CET 09:01:03 - 12/11/2009

مساحة رأي

بقلم: القس رفعت فكري
تذخر بعض المواقع الإلكترونية وبعض الصحف العربية بقصص اعتناق بعض المشاهير من الشخصيات الأمريكية للإسلام, ومن هذه الشخصيات البارزة ( نيل آرمسترونج ) أول رائد فضاء أمريكي هبط على القمر, ويذكر عنه إنه سمع الآذان على سطح القمر.. فأسلم عندما سمعه على الأرض, وذُكر عنه  ( إنه كان يقضى إحدى إجازاته عام 1999 في القاهرة وهي أول مرة يقضى فيها آرمسترونج إجازته في دولة إسلامية وأثناء نومه سمع صوت الآذان فجلس فزعاً وهو ينصت بكل حواسه, وما أن انتهى النداء لصلاة الفجر حتى عادت ذاكرته إلى الوراء ثلاثين عاماً حين كانت أعظم لحظة في حياته عندما هبط من المركبة الفضائية الأولى على سطح القمر في يوليو عام 1969 ..  وتأكد آرمسترونج أنه سمع هذا النداء لأول مرة في حياته على سطح القمر وكان واضحاً للغاية, فراح يصيح بالإنجليزية دون وعي..  جليل أيها الرب..  قدوس أيها الرب,  وإنه عندما قال لمرافقيه إنه سمع هذا الآذان على سطح القمر ما كان منهم إلا أن اتهموه بالجنون, ولكنه بعد أن عاد إلى أمريكا درس الدين الإسلامي, وبعد عدة شهور أعلن إسلامه, فقامت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بفصله من وظيفته, وأن أحد الصحفيين سأل آرمسترونج عن رده على قرار فصله فكانت إجابته ( إنني فقدت عملى ولكنني وجدت الله ) !!
من الواضح أن موضوع اعتناق آرمسترونج للإسلام ليس جديداً, فلقد أثير منذ سنوات عدة في عدد من البلدان الإسلامية, الأمر الذي جعل آرمسترونج يكلف فيفيان وايت مساعدته بأن ترسل رسالة بتاريخ 14 يوليو 1984 إلى مركز البحوث الآسيوية هذا نصها (السيد/ فل بارشال مركز الأبحاث الأسيوية - طلب مني السيد أرمسترونج أن أرد على رسالتك كي أشكرك على محاولتك للتأكد من هذا الموضوع .
التقارير التي تتحدث عن تحوله إلى الإسلام وسماعه للآذان فوق سطح القمر وفي أماكن أخرى, كلها تقارير غير حقيقية, عدد من دور النشر في ماليزيا وأندونيسيا و بلدان أخرى نشرت هذه التقارير من غير التأكد من صحتها, نعتذر للأضرار التي قد تكون قد سببتها هذه الأساليب الصحفية الملتوية, من ناحية أخرى فإن السيد آرمسترونج قد وافق على أن يشارك في مقابلة هاتفية كي يشرح رد فعله لهذه القصص, مرفق نسخة من رد وزارة الخارجية الأمريكية قبل وبعد المقابلة).

كان هذا هو نص الرسالة التي أرسلتها فيفيان وايت مساعدة آرمسترونج, وهاهي أيضا نص الرسالة المرسلة من وزارة الخارجية الأمريكية إلى جميع سفارات وقنصليات الدول الإسلامية والتي أرفقتها مساعدة أرمسترونج مع رسالتها لمركز البحوث الآسيوية:-
(الموضوع: تحول نيل آرمسترونج المزعوم للإسلام

1- نشرت عدد من الصحف في مصر وماليزيا وأندونيسيا وبلدان أخرى تقارير عن رائد الفضاء السابق نيل أرمسترونج، الذي يعمل في أعمال خاصة الآن, هذه التقارير زعمت بأنه أعلن إسلامه بعد زيارته للقمر عام 1969. نتيجة لهذه التقارير استقبل آرمسترونج اتصالات من أشخاص وهيئات دينية واتصال على الأقل من دولة واحدة عن إمكانية مشاركته في أنشطة إسلامية.
2- نحن نشدد على رغبته بأنه لا يرغب في إهانة أحد أو أن يظهر عدم احترام لأي دين، فآرمسترونج قد أبلغ الوزارة بأن التقارير عن تحوله إلى الإسلام غير صحيحة.
3- لو حدث وأن استقبلت السفارات الأمريكية طلب بهذا الخصوص, فآرمسترونج يرغب بأن يبلغ الطالب بأدب وبحزم بأنه (آرمسترونج) لم يتحول إلى الإسلام، وليس لديه أي خطط أو رغبة كي يسافر إلى أي مكان للمشاركة في أنشطة إسلامية دينية) .
كان هذا هو نص رسالة وزارة الخارجية الأمريكية لسفارات وقنصليات الدول الإسلامية وتعليقاً على هذا الموضوع  لنا عدة ملاحظات :-
أولاًًً :- إن حرية الاعتقاد هي حق أصيل من حقوق الإنسان, ومن حق أي إنسان أن يعتنق ما يشاء من أديان وأن يغير دينه وقتما يريد, ومن حق أي إنسان أن يكون لا دينياً أو لا أدرياً أو بوذياً أو كنفوشيوسياً, ومن حقه حتى أن يكون ملحداً وليس لبشر أن يحاسبه لأن الدينونة لله وحده .
ثانيا:- من البديهي أن الأديان قوية وراسخة وبالتالي فهي ليست في حاجة لأن نثبت صحتها وصدقها من خلال الزعم باعتناق المشاهير لها, فالأديان القوية لا يضيف إليها المشاهير شيئاً ولكنها تضيف إليهم الكثير .
ثالثا:- إن اعتناق أي شخص لدين ما لا يعتبر مكسباً لهذا الدين ولكن من يكذبون ويدلوسون ويلفقون القصص يفقدون مصداقيتهم, كما أنهم يسيئون كثيراً إلى الأديان التي يعتنقونها !

رابعا:-من السخف أن يزعم أحد أن وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) استغنت عن خدمات أول رائد فضاء يهبط على سطح القمر وقررت فصل آرمسترونج من وظيفته لأنه اعتنق الإسلام, فأمريكا ودول الغرب هي بلدان تقدس حرية الفرد وتحترم حقوق الإنسان وتؤمن بحرية العبادة وحرية الاعتقاد, ففي الأسرة الواحدة قد يوجد المسيحي والمسلم والبوذي واللاديني فهذه الدول لاتؤمن بالواحدية ولاتعرف تكفير الآخر المغاير فهناك عشرات الأديان ومئات المذاهب ومن حق أي أحد أن يبشر بدينه وبما يعتقد بكل حرية, ودون قيود ودون أن يمنعه أحد, وهذا المناخ الصحي يكشف لنا مدى تمسك هذه الشعوب بمبادئ الديمقراطية واحترام حرية الفرد والتي هي السبب الأساسي في تطور هذه الشعوب ورقيها في جميع المجالات.
خامساً:- إننا مع حرية الاعتقاد ولسنا ضد أن يغير شخص ما دينه ولكننا في ذات الوقت مع المصداقية والشفافية وضد الكذب والتدليس وتلفيق القصص والحكايات.

وختاما: هل لدى الصحف العربية من شجاعة كافية - وهي التي تتشدق ليل نهار بالحرية والديمقراطية وحق الاعتقاد – أن تثبت بالدليل والبرهان إنها فعلاً مع حرية الاعتقاد ومع مبدأ ( لا إكراه في الدين ) فتنشر على صفحاتها العديد من القصص الحقيقية غير الملفقة للعديد من الأشخاص الذين تركوا الإسلام واعتنقوا المسيحية دون أن تشوه صورتهم, أو تسئ لسمعتهم, أو تتهمهم بالخيانة ؟ إنه سؤال يحتاج إلى إجابة فعلية وليست كلامية !!

راعي الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف – شبرا
refaatfikry@hotmail.com

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٠ صوت عدد التعليقات: ١٦ تعليق