رسالة إلى الوالي

أنور عصمت السادات

بقلم: أنور عصمت السادات
المتابع للمشهد السياسي المصري سيدي الرئيس يجد العديد والعديد من الأوضاع الشاذة التي تعبر بطبيعة الحال عن التدهور الملحوظ الذي تعيشه مصر في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والرياضية والخدمية وغيرها, ولعل أبرز تلك الأوضاع غير الطبيعية هي السيطرة والهيمنة الكاملة التي تفرضها لجنة السياسات بالحزب الوطني وأمينها السيد جمال مبارك منذ عام 2003 على جميع مشروعات القوانين والسياسات التنفيذية والقرارات الوزارية للحكومة المصرية والتي هي حكومة المصريين جميعاً وليست حكومة الحزب الوطني فقط.

وكما تعلم سيادة الرئيس أن تلك السياسة التي انتهجتها لجنة السياسات من فكر وإعداد لمشروعات القوانين والقرارات الإقتصادية والإجتماعية أثبتت الأيام والسنين فشلها في العديد من الأطروحات التي قدمتها اللجنة ونفذتها الحكومة, ورغم علم بعض الوزراء بفشل تلك المشروعات أو السياسات مسبقاً واعتراضهم عليها في السر إلا أنهم يفضلوا الإلتزام الحزبي المزعوم والصمت دائماً تنفيذاً لرغبة وإرادة نجلكم وحفاظاً على مناصبهم ومصالحهم.

إن ما أدت إليه تلك السياسة يا سيادة الرئيس من تفاقم لأزمات مصر بدءاً ً من تحرير سعر صرف الجنيه المصري وربطه بالدولار الأمريكي بدلاً ً من سلة عملات كالعديد من الدول المستقرة إقتصادياً إلى التعديلات الدستورية المشوهة والمحاكمات العسكرية للمدنيين إلى ارتفاع الأسعار الذي أعلنته الحكومة في مجلس الشعب وحتى القرار الجمهوري بإضافة محافظتي حلوان و6 أكتوبر بشكل عشوائي ومفاجئ، بالإضافة إلى العديد من القوانين المرفوضة شعبياً مثل قانون زيادة الرسوم القضائية ومشروع صكوك الملكية الشعبية وكادر المعلمين وانتهاءاً بالقوانين الضريبية المنفردة التي أشعلت غضب بعض المهنيين مثل الصيادلة، علاوة على تجاوزات رجال الأمن وانعدام الثقة مع المواطنين, وقد شكلت فيها الحكومة حائطاً للصد بين الشعب ونوابه من جهة وبين من هم وراء هذه الأفكار والمسئولين الحقيقيين من أعضاء لجنة السياسات.

فالحقيقة يا سيادة الرئيس أن وزراء الحكومة في مصر لا يعبرون عن إرادتهم ولا سياستهم ولا شعبهم بل يعبروا فقط عن سياسات نجلكم وصحبته في لجنة السياسات التي شكلت وجه مصر في الفترة الحالية علاوة على عدم استطاعة نواب الشعب في البرلمان محاسبتهم أو تحمليهم مسئولية سياستهم.

ويضطر النواب إلى صب جام غضبهم ولومهم على وزراء الحكومة الذين أخذوا يفرون من حضور جلسات الإستجواب بالبرلمان ليتفادوا الصدام المتوقع نتيجة السياسات غير المدورسة من اللجنة الجمالية المباركة بالحزب الوطني.

وتأتي زيارة السيد جمال مبارك وأعضاء لجنة السياسات لدول عديدة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لتبادل الآراء وتقديم المقترحات حول مستقبل مصر وكأنهم ممثلين عن كل الشعب وليس عن توجهات الحزب الوطني الذي يمثلونه, وطموحاتهم اللامحدودة وهي الفرصة التي لا تتاح لبقية الأحزاب والقوى الوطنية والشعبية, بالإضافة إلى أنهم ليسو في موضع المسئولية الذي يمكن الشعب من محاسبتهم ورقابتهم كما يحدث معنا جميعاً، والوضع الصحيح سيدي الرئيس هو إما أن يتولى السيد جمال مبارك وزارة بعينها أو يتم تعيينه رئيساً للوزراء ويشكل الوزارة من لجنة السياسات حتى يتمكن الشعب ونوابه من تقييم سياساته وأفكاره ومحاسبته دستورياً إذا أخطأ، ورقابته إذا أعوجت خطواته بدلاً من الإحتماء خلف حكومة لا حول لها ولا قوة.
والله من وراء القصد, وفقكم الله لما فيه خير بلادنا....

أنور عصمت السادات
وكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية
asadat@link.net
www.rdpegypt.org

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع