لطيف شاكر
بقلم: لطيف شاكر
المتبع في الجماعات الإسلامية والحركات الوهابية تشكيل نظام الخلايا، بمعنى أن كل قرية بها خلية أو جماعة وأمير يتنافسون ويتزايدون مع بعضهم البعض على قتل ونهب شركائهم في الوطن الأقباط العزل، ويتم اختيارهم من الرعاع والبلطجية وحثالة المجتمع الجاهل مقابل مكافأة سخية من حكومة الظل الوهابية والمشجعة على اتباع السياسة التدميرية، ومعروف عن أعضاء الخلية دمويتهم وكراهيتهم للآخر, فيقوموا بحملات نهب وسلب مصحوبة بقتل وضرب أصحاب المحلات والمتاجر.
وهذه الأعمال لا يمكن القيام بها دون أن يحصلوا على حماية من الأمن وتغطية من أولياء أمور الدين -أي الشيوخ- الذين نصبوا أنفسهم حكامًا لهذه المناطق ويفتوا لهم بإجرامهم وأعمالهم الدنيئة، وسيناريو الاعتداءات معروف لأنه متكرر، فيوجد أكثر من طرف لإتمام الجرائم، فمثلاً الشيوخ يعطوهم الفتوى من القرآن والأحاديث وهما حمالين أوجه ويمدونهما بالفتاوى المناسبة لكل عمل مشين, ثم يقوم الكتاب المتأسلمين الوهابيين أيضًا بدورهم في تبرير جرائمهم لهؤلاء الاوغاد فيتهموا أمريكا وإسرائيل وبلاد الماو ماو وراء هذه الأحداث... اما الإعلام الوهابي فله دور كاذب ومنافق لمثل هذه الأحوال لأن لهم نصيب في أموال الغنائم والتركة الوهابية فيصوروا الموقف مجرد خلاف أو معركة فردية أو ما قام به رجل مجنون أو مخبول مسكين محتاج للشفقة من اخوته المسيحيين المقتولين.
ثم يأتي دور الأمن –وما ادراك من الأمن- حيث ينقلب الشاكي إلى مشكو في حقه والمجني عليه جانيًا ومتهمًا خطيرًا ويُكال له التهم ويهددوه بأبشع الاتهامات، فلا حول له إلا التنازل عن حقه المسلوب أو السماح والصلح على دم قتيله بلا دية أو حكم على المتهم ليشفوا حتى غليلهم, والأمن لا قلب له ولا ضمير ولديه القدرة الجهنمية على إلصاق التهم بالغلابة أصحاب الحق.
ولا يقف المسلسل عند هذا الحد حيث يقوم القضاء بواجبهم الديني والشرعي، والأحكام جاهزة في مثل هذه الحالات دون ضمير، فالحكم للشريعة والإعلاء للقوانين الإسلامية والعمل على نصرة أخاه ظالمًا أو مظلومًا, خاصة بأن المظلوم كافر لا يستحق العيش أو الشفقة في المجتمع الإسلامي الوهابي!!! والذي بلغ من الجهل والتخلف والإجرام ما لم يصله أسوأ البلاد تخلفًا وأعتى السفاحين إجرامًا.
لكن الذي يدهشني أن الرئيس المظفر وجهازه الحكومي الهمام والفارس المغوار وزير الداخلية لا يجدوا في هذا الأمر ما يستحق الانشغال به أو التدخل فيه، لأن مثل هذه الحالات لا تستحق أن تأخذ حيزًا من فكرهم المريض لأنها مجرد مشاكل فردية حتى لو قُتل كل الأقباط أو دمروا كل ممتلكاتهم, ولا يرقى الموضوع في نظرهم الأعمى إلى اضطهاد ولا بد من تماسك النسيج الوطني بين الأقباط والمسلمين.... كلمات هايفة وسخيفة لا محل لها في الإعراب وأكل عليها الدهر وشرب ولا تغني من جوع... والحق يُقال أننا نعيش الحرية والديمقراطية فالمسلمون أحرار يقتلوا ما يشاءوا من الأقباط.... إنها مفهوم للحرية العربية الوهابية العادلية المباركية.
كنت أتمنى من أحد هؤلاء يقول ولو كلمة عيب يا ناس.... ولكن للأسف ضنوا علينا مجرد كلمة لأن الأقباط لا يستحقونها لأنهم كفرة ومشركين وهم "لا ناس" كما يقول عمرو بن العاص واصفًا أهل البلد: وجدت أهل مصر ثلاث أصناف: فثلث ناس (العرب)، وثلث يشبه الناس (الموالي)، ووثلث لا ناس (القبط).
والذي يثيرني في هذه الأحداث ما يسمى مجلسي الشعب والشورى، يا ترى ما دورهم وما الاعباء الملقاة على عاتقهم؟ هل رئيس مجلس الأنس وأعضاؤه الميمونين يعرفوا لماذا يجلسون على مقاعدهم في المجلس؟ أشك أن أحد يعرف سوى كيف من خلال مقاعدهم يبتزون وينهبون ويسلبون الشعب ولا يبالوا بالمواطنين أو يحترموا آدميتهم.
المهم في هذا الموضوع أن صمت كل الاجهزة في الدولة يحفز الخلايا الأخرى النائمة في محاكاة الخلية النشطة وحتى يكون له دورًا ملحوظ فينتقل الحريق والمصائب من بلد إلى أخرى ومن قرية إلى أخرى لكي لا يُتهموا بالخمول أو الجبن، خصوصًا أن الإغراءات المالية من الشلل الوهابية تشجع على القيام بهذه البذاءات لا سيما ان غزوتهم سينجم عنها الكثير من أموال القبط وربما نسائهم لأنهما غنيمة لهم.
وسياسة الدولة لكسب هؤلاء الغوغاء أن يتركوهم ينفثوا سمومهم في الأقباط بشرط الابتعاد عن الكرسي والسلطة، فهذا غير مسموح به مطلقًا وإلا سيكون القتل والسحل والاعتقال وكل صنوف العذاب.... ألا يكفي أن أعطوهم السماح لقتل ونهب الأقباط دون حسابهم!
يقول الدكتور أحمد صبحي منصور في كتابه اضطهاد الأقباط بعد الفتح الإسلامي: ولن نكرر الكلام المعتاد المعروف عن سماحة الإسلام الذي يكرره نجوم التيار المدني للتطرف بعد حوادث العنف ضد الأقباط، إذ من المعتاد أن يشحنوا النفوس بالبغضاء والتعصب، فإذا وقعت حوادث العنف وسالت دماء أسرعوا يتوضأون بدماء القتلى ثم يتحدثون عن سماحة الإسلام ويستنكرون ويشجبون.....؟.
ويسرد قائلاً: نرجو من كل من يهمه الأمر بأن يقرأ بقلب مفتوح وبتمعن الآيات الثلاث (92، 93، 94) من سورة النساء، ويتدبر حرص القرآن الكريم على حرمة النفس المسالمة حتى لو كانت من الأعراب المشهور عنهم السلب والنهب والكفر والنفاق والغدر والاعتداء على المسافرين والمسالمين.. ولكن القرآن يعطى الواحد منهم حصانة ضد القتل أثناء الاشتباك الحربي بمجرد أن يلقي بلسانه كلمة السلام. فما بالنا بالذين عاشوا فى أرضهم عشرات القرون في سلم وسلام وإكرام للضيف ورعاية للغريب؟ الذين عاشوا مؤمنين آمنين مسلمين مسالمين يجد الغريب عندهم الأمن والسلام. أليس من يعتدى عليهم يكون مستحقًا لما جاء فى قوله تعالى ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مّتَعَمّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدّ لَهُ عَذَابًا عَظِيماً﴾.
ونخلص مما سبق إلى أن أقباط مصر بالمفهوم القرآنى للإسلام والإيمان (الظاهري) مؤمنون مسالمون، أي مأمونون مسالمون، والذي يقتل واحدًا منهم يستحق اللعنة والغضب الإلهي والخلود في جهنم مع عذاب عظيم، وتزداد جريمته حين يعتقد أنه بذلك يقوم بجهاد فى سبيل الله.. ويشاركه فى جريمته أولئك الذين يغررون به أو يتقاعسون عن تطهير الدعوة الإسلامية من الأحاديث المفتراه والفتاوى السامة التي تجعل دين الإسلام والسلام متهمًا بالإرهاب والتطرف..
ويردف سيادته قائلاً: وفي عصرنا ظهرت "الصحوة الدينية" تهدف للرجوع بنا إلى السلفية وأفكار العصور الوسطى القائمة على التخلف والتعصب والجمود العقلي..
والخطورة محققة من هذه الصحوة الدينية المزعومة لأنها تدعم نفسها بالاستناد الديني، مما يجعلها قنابل موقوتة انفجرت وتنفجر في وجوهنا جميعًا، لأنها كعادة الحركات والدعوات المتطرفة تبدأ بتكفير أصحاب الديانات الأخرى وتنتهى إلى تكفير الناس جميعًا، وتبدأ باضطهاد الآخرين وقتلهم وتنتهى إلى قتل الأهل والأقارب والزملاء داخل الخلية السرية الواحدة وقد رأينا أن حركات التعصب تبدأ بسيطة ثم تنتشر كالسرطان المدمر..
وخطورتها أنها تستمد مشروعية زائفة من الدين وترفع لواء الجهاد.
فالمطلوب أن نثبت زيف تلك المشروعية التي تخالف الكتاب العزيز.
وذلك يحتاج إلى إصلاح ديني للمسلمين، إن لم تقم به الحكومة فلتبادر إليه دوائر الاستنارة في مصر، فالإصلاح الديني هو الذي ينقذ مصر من التطرف والإرهاب ولن يكون الإصلاح الديني إلا بالاحتكام للقرآن الكريم وعرض ذلك التراث عليه حتى ننصف الإسلام من بعض المسلمين.
http://www.copts-united.com/article.php?A=10412&I=272