CET 00:00:00 - 11/11/2009

حوارات وتحقيقات

المؤسسات الدينية الرسمية توافق.. والأطباء ينتظرونه.. والمرضى ضحايا..

تحقيق: مادلين نادر – خاص الأقباط متحدون

مرضى كثيرون ينتظرون إقرار قانون نقل الأعضاء بأسرع وقت ممكن انقاذًا لحياتهم، ولكنهم يصطدمون بالعراقيل الكثيرة التي تقف حائلاً دون الموافقة على قانون نقل وزراعة الأعضاء. فعلى الرغم من وجود اتفاق على أهمية قانون زراعة ونقل الأعضاء وعدم اعتراض المؤسسات الدينية الرسمية عليه، لكن لا أحد في مصر يستطيع توقع الوقت الذي سيصدر فيه القانون. مع بداية كل دورة تشريعية للبرلمان المصري تطفو على السطح مناقشات وجدل وحوار حول القانون، وهذا ما حدث خلال الفترة الماضية لكن الجديد أن الحكومة أعلنت أن القانون سيكون محل دراسة ومناقشة في مجلس الشعب لإقراره في الدورة التشريعية القادمة التي تبدأ الأربعاء القادم. فمشروع القانون قدمته الحكومة في نهاية الدورة الماضية وتعرض لنقد واعتراض عدد من أعضاء مجلسي الشعب والشورى –قطاع كبير منهم أعضاء في الحزب الوطني– بحجة التخوف من انتشار بيع وتجارة الأعضاء، وفشلت اللجنة المشتركة من لجنة الصحة والشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشورى في الحصول على موافقة الأعضاء على إجراءات نقل وزراعة الأعضاء البشرية في حالة موت جذع المخ إلا بعد ثبوت موته يقينيًا واستحاله عودته للحياة‏، وهو ما أدى إلى تأجيل القانون، الأطباء بدورهم يحذرون من تأخر صدور القانون ويؤكدون أن عدم وجود قانون ينظم عمليات نقل الأعضاء هو الذى يؤدي إلى ازدهار تجارة الاعضاء. وأكبر دليل على ذلك ما حدث مؤخرًا في منطقة كفر العلو بمحافظة حلوان تم القبض على ٦ شبان غرباء عن كفر العلو يقيمون فى المنطقة، كانوا ينتظرون لأخذ الكلى منهم مقابل ١٠ آلاف جنيه للكلية الواحدة لكل شخص، وكشفت تحقيقات نيابة حلوان أن المتهمين كانوا ينتظرون بيع أعضائهم البشرية، وأن أحد الأشخاص استقطبهم واتفق معهم على الصفقة واستأجر لهم هذه الغرفة بكفر العلو للإقامة فيها، لحين إجراء العملية.
تحدثنا إلى الدكتور ماجد شوقي مرجان "استشاري جراحة المخ والأعصاب" عن موت جذع المخ الذي يُعد القضية الجدلية الأساسية ومحل الخلاف بين الأطباء المؤيدين والمعارضين فقال: يجب أن يُشخّص موت جذع المخ بشكل جيد، فهناك عدة عرض يجب أن يتم التحقق منها للجزم بأن الحالة هي موت لجذع المخ وليست غيبوبة عميقة أو ما شابه. ففى أوروبا والدول التي طبقت نقل الأعضاء تشترط أن يتابع المريض إثنان من الإستشاريين في فترات مختلفة من اليوم ويكتب كل منهما على حده تقريره بالحالة، ولو أن كل الاختبارات أثبتت تحقق موت جذع المخ يقوم الأطباء بالتوقيع على التشخيص، فالموت الإكلينيكي المحقق طبيًا هو موت جذع المخ. وفي هذا الصدد يجب أن تتم عملية نقل الأعضاء في جميع المستشفيات التي يوجد بها رعاية مركزة، وبموافقة أهل المريض، وأن تتكون لجنة طبية تشرف عليها وزارة الصحة تشرف على عمليات نقل الأعضاء من الأموات تمهيدًا لنقلها لمن يحتاجها ذلك لضمان المصداقية.

وأضاف د. مرجان: يجب أن يتقبل المجتمع أولاً فكرة نقل الأعضاء وسيساهم بشكل كبير في ذلك اقتناع القيادات الدينية حيث تعود الفائدة لفئات عديدة خاصة مرضى الكبد والكلى..إلخ.

الدكتور محمد الوحش "رئيس قسم جراحة وزراعة الكبد بجامعة الأزهر" يقول: أولاً من حيث الشرع فإن الأصل هو الإباحة ما لم يرد فيه نص قاطع، فاذا كان الناس يتبرعون بدمائهم لأن الدم يتجدد فخلايا الكبد أيضًا تتجدد ويمكننا زراعة خلايا منه وأصبحنا نتعامل معه مثلما نتعامل مع التبرع بالدم. والجميع يعلم ان الأطباء في الخارج أكثر حرصًا على مصلحة المريض خاصة وأن أي خلل يحدث يعرض الأطباء للمسائلة القانونية وهناك قوانين تحكم هذا الأمر.
وبالنسبة لمن يقولون أن موت جذع المخ ليس معناه ان الشخص توفى ويمكنه العودة للحياة مرة أخرى أود ان أوضح ان هناك فرق بين الغيبوبة العميقة وموت جذع المخ، في الحالة الأولى بالفعل يمكن أن يعود الشخص للحياة مرة أخرى لكن في حالة موت جذع المخ إذا تم انتزاع الأجهزة الطبية ستتوقف كل أجهزة الجسم وحتى إذا تم استمرار وضع المريض على الأجهزة فلن تستمر حياة هذا الشخص أكثر من 3 أسابيع على الأكثر، فالوفاة ستتحقق حتمًا حتى لو استمر على الأجهزة عدة أيام.

وأكد د. الوحش: القانون به الكثير من التشوهات، فمثلاً ما المستشفيات التي سيتم فيها نقل الأعضاء؟ فمن المفترض أن تكون تحت رقابة الدولة ولا يُسمح باجراءها في المستشفيات الخاصة. وأن تكون الأعضاء التي تؤخذ من المتوفيين بالعناية المركزة بالمستشفيات الجامعية هي من حق الفقراء.

ويتحدث الدكتور رفعت كامل "أستاذ جراحة الكبد بكلية الطب جامعة عين شمس" عن أهمية القانون قائلاً: نحن في حاجة ملحة لقانون يبيح زرع الأعضاء بشرط أن يكون الطبيب الذي يحدد الوفاة ليست له مصلحة أو علاقة بمن في حاجة للزراعة،‏ وأن توضع الضوابط والبروتوكولات لتحديد الأولوية المرضية وليست أولوية الأهمية فيما إذا كان المريض مواطنًا عاديًا أو وزيرًا أو مسئولاً كبيرًا‏.‏ وفي انجلترا كمثال حدثت ضجة كبيرة على تفضيل الزرع للاعب كرة مشهور على سواه من المرضى مما عطل إجراء العملية هناك لمدة ثلاثة أشهر حتى استعاد الشعب ثقته في عدالة التوزيع‏..‏ والمشكلة في زراعة الأعضاء تتمثل في التكلفة الباهظة في التحاليل والاستعداد والعناية‏، لأن الإصابة بأي التهابات تقلل من فرص النجاح وتعرض المريض لمضاعفات تحتاج إلى عملية أو عدة عمليات أخرى‏، وزراعة الكبد ليست بقرار فردي للطبيب لكنه قرار جماعي يشارك فيه الجراح وأطباء الأشعة والمعامل والتخدير‏.
‏واستطرد قائلاً: إصابة المريض بفيروس ‏C‏ لا تعني حاجته إلى زرع كبد‏,‏ وإنما الزراعة تتم في بعض حالات التليف فقط‏,‏ وهنا تصبح الأمانة الطبية ضرورية حيث لا يحدد الطبيب المعالج الزرع في حالة الاستقرار لمدة خمس سنوات أو أكثر دون مشكلات أو مضاعفات‏..‏ وفي هذا السياق يجب التصدي بحزم للقضاء علي مافيا تجارة الأعضاء البشرية في مصر.

ماذا عن رأي الدين؟

أكد الأنبا بسنتي "أسقف حلوان والمعصرة" على أن الكنيسة لم تعترض على قانون نقل الأعضاء من حيث المبدأ، فعملية النقل من أموات إلى أحياء لا يوجد أي اختلاف فيه أو رفض لها، فقط توجد نقطة تخص تحديد الوفاة من عدمها، أما عملية نقل الأعضاء من أحياء لأحياء فلا مشكلة طالما لا توجد تجارة للأعضاء.

من جانبها قال الدكتور سعاد صالح "أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر": يُعد نقل الأعضاء من القضايا التي فرضت نفسها على الساحة العالمية والعربية في الوقت الحالي. ولكننا في مصر لا يزال لدينا جدل واسع، فالأطباء أنفسهم مختلفون حول حقيقة الموت، هل هو التوقف التام للقلب أم موت جذع المخ؟ لذلك يجب التأكد أولاً من ماهيه الموت الحقيقية قبل أن نفكر في قانون لنقل الأعضاء، لأننا لو فتحنا هذا المجال دون حسم مسألة التحقق من الموت يمكن أن يصل الأمر إلى الإتجار في الأعضاء.

وردًا على ما قاله الدكتور أحمد السايح "أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر" في أحد البرامج في قناة فضائية بأن الإنسان هو ملكًا لله وأنه لا يجوز لأي إنسان حيًا أو ميتًا أن يتبرع بأحد أعضاءه للآخرين فهي ليست ملكًا له، أكدت د. سعاد: مثل هؤلاء يحرّمون نقل الأعضاء بالرغم من أنه أمر مهم وضروري لإنقاذ حياة الكثيرين، ولكن بشرط أساسي أن تؤخذ من شخص قد توفى بالفعل وتم التحقق من الوفاة. ويجب على الأطباء الانتهاء سريعًا من تعريف الوفاة وتحديد شروطها بشكل قاطع لإقرار القانون الذي يحتاجه آلاف المصريين-
 

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق