عماد توماس
بقلم: عماد توماس
احتفل العالم أمس الأربعاء 25 نوفمبر باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، وتشير لنا بعض الإحصائيات عن تنامي ظاهرة العنف ضد المرأة في المجتمعات العربية نتيجة للثقافة الذكورية للرجل معتبرًا نفسه في مرتبة أعلى من المرأة كونه رجلاً، بالإضافة إلى التنشئة الخاطئة بإعتبار الرجل وصيًا على المرأة سواء كانت أخته أو زوجته، فضلاً عن ممارسة سلطاته في المنع والحجب، ولا يمكن تجاهل نظرة الرجل الشرقي للمرأة بإعتبارها مجرد أداة لتفريغ الطاقة الجنسية وليس بإعتبارها إنسانًا مثل الرجل.
لا يقتصر العنف ضد المرأة على ثقافة معينة أو بلد بعينه، فالعنف ضد المرأة موجود في كل مكان تقريبًا، لكن يختلف في درجة شدته من مجتمع لآخر، فهو صدام في أصله يقع بين الرجولة والأنوثة أينما كان الرجل والمرأة.
إحصائيات مرعبة
كشف تقرير الأمم المتحدة الصادر هذا العام عن أشكال العنف المختلفة ضد المرأة حول العالم من الممارسات الواسعة المتعلقة بختان المرأة في أماكن عديدة من العالم، حيث يُقدر أن أكثر من 130 مليون فتاة وامرأة يعشنّ اليوم قد تعرضنّ لهذه العملية، معظمهنّ في أفريقيا وبعض بلدان الشرق الأوسط، كما أثبتت بعض الدراسات وجود هذه العملية في أوساط بعض الجاليات المهاجرة في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا.
وتشير لنا بعض الإحصائيات الأخرى عن وجود مليار امرأة في العالم تعاني من العنف الأُسري، وأن امرأة من بين كل ثلاث نساء تعرضت على مدار حياتها لنوع من العنف كالضرب أو الإكراه على ممارسة الجنس أو غير ذلك من الإنتهاكات.
حال المرأة في مصر
أبرز مشاكل المرأة المصرية التي تعاني منها منذ بداية ولادتها "الختان" مرور بإجبارها على "الزواج المبكر" ثم تعرضها للعنف الأسري بجانب جرائم الشرف والإتجار بها "تجارة الجنس" بالإضافة إلى منع المرأة من ممارسة حريتها كإنسان مثل الرجل، بجانب القوانين الظالمة التي تقف ضد حقوق المرأة.
ومن صور العنف ضد المرأة يأتي العنف الجسدي سواء كان بالضرب أو التعذيب، والعنف النفسي سواء بالإهانة أو الشتم أو بالحرمان من أبسط الحقوق الشخصية، واتهام المرأة ووصفها بــ"العاهرة" وهناك العنف الجنسي من خدش الحياء بكلمات قبيحة أو انتهاك جنسي يصل إلى حد الإغتصاب.
وتبدو المرأة في المجتمع المصري غير آمنة على حياتها في حال تأخر عودتها للمنزل، أو مرورها في مناطق غير آمنة، وهي مسئولية تقع على عاتق الدولة أن توفر النظام الآمن لحياة المواطنين.
كل المجتمعات المتحضرة تعطي مكانة متميزة للمرأة، فالمرأة ترفع من شأن الأمم، في الرقي والتحضر، ذات يوم كنت أشاهد مباراة كرة القدم في استاد القاهرة وبدأ بعض المشجعين في الهتاف البذيء ضد الفريق المنافس لكنهم توقفوا عن الهتافات القبيحة عندما شاهدوا بعض من الفتيات والسيدات يشاهدنّ المباراة بجوارهم!!
فالمرأة ترفع الرقي الأخلاقي للمجتمع، ففي حالة تواجد المرأة في مكان ما تظهر ملامح الإحترام على الرجال المتواجدين، فللمرأة بصمة متميزة تطبعها في كل مكان تتواجد فيه.
مقاومة العنف ضد المرأة
لا يمكن تجاهل الخطوات الإيجابية التي وضعتها الحكومة المصرية في مناهضة العنف ضد المرأة، خاصة في قوانين تجريم عملية "الختان" ومعاقبة كل من يشارك في هذا الفعل، ولا يمكن أن نتجاهل معاقبة كل من تزوج أو شارك في تزويج فتاة تحت السن القانونية للزواج، فتطبيق واعمال سيادة القانون هو الرادع الأساسي لكل التجاوزات في حق المرأة المصرية.
ولا يمكن إنكار أن الثقافة الموروثة هي أحد مشاكل تنامي ظاهرة العنف ضد المرأة، لذلك نرى أن على المجتمع المدني أن يقوم بدوره الفعال في تغيير ثقافة المجتمع ورفع وعيه نحو احترام قيمة المرأة كإنسان مثل الرجل ولا يجب أن ننسى دور التعليم ومناهجه في تقدير واحترام المرأة، وندعو من خلال هذا المقال إلى نشر الثقافة الجنسية في مناهج التعليم فكما يقول المثل الصيني الشهير "أنت لا تستطيع أن تمنع الطيور أن تطير فوق رأسك لكنك تستطيع أن تمنعها أن تعشش فوق رأسك"
فبدلاً من أن يعرف الشاب أو الفتاة الجنس من مصادر مشبوهة، الأولى أن يعرفها من مصادر أمينة خاصة أن معظم الخبراء يؤكدون على أن معظم المشاكل الزوجية بسبب المفهوم الخاطئ عن الجنس، كما نؤكد أيضًا على أهمية أن تقوم مراكز المشورة بتقديم دورات تدريبية للمقبلين على الزواج لمعرفة مدى التوافق والإتفاق بين الشريكين.
إننا إذا نهنئ المرأة باليوم العالمي لمناهضة العنف ضدها، ونعتذر عن كل إساءة وُجهت لها من قِبل الرجل وندعوها في يومها أن تواصل مسيرتها الحضارية في أداء دورها في المجتمع وندعو الرجال أن يعاملوا المرأة كإنسان مثل الرجل.
http://www.copts-united.com/article.php?A=10456&I=273