CET 00:00:00 - 07/11/2009

كلمه ورد غطاها

بقلم: ماجد سمير
جلست المقهى الشعبي في شارع "مجلس الشعب" أمام الباب الخلفي للمجلس الموقر في منطقة وسط البلد لتناول كوب "كركدية ساقع " حسب نصيحة الدكتور؛ بسبب إصابتي بإرتفاع في ضغط الدم مفاجىء، مثل الهجمات المرتدة التي تقوم بها الفرق المختلفة على مرمى "أوسة" حارس الزمالك الذي لايعرف أحد إذا كان هو سيىء الحظ أم الزمالك هو صاحب الحظ السيىء، وغالبًا ماتنتهي الهجمة المرتدة بهدف في مرمى الفريق الأبيض.
 والطريف في مسألة الزمالك وسوء حظه، أن أحد نواب المجلس الموقر عن الحزب الحاكم أشار أثناء دفاعه عن "محمد لطفي منصور" وزير النقل المستقيل، أنه يعمل بكد وإجتهاد ولكن حظه سيىء (مثل الزمالك) يخسربسبب هجمة وحيدة، ويرى البعض أنه تفاديًا للنحس الزملكاوي القابع على صدر الحكومة ورجالها، أن يقوم الجميع فورًا بعقد كل الجلسات الحكومية المختلفة بالنادي الأهلي (صاحب الحظ الأوفر) في الإنتصارات .

ذهب صبي المقهى ليحضر طلب الكركدية المثلج وهو بيبرطم؛ لأني طلبته سكر قليل وكل الموجود سكر زيادة. فتحت الجريدة المسائية الشهيرة وجلست أتصفح العنوانين، كلها تقريبًا تتحدث عن مؤتمر الحزب الوطني وشعاره القوي جدًا "من أجلك أنت"، سألني شخص يجلس على الكرسي المجاور لي وعينه على المانشيت الرئيسي للصحيفة : حضرتك تفتكر كلمة "لأجلك " بكسر حرف الجيم ولا بفتح نفس الحرف، وأقترب مني أكثر، وأضاف يعني بالعربي كدا هما عاملين كدا علشاني وعلشان مصلحتي ولا علشان يجيبوا "أجلي" ويرتاحوا من همي؟ صمت قليلاً وأجبت على سؤاله بسؤال، إنت تفتكر إيه؟، فأجاب طبعًا هما كتابينها وقاصدين المعنى الخير، وجذب الكرسي المجاور له ليسند يده عليه وأضاف، لكن اللي بيعملوه مش خير أبدًا.

ووسط الحديث ظهر فجأة صبي المقهى بدون الكركدية قائلاً : يا أستاذ اللي موجود سكر زيادة بس أجيب لك منه ولا تشرب حاجة تاني، نظرت له بغيظ شديد وقلت : هات ليمون ولا دا طلب صعب، تركني دون أي تعبير وذهب، فقلت للراجل الجالس بجواري (بس الحكومة بتحاول تعمل اللي تقدرعليه) فرد عليا وقال بتعمل اللي عليها إزاي لا ياأستاذ دول سارحين بينا وبيخدرونا لامواخذه (بيسقونا حاجة صفرة) وإحنا ماشين وراهم، ورفع فنجان القهوة من على المنضدة ورشف رشفة كبيرة وأكمل حديثه : أقول لك إيه ولا إيه بس، دا أنا شفت في "جريدة الشروق" من فترة(تحقيق عن مادة التاريخ)، قلت له أيوة كان كاتبه سامح سامي قال مش عارف مين أيوة المهم إنه راجل عشرة على عشرة جاب بلاوي عاملينها، أقلها أنهم على غلاف كتاب مادة الدراسات الإجتماعية بتاع سنة خامسة إبتدائي حاطين صورة الفنان "أحمد مظهر" على إنو صلاح الدين الأيوبي، كمان كاتبين شخصة "عيسى العوام" اللي حطها يوسف شاهين في فيلم الناصر صلاح الدين على إنها شخصية حقيقية، وضحك وقال يمكن مؤلف الكتاب كان صاحب صلاح ذو الفقار اللي عمل الدور في الفيلم، وأضاف بعد أن مسح عرقه بمنديل ورقي -ترك قطع صغيرة بيضاء على جبهته السمراء المليئة بالتجاعيد- يعني المناهج بتاعت التعليم ومنها مادة التاريخ المسئولة عن ترسيخ الهوية المصرية لدى التلاميذ منذ المرحلة الإبتدائية، بيحطها ناس كل معلوماتهم خاضعة لخيال سينارست، وإبتسم يبقى مش بعيد نكتشف قريب إن شخصية "الشيخ حسني" في فيلم الكيت كات إلي إقتبصها السيناريت والمخرج داود عبد السيد من القصة الأصلية مالك حزين للمبدع إبراهيم أصلان، هو القائد الفعلي الذي طرد الهكسوس ووحد القطرين وعبرالقناة وفجر ثورة مارس أثناء الإحتفال بعيد الأم، فضلاً عن أنه الشخص الوحيد الذي سيضع خطة الفوز على الجزائر من أجل الصعود لكأس العالم، ضحكت وقلت له : معلوماتك كتيرة وواضح أنك مثقف قال مش قوي أصل أنا بشتغل مدرس تاريخ.

عاد صبي المقهى وقال لي بص يا أستاذ أنا لقيت الخلاط بايظ ومعرفتش أعملك ليمون فجبيتلك قهوة مظبوطة زي صاحبك (وأشار إلى الراجل الجالس بجواري)، وقفت بعصبية وقلت دا مش صاحبي ومش عايز لا أعرفك ولا أعرفه ونظرت للراجل بصراحة يا أستاذ كلمة لأجلك كانت بفتح حرف الجيم هما قاصدين يجيبوا أجلك وأجلي وأجلنا كلنا.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق