التمييز الديني في الإعلام المصري المرئي

بقلم- جرجس بشرى
يشهد الإعلام المرئي المصري الرسمي حالياً قفزة غير مسبوقة في تاريخه، من ناحية زيادة مدة البث، وكذلك من ناحية تنوع البرامج التي تناقش مشكلات متخصصة ومزمنة في المُجتمع المصري، كبرامج الطفل أو المرأة أو برامج التوعية الصحية.

ومع تزايد رقعة ومساحة عرض البرامج الدينية الإسلامية في منظومة التطوير الأخيرة التي شهدها التليفزيون المصري الرسمي، خاصة على قنواته الأولى والثانية والثالثة، إلا إننا لم نلحظ بالمرة وجود برنامج ديني مسيحي واحد!!

وهو ما يبرهن بالفعل على غياب الممارسات الفعلية للمواطنة على شاشة التليفزيون المصري، فالمسيحيين المصريين من حقهم أن يرون برنامج دين مسيحي على قنوات التليفزيون المصري الرسمي، حتى يشعروا بالمساوأة والمواطنة التي تتغنى بها الحكومة المصرية، وتُصدع بها رؤوسنا من وقت لآخر دون أن نرى نتائج ملموسة على الأرض لهذه الأقوال والتصريحات الحكومية.

إن عدم عرض برنامج دين مسيحي على التليفزيون الرسمي للدولة له مدلولات ودلالات خطيرة على مصر، لأنه يبرهن على مُعاداة الدولة للمسبيحية نفسها كدين مُعترف به، ويشير إلى أن المسيحية نفسها من وجهة نظر الحكومة تُعتبر بمثابة عدو لدود للأمن القومي المصري.

والأخطر في الموضوع أن هناك من يفهمون أن عرض برنامج ديني مسيحي بالتليفزيون المصري الرسمي يمُثل تهديدأ للإسلام، فليس من المعقول أن يفهم القائمين على وضع السياسات الإعلامية أن المسيحية تُمثل تهديداً للإسلام، وأن عرض برنامج دين مسيحي يؤثر على إختيارات ومُعتقدات المسلمين، وليس من المعقول أبداًَ ونحن في عصر حقوق الإنسان أن يتم منع ظهور برنامج ديني مسيحي على القنوات الرسمية بالتليفزيون المصري، خاصة وأن المسيحيين المصريين يمولون هذه القنوات التليفزيونية من ضرائبهم وعرقهم وجهدهم.

إنني مع عرض برامج دينية إسلامية على الشاشة ولست ضد ذلك ولكن بشرط أن يتم عرض برنامج مسيحي أيضاًَ، والتساؤل الذي يُثار هنا.. هل المسيحية دين كُفر حتى يمنع المسئولون على وضع السياسات العليا للتليفزيون وأولهم وزير الإعلام برنامج ديني مسيحي؟

ولماذا كل هذا التخوف الشديد والرعب الواضح من وجود برنامج ديني مسيحي على شاشات التليفزيون المصري الرسمية، وأقول في النهاية ان تطوير المنظومة الإعلامية بدون المسيحيين يُعد تطويراً معيباً ومنقوصاً، مهما كانت الأسباب التي تتحفظ منها الحكومة على هذا المنع البغيض لحق من حقوق المسيحيين في بلدهم، وهو حقهم في وجود برنامج ديني يخاطبهم.