بقلم: مشعل السديري
لست من المقتنعين بعالم الأحلام وما ينسجونه حوله من مبالغات، ولكن بعضها قد يتحقق ومرد ذلك للصدفة المحضة فقط لا غير، لأن آلاف الملايين من الأحلام تتزاحم كل ليلة على رؤوس البشر ثم تذهب أدراج الرياح (ولا حد من شاف ولا حد من دري).
ولكن هذا (الأقل من القليل) من الأحلام هو الذي يدعو للعجب، وسوف أروي لكم حادثتين، ولو لم تكن مؤكدة وموثقة بالأسماء والأماكن والتواريخ لما رويتها.
الحادثة الأولى في (شيفلند) بإنجلترا، وحصلت في صيف عام 1962، حيث أن السيدة (ويلكسون) انفصلت عن زوجها بالطلاق منذ ستة أشهر، وحلمت في ليلة أنه سقط لتوه من سقالة البناء وأنه مات. وحيث أن العشرة لم تهن عليها فقد ذهبت لكي تطمئن عليه وتنبهه، غير أنه ما أن شاهدها وسمع حلمها حتى وبخها وطردها مدعياً أنها (تتفاءل) عليه وأن هذا ما هو إلا منى عينها، وتركته وهي تبكي أمام جميع العمال.
وفي اليوم التالي وفي تمام الساعة الثالثة و12 دقيقة، انكسرت إحدى السقالات التي كان يقف عليها وسقط من الدور الثامن ومات ـ أي أن السيدة ويلكسون عرفت بوفاة زوجها السابق قبل أن تحدث بأربع وعشرين ساعة ـ!!
وفي عام 1956، حلم السيد (جوليوس ديتمان) في ولاية (أوهايو) أن الكراج الضخم الذي يبنى بجانب متجره قد انهار وحول متجره إلى كومة من تراب، وعندما أفاق في الصباح ترك كل شيء وتوجه إلى شركة تأمين وأمن على متجره بـ(250) ألف دولار. وبعدها بيومين تداعى المبنى الجديد للكراج وأحدث خراباً بالغاً بالمتجر، وتسلم كامل المبلغ من شركة التأمين وكان يعادل قيمة المتجر مع أرباحه مقدماً لعشرة أعوام.
أما عن التوقعات لا الأحلام، فقد ذهب (ابراهام ايرز) في نيويورك لزيارة صديقه (كليفورد ماك) وزوجته، وقدمت لهما الزوجة الشراب، واستأذنت لتذهب للاستحمام.
وبعد ساعة تقريباً، وإذا بالسيد (ايرز) يهب واقفاً وهو يصيح بصاحب المنزل: لنكسر باب الحمام، هيا، لنكسره حالا، ففزع السيد ماك واندهش للحالة التي أصابت صديقه، وقال له: هل فقدت عقلك؟!، هل أنت سكران؟!، لكن ايرز واصل إلحاحه إلى درجة أنه قال له: إنني سوف أكسر الباب بنفسي، وإذا رفضت سوف أتصل بالبوليس، عندها لم يملك ماك إلا أن يذهب إلى الحمام ليخرس على الأقل هذا السكران الأحمق، ولكنه عندما وصل عند الباب لم يسمع صوتاً، وأخذ يضرب على الباب دون جواب، عندها كسر الباب ووجد زوجته ساقطة في البانيو مغمى عليها، ونقلوها للمستشفى في حالة خطرة، وقال الدكتور لو أنكم تأخرتم بإحضارها نصف ساعة لكانت توفيت (!!)، وهكذا ولأول مرّة تصدق توقعات سكران مؤجر الطابق العلوي من نافوخه.
وأختم عالم الأحلام والتوقعات بـ (أكذوبة) صغيرة اخترعتها وكانت وبالا على من صدقها، ففي أحد الأيام كنت حاضراً في مجلس أكثر من فيه (يقامرون) بشراء وبيع الأسهم، وقلت لأحد الأصدقاء ممن أمون عليهم: إنني حلمت الليلة البارحة أن سهم الشركة (الفلانية) سوف يضرب بالعالي، فاشتره (تربت يمينك) ولا تتردد، قلت هذا وأنا لم أحلم (ولا ما يحزنون)، وإنما كنت أمزح، فصدقني المغفل، وقال لي: والله إنني أتفاءل بوجهك، ووضع كل ما عنده في هذه الشركة، وفي اليوم التالي، انحدرت للأسف أسهم تلك الشركة إلى أسفل سافلين، وخسر المسكين خسارة فادحة ما زال يئن منها.
ومن ذلك اليوم إلى الآن لم يعد يطيق ريحتي ولا الأرض التي أمشي عليها.
نقلا عن الشرق الأوسط
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=10356&I=270