح واضح للعيان والأغرب ان الحزب الوطنى لم يضع مطالب الأقباط الجادة فى أجندته بدعوى انه لا يوجد وقت لمناقشته ( طيب امتى ) وكذلك رفض جمال مبارك فكرة لتحديد نسبة عددية للأقباط كا كوته
طيب ما الثورة عملت كوته وحصص للعمال والفلاحين 50% لضمان تمثيلهم - ومازال حتى اليوم جارى تنفيذ الكوته برغم انه اليوم لا يمكن تمييز العامل من الفلاح من الفئات وهى تقاسيم أصبحت شبه وهمية
طيب ما الدولة عملت كوته للمرأة لضمان تمثيلها وأضافت مقاعد جديدة لهم دون خصمها من حصة الرجال .
يعنى بالبلدي الحصص والكوته أتوزعت لكل الناس و جاءت عند الأقباط ووقفت .
أليس هذا يدل ان الدولة لا تضع آية اهتمام لمطالب الأقباط المشروعة ولا فى دماغها من الأصل أليس هذا يدفع الأقباط إلى كره النظام والدولة ويدفعهم إلى زيادة الشحن عما هو زائد أصلا من كافة الأطراف – مما يدفعهم لفقد إيمانهم وسلامهم والالتجاء للعنف – وستخر مصر كثيرا لو التجأ الأقباط للعنف ( طارق حجى )
هل عصرنا هو بداية عصر الاضمحلال – أتمنى ان أكون غير موجود عند حدوث ذلك !!! |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|