دميانة إقلاديوس
بقلم: دميانة اقلاديوس
كلما شردنا في حياتنا الماضية وتفحصنا فيها نحزن ونكتئب لأننا وجدنا فيها ذكرى مؤلمة، ولكن عندما نقارنها بحياة الآخرين التي وقعت عليهم نتائج الأحداث المشينة مثل أحداث الأسكندرية والزيتون والمنيا واخيرًا فرشوط نجد أن هذه الذكريات لا تمثل ذرة من هذه الأحداث التي بكى لها القلب وتمزقت لها الأحشاء وجن لها العقل.
ولكن صدقني يا عزيزى لا يوجد ما هو أشد خطرًا على مبادئ الإنسان من موت الضمير وجفاء الأحساس وغلق العين والأُذن ومنه تتولد المخالفات التي تعصف بكل ما هو جميل بغض النظر عن كونه إنسانًا أو نباتًا او حتى حيوانًا، فهناك أناس يعيشون ذكريات أصعب بكثيييير منا.
فمثلاً لو فكرنا ما مصير الطفل القبطي الذي أُلقيت عليه النيران دون ذنب ويكون النتيجة إما الموت أو ذكرى مؤلمة مخيفة، ولا يريد أن يغمض عينيه حتى لا يتذكرها وما يفعله سواء البكاء والصراخ، ودموعه لا تريد أن تجف.
وهنا يطرح السؤال نفسه.. اين هم هؤلاء البشر المتخذين من حماية الطفل ورعايته شعارًا كاذبًا لا يحصد منه سوى صورة بغلاف كبير على مجلة أو لقاء تليفزيوني؟ أين هم هؤلاء البشر اللذين ذهبوا أميال المسافات إلى جنوب إفريقيا وغيرها من البلاد؟ مزمعين الرعاية والحب والسلام، ممسكين بأيديهم لافتة تقول لا لقتل الأطفال معنويًا أو ماديًا، في حين أن الشارع المجاور لهم نارًا تأكل طفلاً وآخر يقف مذهولاً يتملكه الفزع والرعب من قتل أبيه أو حرق أمه، أين هي المعونة والأدوية وأكياس الطعام المحملة؟ أين هي سيارات الإسعاف التي تسافر أميالاً لإنقاذ الجرحى والأطفال؟؟
فأنا لا أرى سوى قلبًا ميتًا وضميرًا غائبًا، ولكني أحب أن أذكرهم بعبارة ربما تساعدهم على الخمول والتراخي أكثر وأكثر وهي..
أن الذاكرة والألم توأمان، لا تستطيع قتل الألم دون سحق الذاكرة!
فعلى كل من يتزعم حماية الطفل من العنف والقتل والحرق، إذا كان قلبكم ميت وضميركم غائب فعليكم سحق الذاكرة حتى لا تتذكروا هذه الأحداث، وهنيئًا لكم بحياة الشهرة والابتسامة على الغلاف.
http://www.copts-united.com/article.php?A=10515&I=274