مقاطعة أقباط مصر إقتصاديا : تعصب دينى أم مصالح اقتصادية !!

عماد توماس

خاص الأقباط متحدون - تحقيق / عماد توماس
د. منير مجاهد: الحشد الطائفي يستخدم لحرمان المنافسين من الزبائن ولا علاقة له إطلاقا بالدفاع عن الدين.
م. كمال غبريال: هذه الدعوه أبلغ دلالة على شيوع روح التعصب الطائفي المقيت، وتغلغلها في المجتمع المصري.
د.ياسر العدل: التجارة علم له اصول فلا يوجد ما يسمى بتجارة اسلامية وتجارة مسيحية.
أ. رامى رؤوف: الدعوة لمقاطعة المسيحيين اقتصاديا هي دعوة لأسباب دينية في المقام الأول

قبل الكلامهناك بعض التوجهات لمقاطعة نصارى مصر اقتصادياً

ينتشر الآن عبر الانترنت من خلال منتديات الحوار ومجموعات الياهو والفيس بوك والبريد الألكترونى، رسائل  تدعو لشن حملة لمقاطعة أٌقباط مصر اقتصاديا، من خلال مقاطعة الشركات التى يملكها رجال أعمال اقباط، مثل  موبينيل للاتصالات . هيونداي ( سيارات  وسائل مواصلات ) ،اوراسكوم للمقاولات، توكيل فورد، شركات الأدوية  والصيدليات والعيادات ، مدارس "الليسيه ، الراهبات ، الفرير، سان مارك"، محلات الذهب .المنتجات الغذائية لشركة  ابيلا مصر ، ومجموعة من شركات النقل الخاصة الحديثة ومستحضرات التجميل،  والمحاصيل الزراعية التى تاتى من الصعيد باعتبار ان معظم أراضي أسيوط و سوهاج و المنيا يمتلكها أقباط.
وعلى منتدى شبكة "انا المسلم" طالب أحد المشاركين ،  "الغيورين على الاسلام أن يقوموا بتجهيز مطويات وعمل بنرات وتوقيعات حول المقاطعة وتقديم مقترحات حول تفعيل المقاطعة، و نشر الخبر والدعوات اليه عبر المواقع المختلفة"
ودعا اخر الى  "تكوين جبهة اقتصادية إسلامية حقيقية يمولها مسلمون يحتسبون الأجر و ينالون منها دنيا كما ينالون الآخرة "وأضاف ان معظم ما ذكر من هذه الشركات تمتلكها الكنيسة وان "المعلنين عباره عن  صور و واجهات صنعها أرباب الكهنوت يلعبون من ورائها كما يشاؤون" على حد قوله.

ووضع المشاركون فى الحملة، أسماء لشركات اسلامية بديلة للشركات القبطية، فى مجال الأدوية. ووجه احد المشاركين فى الحملة، رسالة عاجلة الى  المسلمين في العالم العربي والاسلامي والغربي بعنوان " هذا دوركم في نصرة اخواتكم الاسيرات.. فأين انتم؟  "
ووجه البيان مخاطبا المسلمين فى الخارج "كل هذا يحدث وانتم لم تتحملوا دوركم بعد في هذه المحنة، وهو دور عظيم وكبير، فتظاهر عشرة اقباط امام الامم المتحدة مثلا في اي دولة اوربية يكفي لأسر مسلمة جديدة في مصر، وكلمة من قبطي في بريد جريدة غربية تكفي لبناء كنيسة جديدة، ورسالة من مغترب قبطي للنظام المصري تكفي لإطلاق سراح مجرم دنس عرض اخواتكم، ونحن هنا في هذه المحن نساق الى المعتقلات ومراكز التحقيق يوما بعد يوم نتسأل بمرارة أين انتم؟ اليس فيكم شجاعة الأقباط ؟ الا تهتمون لمصير اخواتكم المسلمات في سجون الكنيسة؟ الم تسمعوا ما حدث للشهيدة وفاء قسطنطين حيث قتلها الطغاة في سجون الاديرة حين رفضت الردة عن الاسلام؟"

وطالب البيان فى النهاية أن يشارك المسلمون فى الخارج، بمراسلة  النظام المصر للتنديد بجرائمه، وتأسيس ا جميعات للدفاع عن المسلمات الجدد في مصر، ومراسلة ا المنظات الحقوقية الدولية والصحافة العالمية، والتظاهر أمام السفارة المصرية "
وفى هذا التحقيق نحاول أن نحقق من أهداف هذه المقاطعة الاقتصادية لأقباط مصر، هل هى،  تعصب دينى  أم  مصالح اقتصادية ؟ لذلك التقى "الأقباط متحدون" مع نخبة من بعض المواطنين المصريين .

منير مجاهد يؤكد أن الحشد الطائفي يستخدم لحرمان المنافسين من الزبائن ولا علاقة له إطلاقا بالدفاع عن الدين.الدكتور محمد منير مجاهد، منسق مجموعة مصريون ضد التمييز الدينى، قال أن هذه الرسالة الطائفية القميئة وصلته على بريده الإليكتروني، وهو يرى انها خناقات "بزينيس" يستخدم فيها الحشد الطائفي لحرمان المنافسين من الزبائن ولا علاقة له إطلاقا بالدفاع عن الدين، فالمطلوب أن تستخدم أدوية من إنتاج شركات يملكها "مسلمين" (يسمونها إسلامية) بدلا من أدوية من إنتاج شركات يملكها "مسيحيين" (يسمونها قبطية أو نصرانية أو مسيحية) وكذلك شركة "اتصالات" مثلا بدلا من شركة "موبينيل" .. الخ
ويضيف الدكتور مجاهد انه بالبحث الدقيق سيكشف علاقة البزينيس بالتحريض الطائفي، واستثمار الجو المشحون طائفيا في جني الأموال والأرباح، وبدلا من أن يكون إغراء الزبون بجودة المنتجات أو الخدمات يكون الإغراء بدخول الجنة

المهندس كمال غبريال، يختلف جزئيا مع الدكتور مجاهد، فيرَ غبريال  انه للوهلة الأولى تبدو دعوة مقاطعة الأقباط اقتصادياً كدعوة "بيزينس"، هدفها الترويج التجاري والربح، بتوظيف التحزب الطائفي، لكنها في الحقيقة تدل أبلغ دلالة على شيوع روح التعصب الطائفي المقيت، وتغلغلها في المجتمع المصري. . فمثل هذه الدعوة سلاح ذو حدين، فلو أطلقت في مجتمع سليم غير مشوه بالتعصب، لارتدت بالقطع على مطلقها، فالمجتمع السليم المعافى من الكراهية والفاشية، يدفع أصحاب البيزنيس، وحتى المتعصبين منهم إلى التقية، وإلى التظاهر بالتسامح، أما لجوء التجار، المتعصبين منهم،  وربما غير المتعصبين أيضاً، إلى اللعب بورقة التعصب، فهذا دليل ما بعده دليل، على أن التعصب والكراهية صار ورقة رابحة في المجتمع المصري.

كمال غبريال يقول هذه الدعوه أبلغ دلالة على شيوع روح التعصب الطائفي المقيت، وتغلغلها في المجتمع المصري.ويضيف الكاتب كمال غبريال، رغم أني لست ممن يميلون إلقاء اللوم على الحكومة في كل شاردة وواردة، في حين يكون المشتكون أحياناً هم المجرمين الأساسيين في حق أنفسهم، إلا أنه في هذا المجال بالتحديد، تشير أصابع الاتهام بوضوح إلى الدولة، التي تنتهج ليس فقط المهادنة مع تيارات الكراهية والتعصب، بل تزايد عليها، فتزيد النار اشتعالاً.

ويدق غبريال أجراس انذار لأمثال هذه الدعوات لأنها برأيه دعوات لخطر محدق قادم،  والاستخفاف بها حماقة، يمكن أن ندفع جميعاً ثمنها غالياً، من حياتنا وحضارتنا وحريتنا النسبية. .
ويوجه المهندس كمال غبريال حديثه  إلى الدولة أولاً وثانياً وثالثاً، ثم  إلى كل النشطاء والشرفاء في مصر المحروسة، فمن لمصر ينقذها مما يدبر لها، ويطرق الآن أبوابها بقوة؟!!


الدكتور ياسر العدل، استاذ بجامعة المنصورة، وعضو جماعة 9 مارس، قال انه قرأ هذا البريد الألكترونى، يتفق مع مجاهد ويختلف مع غبريال، فى كون هذه الرسائل تجارة "بزنيس" ويضيف ان هؤلاء المتبنين للمقاطعة  " ناس فاضيه " ليس لديهم لا علم ولا لديهم كفاءة ،,ويرَ الدكتور العدل، أن  السلعة التى تلبى احتياجات حقيقية للناس هى اللى تصمد فى السوق ، فالتجارة علم له اصول فلا يوجد ما يسمى بتجارة اسلامية وتجارة مسيحية ، لكن يوجد  مستهلك يحتاج بضاعة وأخر لا يحتاج هذه  البضاعه"

ويتذكر الدكتور العدل، أحد القصص التى حدثت منذ فترة طويلة،  عندما قام احد المصريين بفتح مشروع لمشروب وطنى ، فقام ببث اشاعة ان أحد د.ياسر العدل: التجارة علم له اصول فلا يوجد ما يسمى بتجارة اسلامية وتجارة مسيحيةالمشروبات الغازية الشهيرة تحتوى على دم خنزير وخسرت الشركة بسبب هذه الاشاعة العديد من الزبائن، وبعدها قام أحد المصوريين الصحفيين بالتقاط صورة لشيخ الازهر وهو بيشرب هذا المشروب، فعادت الامور لمجاريها !!

الاستاذ رامى رؤوف، المسئول الأعلامى بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، يعتقد أن الدعوة لمقاطعة المسيحيين اقتصاديا بهذا الشكل هي دعوة لأسباب دينية في المقام الأول وآلية تنفيذ المقاطعة اقتصادية ،مثلما حدث في مقاطعة الدنمارك كانت لأسباب دينية ومن خلال طرق اقتصادية. ويؤكد رامى على ان مثل هذا النوع من الدعوات يكرس فكرة الفرز المجتمعي علي أساس الدين ويليه عملية إقصاء أي "آخر" لمجرد كونه آخر،

ويضيف المسئول الأعلامى بمركز القاهرة ، عندما نحاول أن نقرأ ونحلل الدعوات من هذا النوع سنلاحظ أن هذه الدعوات نتيجة ورد فعل وليس الفعل نفسه، بمعني أن هناك عوامل كتيرة  تصل لهذه النتيجة أهمهم في رأي رامى،  أولا :  أننا لدينا رسائل تخرج من منابر مختلفة في المجتمع سواء دينية أو إعلامية او تعليمية، تحمل في مضمونها فكرة المحاسبة الدينية والتفتيش في عقائد الناس، ثانيا : إن شرائح المجتمع بمختلف أنواعها فاقدة المصداقية في أي تغيير أو إصلاح في الدولة يحسن من مستوى  معيشتها وينهض بوضع البلد بشكل عام، وليس امامها تقريبا غير "الدين" الذى تصدقه وتسير خلفه  أملا في مكاسب فيما بعد  الموت، وبالتالي الناس تحاول عمل أي شئ أي كان شكله طالما قيل على فم  رجال الدين وأنه سيعود عليها ايجابيا بعد الموت.

ويضيف رامى، ان ما يساعد الناس فى ذلك ان معظم الناس "لاغية عقلها ومش بتحاول تمنطق تصرفاتها". ولا ينفى رامى  مسئولية الدولة من إغفال مثل رامى رؤوف: الدعوة لمقاطعة المسيحيين اقتصاديا هي دعوة لأسباب دينية في المقام الأولهذه الدعوات أو الأعمال الطائفية التي قد تصل في أسوأ أشكالها للإرهاب والتعامل معها بازدواجية شديدة جدا وبشكل منافي تماما لمواثيق دولية مصر قامت بالتصديق عليها، ويعتقد رامى رؤوف فى نهاية حديثه، أن كثرة هذه الأعمال الطائفية يضع الدولة في موضع المحاسبة، وخصوصا مع انتشار ثقافة الإفلات من العقاب في مصر.

اخر الكلام
وفى النهاية، ها نحن قد عرضنا وجهتى نظر مختلفتين، اثنان يؤيدان أن هدف دعوات المقاطعة اقتصادية "بزنس" واثنان آخران يؤيدان انها نتيجة للتعصب الدينى فى المجتمع المصرى.
ونترك الحكم لقراء موقعنا "الأقباط متحدون" ...فى انتظار تعليقاتكم