CET 00:00:00 - 10/11/2009

مساحة رأي

بقلم: العرضحالجي المصري – د. ميشيل فهمي
معركة شرسة ضد هوية مصر وحضارتها

وجدت لِزامًا أن أبدأ هذا الجزء بتصحيح واقعة تاريخية وردت بتعليق أحد السادة المعلقين على الجزء الأول، حيث كتب سيادته ((إذًا الإخوان ينتمون إلى الوهابية وهي أقلية دينية، فلماذا اكتسبوا كل ذلك النفوذ؟ بسبب الدولة السعودية التي أنشأت حركة الإخوان المسلمين)).
وصحة نشأة جماعة الإخوان المسلمين أنها تمت ونشأت في مصر تحديدًا بمدينة الإسماعيلية على يد حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا الساعاتي..، خريج كلية المعلمين بعد أن عُيّن مدرسًا بهذه المدينة، وقد موّلته قوات الإحتلال الإنجليزية بالقناة بمبلغ 500 جنيهًا مصريًا، وكان هذا أول تمويل خارجي تتلقاه الجماعة. وعليه فنشأة الإخوان إنجليزية وليست سعودية.

ونعود الآن للجزء الثاني من هذا البحث، وكنا قد توقفنا عند نقطة أن الأداة الأساسية والرئيسية بل والمفصلية لتحقيق الأهداف المضادة لمصر من بعض الدول العربية الإسلامية والتحالفات الدولية هي الدين، فبالإسلام السلفي الصحراوي البدوي التطرفي المنغلق يهزمون الإسلام السمحي الوسطي المنفتح علي الغير والمتفتح لهم. فبإسلام (هيئة كبار العلماء) و(هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) الصحراويتان، يهزمون الإسلام السني بمنارة الأزهر، وبالأصولية التطرفية يهزمون التقدمية والعلمانية التي هي في نظرهم كُفر وإلحاد..
هذه القوى والتكتلات الخارجية تحالفت وتكاتفت وخططت ومَوِلتّ وصرفت بحيث تكون هناك جماعات متعددة المدارس والمذاهب مسلحة بآلاف الملايين من الدورلارات البترولية السوداء الصِفة والقَصْد، والريالات الخليجية، والشيعية (الإيرانية) ومُؤيدة بعشرات الفضائيات الإسلامية المدعمة بترسانة من الفتاوى الدخيلة والمندسة على صحيح الإسلام كما جاء منذ 14 قرنًا من الزمان، لكن كلها ذات هدف واحد ومُوَحد.. وهو: إلغاء هوية مصر الفرعونية.. وزعزعة استقرارها.. وأمنها.. وبلبلة فِكر أبنائها بتشكيكها في كل مؤسساستها..إلخ، بغرض إفقاد مصر المحروسة لكل مقوماتها السياسية، والدينية، والاجتماعية، والاقتصادية، وتعود للقيادة للخلف تاركة كل صنوف وعوامل التقدم بإلهائها وإغراقها في غياهب السلفية وظلامياتها، وقد بدأت أولى هذه الموجات على عِدة أشكال منها الموجة الإرهابية بقتل المرحوم فضيلة الشيخ الذهبي وتكوين جماعة شكري مصطفي في أواسط السبعينيات، ومنها الموجة الاقتصادية في صورة السيطرة على شركات التمويل والاستثمار وزرع علم وهمي لا وجود له في الواقع بما يعرف بالاقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية الذي ما زالت جذورها متأصلة حتى الآن، من حيث أن غالبية -إن لم يكن كل- شركات تحويل العملات المنافسة لبنوك مصر في أيدي الإسلاميين المصريين المتأسلمين وهابيًا، ثم الهجمة الكُبرى بأسلمة الحياة المصرية بالكامل.. وأخيرًا وليس آخرًا محاولة تنقيب مصر المحروسة ووأد فتياتها ونساؤها بدفنهم في خيمة سوداء حاجبة للفِكرْ وللضوء والشمس فيما عدا ثقبين سعة ملليمترات هي المساحة المسموح بها للمرأة بالنظر منها للدنيا والحياة.
ولما كان الدين هو العامل الأساسي والسلاح الفعال والمؤثر لتحقيق كل ما سبق، فكان لِزامًا إيجاد شكل ديني يقوم بهذا الأداء بفاعلية ويستر كل تلك الأغراض الخفية، فكانت الضالة المنشوده هي: إعادة إحياء وتقوية ((جماعة الإخوان المسلمين)) المعروف تاريخها المتلون ليناسب جميع الظروف والأزمان، وقد كان...
فقد مرت مصر بعدة ظروف إرهابية صعبة يعرفها القاصي والداني، أثرت بشكل سلبي ومباشر على أمن واقتصاد مصر المحروسة تغلبت على أغلبها، فيما عدا سيطرة الإخوان المسلمين على عقل ووجدان وأنشطة الشارع المصري المسلم حتى الآن، وتحديها لوزارتي الداخلية والعدل من حيث أنها تنشط علنيًا رغم حِظرها قانونيًا، كيف يتأتى ذلك؟؟ سؤال هام وحيوي لا إجابة عليه حتى الآن، وعملها على تنفيذ المخططات السابق وضعها من قِبّل التكتلات الدولية السابق ذكرها، والعمل علي زعزعة استقرار مصر وضرب أمنها في مقتل، عن طريق شق صف الوحدة الوطنية والعمل التام على فصل عنصري الأمة المصرية -أي مسحييها ومسلميها-، من حيث اتضح وثبت وتيقن أنها وراء كل الاحتقانات الطائفية والشقاقات المهنية والنقابية بكافة أنشطة مصر...إلخ الحادثة بمصر الآن، باعتراف العديد من المسؤولين بالدولة بذلك.
وآخر معاركها أمام حكومة رخوة مُتراخية في تنفيذ قوانينها حماية لشعبها وبلدها... بدأت معركة النقاب وفرضه على نساء مصر المسلمات، رغم إعلان أعلى سلطتين دينيتين إسلاميتين في مصر وهما الأزهر ودار الإفتاء عدم شرعيته دينيًا مُدعمين ومستشهدين بآراء المذاهب الأربعة: الحنفية للإمام النعمان بن ثابت، والمالكية للإمام أبو عبد الله بن مالك، والشافعية للإمام محمد بن إدريس أبوعبد الله الشافعي، الحنبلية للإمام أبوعبد الله أحمد بن محمد بن حنبل... وكلهم أجمعوا أن النقاب ليس من صحيح الدين الإسلامي، وبناء على هذا أصدر كل من شيخ الأزهر والمفتي فتواهما، وقام السيد الدكتور وزير الأوقاف بإصدار كتيب (النقاب عادة.. وليس عبادة).

ومن ذلك نخلص أنه من المنظور الديني الشرعي لا وجود في الدين للنقاب.. فلِماذا هذا الإصرار الهستيري عليه بهذا التشدد والتشنج؟؟؟ إلا لغرض في نفس يعقوب! ومن هذا يتضح أن فرض النقاب والعمل على انتشاره -وقد انتشر فعلاً- ما هو إلا -كما أسلفنا- لهدم وطمس الهوية المصرية، وفرض السيطرة على المجتمع والشارع المصري بكل أطيافه، وإثبات قوتهم أمام من كلفهم بذلك.
وفعلاً تم تنقيب مصر بالكامل، نُقِب إعلامها بكافة وسائله، نُقبت مدراسها وجامعاتها، ونُقب أزهرها بكافة مؤسساته ومعاهده التعليمية، نُقِبت نقاباتها المهنية والعمالية، نُقِبت وزارتي داخليتها وخارجيتها، نُقِبت هيئاتها القضائية، نُقبت تمويلاتها وتجارتها وصناعتها، نُقِبت شوارعها ومبانيها.
وكانت قمة نجاح كل هذا المؤتمر الصحفي الهام والعلني الذي عقده حضرة صاحب الفضيلة الكابتن محمد مهدي عاكف المرشد العام للجماعة المحظورة، حيث سب وخوّن وأهان الدولة المصرية بكافة مؤسساتها بِدءًا من الرئاسية ونهاية بكل مسؤولي الدولة، ولم يُحرك أحدًا ساكنًا ((ولأهمية هذا المؤتمر سأفرد له مقالاً خاصًا، بعنوان إعلان قيام الدولة الإخوانية... جمهورية مصر سابقًا)).
وقد جاءت الجماعة بشعار رفعوه، وسرى سريان النار في الهشيم، ألا وهو ((الإسلام هو الحل))، ولم يقولوا أي إسلام الذي فيه الحل؟ ولأي حل؟؟
هل الإسلام الشيعي، أم السني، أم إسلام الزيدية، أو الجعفرية؟ أم إسلام حماس، أم إسلام أفغانستان أو باكستان أو إسلام طالبان أم إسلام الصومال، أم إسلام الحوثيين في اليمن...إلخ؟، مما لا يتيح المجال ذكرها.. وأي حل: هل هو الحل الاقتصادي أم الاجتماعي أم السياسي أم العلمي؟.. عبارات مطاطية هُلامية تنتمي إلى أطباق الجيلي أكثر من تطبيقها في الواقع، إلا علي أناس أو أقوام مُغيبين ذهنيًا ودينيًا.

وإلى الجزء الثالث والأخير وما يخصنا كأقباط من تنقيب مصر.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٨ صوت عدد التعليقات: ١٥ تعليق