القذافي‮.. ‬نجم نجوم شباك القمم

الوفد

رغم كل الخلافات العربية،‮ ‬فإن أكثرها مرارة هو اكثرها فكاهة،‮ ‬ولم‮ ‬يكن أحد لينافس القذافي‮ ‬في‮ ‬صب الفكاهة أو قل المرارة علي المشكلات العربية‮.‬
ظل القذافي‮ ‬أحد أكثر الزعماء العرب جذبا لأضواء الإعلام خاصة في‮ ‬القمم العربية،‮ ‬التي‮ ‬يعرض فيها أفكاره واقتراحاته بشكل مرتجل تحمل من الإثارة ما‮ ‬يكفي‮ ‬لإبعاد شبح الملل عن الحضور‮.‬
ففي‮ ‬مارس من عام‮ ‬2001،‭ ‬عقدت القمة الثالثة والعشرون في‮ ‬عمان،‮ ‬حيث ناقشت الأوضاع المتدهورة في‮ ‬الأراضي‮ ‬الفلسطينية وبينما أسست قمة عمان للانعقاد الدوري‮ ‬لمؤتمرات القمة،‮ ‬غير أنها إعلامياً‮ ‬حملت صفة‮ "‬قمة أفكار القذافي‮"‬،‮ ‬ففي‮ ‬جلسة مغلقة للقادة العرب،‮ ‬فاجأ القذافي‮ ‬الجميع بطرح فكرة أطلق عليها‮ "‬إسراطين‮" ‬لحل النزاع التاريخي‮ ‬الفلسطيني‮ ‬ـ الإسرائيلي،‮ ‬من خلال دولة ثنائية القومية للعرب واليهود معاً،‮ ‬وهو الأمر الذي‮ ‬أثار جدلاً‮ ‬واسعاً‮ ‬في‮ ‬الصحف العربية في‮ ‬حينه‮ .‬
واعتذر القذافي‮ ‬عن المشاركة في‮ ‬قمة بيروت التي‮ ‬عقدت في‮ ‬مارس من العام‮ ‬2002،‮ ‬بعدما كان قد طلب نقلها إلي مقر الجامعة العربية،‮ ‬وذلك علي إثر تصريحات أدلي بها زعماء شيعة حملوا فيها النظام مسئولية اختفاء الإمام موسي الصدر سنة‮ ‬1978‮ ‬خلال زيارته لليبيا،‮ ‬واعتبر القذافي‮ ‬أن أمنه الشخصي‮ ‬غير مضمون في‮ ‬لبنان،‮ ‬ورفض المشاركة‮.‬
القذافي‮أما الأكثر طرافة هو ما جري قبيل قمة عمان،‮ ‬فبعد أن حطّت طائرة القذافي‮ ‬علي أرض المطار،‮ ‬بقي‮ ‬العاهل الأردني‮ ‬الملك عبدالله الثاني‮ ‬في‮ ‬انتظاره عند سلم الطائرة لأكثر من ساعة حتي‮ ‬يهبط،‮ ‬وبعد أن بدأ التململ علي الملك ومرافقيه من كبار الشخصيات،‮ ‬طلب من أحدهم أن‮ ‬يسأل الوفد الليبي‮ ‬عن السبب في‮ ‬عدم ظهور القذافي،‮ ‬وتكرر السؤال دون أن‮ ‬يجد الأردنيون إجابة،‮ ‬وفي‮ ‬نهاية المطاف اتضح أن الأخ القائد كان مرهقا بعد رحلة برية وبحرية وجوية طويلة،‮ ‬بدأت من ليبيا ومرت بمصر ثم العقبة وصولاً‮ ‬إلي عمّان،‮ ‬فما كان منه إلا أن استسلم لسلطان النوم،‮ ‬والطريف إن أحدا من أعضاء الوفد لم‮ ‬يجرؤ علي إيقاظه،‮ ‬وتهنئته بسلامة الوصول‮ .‬
وفي‮ ‬آخر قمة العام الماضي،‮ ‬صعد القذافي‮ ‬معتليا المنصة ليلقي‮ ‬كلمة مرتجلة،‮ ‬وإن كانت معه ورقة،‮ ‬يبدو أنها لا تضم إلا رؤوس موضوعات،‮ ‬بينما التفاصيل حاضرة في‮ ‬ذهن القذافي،‮ ‬الذي‮ ‬حذر القادة العرب المتحالفين مع الولايات المتحدة من أنهم قد‮ ‬يلقون مصير الرئيس العراقي‮ ‬المخلوع صدام حسين الذي‮ ‬اعدم شنقاً،‮ ‬وهو ما أثار انطباعات متباينة بدت علي وجوه الحاضرين تراوحت بين الضيق والتبرم والسخرية‮.‬ ‮. ‬ودعا إلي فتح تحقيق دولي‮ ‬في‮ ‬قتل الرئيس العراقي‮ ‬السابق صدام حسين وخاطب الزعماء العرب قائلا‮:‬ً‮ "‬الدور عليكم جميعاً،‮ ‬أمريكا قاتلت مع صدام حسين ضد الخميني‮ ‬ثم باعوه وشنقوه،‮ ‬حتي أنتم أو نحن أصدقاء أميركا قد توافق أميركا علي شنقنا في‮ ‬يوم ما‮" ‬علي حد تعبيره‮. ‬
وعاود القذافي‮ ‬حديثه السابق عن‮ "‬الفضاءات الديموغرافية‮" ‬في‮ ‬العالم وخارطة الكون الجيوسياسية الجديدة،‮ ‬والتكتلات الكبري والتجمعات الإقليمية والدولية،‮ ‬وبحسرة تساءل القذافي‮ ‬مستنكرا‮: ‬أين‮ ‬يقع العرب الآن علي خريطة العالم الجديدة؟ كما عبر القذافي‮ ‬أيضاً‮ ‬عن قلقه حيال مستقبل الدول العربية الواقعة خارج المظلة الأفريقية،‮ ‬ودعا لضم الجزء العربي‮ ‬الواقع خارج الفضاء الأفريقي‮ ‬إلي المظلة الأفريقية،‮ ‬حتي لا تضيع وسط التكتلات الإقليمية والدولية الضخمة التي‮ ‬يمكن أن تلتهمها‮.‬
و جدد القذافي‮ ‬حديثه عن‮ "‬الكتاب الأبيض‮"‬،‮ ‬الذي‮ ‬اقترح فيه تأسيس ما أسماه‮ "‬دولة إسراطين‮"‬،‮ ‬كدولة واحدة تضم الفلسطينيين والإسرائيليين وتمتد من النهر إلي البحر،‮ ‬لأن المساحة الجغرافية لا تتسع لدولتين،‮ ‬وإذا قامت دولة فلسطينية عمقها‮ ‬14‮ ‬كيلومترا لن تكون حقيقية‮".‬