CET 00:00:00 - 10/11/2009

مساحة رأي

بقلم: أنطوني ولسن
أزاحت العولمة الحدود بين الدول، ألغت الفوارق الدينية والجنسية، لم تهتم بلون الإنسان قدر اهتمامها بإنسانية الإنسان، الفقر والغنى لا مكان لهما في مفهوم العولمة لأن الغني قد يصير فقيرًا والعكس قد يحدث، الفقير يصير غنيًا إذا واتته الفرصة.
يجب أن يعيش الناس في تناغم وتفاهم عن طريق معرفة كل منا للآخر طبقًا لما وصل إليه إنسان هذا الزمان من تكنولوجيا علمية قرّبت المسافات وغيّرت الكثير مما كان يعيشه إنسان الماضي الغير بعيد. تستطيع أن تتحدث إلى أي إنسان مهما بعدت المسافة بينكما، يسمع صوتك وتسمع صوته، بل تراه ويراك في نفس اللحظة. وفي نفس اللحظة أيضًا يمكنكم تبادل الرسائل الإلكترونية في ثوان معدودات.
باختصار صار العالم كما شبهوه قرية صغيرة... فهل استفاد الإنسان بالفعل من هذه العولمة؟ وهل هذه التكنولوجيا التي صاحبت العولمة غيرت من الإنسان وطباع الإنسان وأطماع الإنسان وشروره؟
أسئلة كثيرة الإجابة عنها تقول... لا.. لا لم تغير لا العولمة ولا التكنولوجيا الحديثة والعجيبة شيئًا في الإنسان غير أنها زادت من أطماعه وشروره بطرق مختلفة لم تكن متوفرة لغالبية الناس كما هو الحال الآن.

كانت تتميز بعض البلدان بالاستقرار والأمان ولو نسبيًا في أراضيها، أصبحت الآن في حالة توتر وخوف وعدم استقرار توقعًا لما قد يحدث دون سابق إنذار أو تحذير أو حتى تخمين إمكانية حدوثه.
وما حدث في أكبر معسكرات الجيش الأميركي في تكساس لهو أكبر دليل على عدم وجود لا أمن ولا أمان، لأنه لا أحد كان يمكنه أن يخمن أو يتوقع أن طبيبًا نفسيًا برتبة ميجور في الجيش الأميركي لا بد وأنه يتمتع بالجنسية الأمريكية وإلا ما وصل إلى ما وصل إليه، يخرج عن وعيه ويطلق النار على من هم المفروض فيهم أنهم زملاء سلاح ويقتل 13 عسكريًا ويصيب 28 آخرين، ولو لم تطلق عليه النار إحدى أفراد المعسكر لزداد عدد القتلى والجرحى دون معرفة حقيقة الدافع أو الدوافع التي جعلته يرتكب مثل هذا الجرم العظيم. كل ما فهمناه أنه طلب منه الذهاب إلى العراق لينضم إلى القوات الأمريكية المتواجدة على الأراضي العراقية.
وأسأل.. أو أتساءل.. طبيب نفسي، لا مهنته ولا مهمته لهما صلة بالحرب لا ضد العراقيين ولا ضد المعتدين، إنه طبيب نفساني سيلحق بالوحدة الطبية التي مهمتها الإشراف الطبي البدني والنفسي على ضباط وجنود الجيش الأميركي في العراق، بمعنى أنه لن يوجه سلاحًا ضد عراقي أو غير عراقي إلا في حالة الدفاع عن النفس.. عن نفسه هو أو زملائه. فلماذا يقوم بهذا الفعل الغير لائق بطبيب عسكري برتبة ميجور؟
وحتى هذه اللحظة لا أحد يعرف، ولكن لماذا قبل أن يرتكب فعلته صرخ بصوت عال "الله أكبر.. ألله وأكبر"، هل كان يعرف أنه يقوم بعمل فدائي؟ وأسأل أيضًا عمل فدائي ضد من؟ أليس الذين اعتدى عليهم وقتلهم زملاء سلاح ولا شك أنه لم يصل إلى ما وصل إليه من رتبة عسكرية إلا إذا كان بالفعل يستحق ذلك!!
لو أن أميركا أو الدول الغربية تتعامل مع غير الأمريكان الذين تجنسوا بجنسيات الدول التي يعيشون على أرضها بكامل حريتهم بنفس فكر الغخوان المسلمين أو المتشددين من المسلمين، ما كان أي منهم تبوأ ما تبوأه كل مجتهد وناجح دون النظر إلى خلفيته أو ديانته، على عكس ما ينادي به كما أشرت الإخوان والمتشددين مع أبناء وطن واحد اختلفت ديانتهم فكفروهم وخونوهم ونسوا أن نصر أكتوبر 1973 كان بفضل الله وإخلاص ضابط مسيحي لوطنه مصر الذي استطاع أن يقضي على أسطورة خط بارليف، الأسطورة التي كانت تدرس في الأكاديميات العسكرية في العالم.
وإن كان الدافع تنفيذ أوامر وصلته من أي جهة إسلامية فدائية، فهذا لن يكون علامة مطمئنة لشعوب وحكومات الدول التي ظنت أن العولمة أو التعددية الحضارية أو الثقافية ستخلق مجتمعًا متجانسًا، لأنهم سيكتشفون أنهم مشوا وراء سراب وحلم لا يمكن تحقيقه.
ولا أعرف سببًا وجيهًا يدفع برجل مثله أن يقوم بفعل ما قام به من قتل زملاء سلاح، ولن يعطي هذا الفعل الثقة في أي غريب عن الوطن، وما حادثة مقتل مروة الشربيني إلا علامة واضحة للتوتر وعدم الاستقرار لشعوب الدول الغربية التي ظنت أنها تستطيع إلغاء الحدود وتقارب الشعوب مهما اختلفت جنسياتهم أو دياناتهم أو حتى لون بشرتهم.
وهذا يأخذني إلى عنوان المقال.. لمن يكون الولاء؟!!.. وأترك لكم الإجابة على هذا السؤال لأن العالم الآن أصبح ما ينطبق عليه القول الشعبي المصري.. سمك لبن تمر هندي!!.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق