CET 00:00:00 - 25/03/2009

كلمه ورد غطاها

بقلم- ماجد سمير
مع دقات الساعة 8 صباحاًَ إتفتح باب قصر "الساكت"، هو مش قصر بالمعنى المعروف، إنما هو أقرب إنه يكون "فيلا  شيك" مميزة وسط مباني الجيزة سواء كانت القديمة أو الجديدة، ومعروفة للكل بإسم قصر "الساكت"، خرج أمجد الساكت من الفيلا وركب عربيته وطلع بسرعة على البنك اللي بيشتغل فيه مسئول علاقات عامة، أمجد صحي على أخر لحظة لأنه سهر مع مرأته ووالده بتفرجوا على فيلم أجنبي على الدش.

أمجد عايش في قصر "الساكت" اللي ورثه أبوه "حليم الساكت" عن كبير العائله جد "أمجد" "حلمي بك الساكت ومعاه مرأته د.علياء وأولاده التوأم هادي وهادية، كمان عايش معاه أبوه حليم وكيل وزارة الزراعة السابق أيام ما كان للوزارات وكيل واحد فقط .

"حليم" عنده مشكلة مزمنة ملخصها إنه مش قادر ينسى أبداًَ تأميم شركة توزيع الأدوية اللي كان بيملكها هو ووالده برأس مال 5000 آلاف جنيه، وإزاي كان ممكن يتبهدل لو كان إستقال من وزارة الزراعة بعد تأسيسهم الشركة، وكمان لا يمكن يروح من تفكيره ان والده "حليم بك الساكت" مات من الحسرة بعد التأميم بكام شهر كان فيهم مصاب بشلل تام في كل أجهزة الجسم.

علاقتي ب "أمجد" بدأت من حوالي عشر سنين كنت في مؤتمر صحفي البنك اللي شغال فيه كان الراعي الرسمي للمؤتمر وعرفته وإتكلمت معاه وقتها كنت لسه منقول جديد للجيزة، وبدأت أعمل صداقات مختلفة واللي سهل إن علاقتنا تتوطد إن البنك في منطقة وسط البلد، فأحياناًَ بنروح مع بعض في عربيته، وكتير بيجي يشاركنا في الوقفة الشهيرة عند كشك شحتة أبو العريف، وكل يوم جمعة بالليل نسهر مع بعض على قهوة "أبو نادم" وبيشاركنا إسامة ميخائيل مدرس الجغرافيا وعبد الله تاجر الحديد والبويات وعدد من أهل المنطقة.

بعد نزول أمجد بدقائق علياء نادت على حماها "إصحى يا أونكل.. الفطار.. علشان أنا إتأخرت على المستشفى"، شوية خرج العجوز وقال "صباح الخير يا لولا"، ردت علياء "صباح النور" ، بعد ما خلصت الفطار نزلت بسرعة رايحة تعدي على د.مارجريت مرات أبونا متى في الكنيسة.

وصلت قدام الباب ضربت الجرس في اللحظة قام "سعدان" عسكري الحراسة بتاع الكنيسة بيبحلق فيها وبيقول لنفسه "إيه اللي جاب الست المحجبة دي هنا"، ففزع فيها بصوت عالي "عايزة إيه يا ست إنتي"، ردت علياء علياء "إنت جديد هنا"، وضحكت وكملت كلام "أنا عايزة الدكتورة"، زاد إستغراب "سعدان" فسألها من غير ما يفكر "عايزها في إيه؟"، شخطت فيه علياء "وإنت مالك؟"، في نفس اللحظة فتحت مارجريت الباب وسألت علياء "في إيه؟... صباح الخير الأول؟" ردت علياء: "صباح النور"... البني آدم ده ماله؟، فضحكت مارجريت وقالت له "إنت مش هتبطل مشاكل؟".

وإتلفتت لعلياء وقالت "ده من كام يوم عمل مشكلة مع مشرفة باص المدرسة بتاعة الولاد .... هما هادي وهادية محاكوش ليكي" .... ردت علياء: "لا.. إيه اللي حصل"، مارجريت قالت وهى بتفتح باب العربية "لما وصل الباص منعه من الوقوف"، ولما المشرفة قالت له "إحنا مستنين مينا"، قال لها "بلا مينا.. بلا بتاع.. يالا إمشى من هنا"، واللي خلى الموقف عدى إن الست عطيات من الشباك قالت له "ده الأتوبيس بتاع المدرسة جاي ياخد الولد إستهدى بالله وسيبوه يقف.. ده هيجي كل يوم" فإقنتع، وبعد ركوب علياء إنطلقت مارجريت بسرعة على المستشفى.

"علياء ومارجريت" زمايل من إبتدائي لغاية الجامعة، علياء إتخصصت نساء وولادة، ومارجريت جراحة بعد ما إترفض قبولها في قسم نساء وولادة بدون إي أسباب مفهومة، لكنها بعد كده عرفت السبب ببساطة إنها مسيحية، وكان تعليق "حليم" حما علياء إنه قال لها "مارجو.. يا بنتي متزعليش،  الحال إتقلب، الله يرحم والدك شاكر بك إندراوس كان أحسن دكتور نساء وولادة عرفته مصر، واللي حصل لك ده طبيعي، مهنتكم خلاص وقعت في كرش الإخوان المسلمين"، وضحك وقال "ولسه... ربنا يستر على البلد.. أنا خايف تبقى في يوم ..مصر ستان".

حياة أسرة "الساكت" تقريباًَ مش بتتغير، نفس الجدول، الصبح بدري "علياء" بتصحى الأول تصحي "هادي وهادية وأمجد"، تحضر لهم الفطار وبعد ما ينزلوا تصحي حماها وتفطر معاه وتطير على المستشفى، وبالليل قبل ما الولاد يناموا يروحوا يقعدوا مع جدهم في الأوضة اللي بيحكي لهم كل يوم تقريباًَ حكاية النسر اللي كان عشه عالي جداًَ فوق شجرة عالية قوي، وفي يوم وقعت بيضة من العشة وسط بيض الفراح اللي عايشين تحت الشجرة، جات الفرخة ورقدت على البيض كله، وإتربى النسر والفراخ، عاش وكبر على إنه فرخة، ولما حاول يرفرف بجنحاته الكبيرة ويطير زي إخواته النسور اللي بيطيروا وبيشفهم كل لحظة معرفش، لأنه إتربى وكبر على إنه فرخة.

وفي يوم تدخل أمجد وقال لأبوه "يا بابا كفاية الحكاية دي بقى، مفيش فايدة"،  رد "حليم" وقال "إسكت.. مش كفاية إنك مسمي العيال هادي وهادية، هي ناقصة كتمة نفس.. وناس تطلع خرسة"، مطلوب ان الأجيال الجديدة تعرف إن أصلها نسور حتى لو حاولت أنت واللي زيك تربيهم على إنهم فراخ، وإتعدل في قعدته، وبص في عينين إبنه وقال له "مش لازم هادي وهادية يكونوا أسماء على مسمى خصوصاًَ إن إسم عائلتنا... الساكت".
 

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق

الكاتب

ماجد سمير

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

شيء من الخوف

صابونة من الشعب

الساكت

حارس الكنيسة

الثبات على المبدأ

جديد الموقع