مجدى نجيب وهبة
بقلم: مجدى نجيب وهبة
عقب صدور قرار بحظر بناء مأزن المساجد فى سويسرا إنتاب العالم العربى حالة كما وصفها البعض بالصدمة والغضب من القرار بينما أبدى البعض مخاوفهم داخل سويسرا من أن تؤدى نتيجة الإستفتاء إلى أضرار بالصادرات والسياحة لهذا البلد وعبر السفير السويسرى بالقاهرة عن نتيجة الإستفتاء بأن دولته تتمتع بالديمقراطية هذا بجانب مخاوف العامة هناك بسويسرا مما أسماه "التخوف من تنامى الطائرات الإسلامية المتطرفة" وأكد الدكتور على جمعة رفضه للقرار وإعتبره "إهانة للمسلمين فى كافة أنحاء العالم" وكما تعودنا بسرعة إصدار التصريحات دعا النائب مصطفى بكرى إلى مقاطعة البضائع السويسرية وطالب الحكومة المصرية بالرد وتقدم بطلب إحاطة إلى أحمد أبو الغيط وزير الخارجية لمعرفة الإجراءات الحكومية والسبل الكفيلة للرد على ما إعتبره "إساءة الحكومة والشعب السويسرى للعقيدة الإسلامية " وقال هل يحق لنا هنا فى مصر أن ندعو إلى إستفتاء لمنع بناء الكنائس أو التدخل فى شئونها وتساءل بكرى أين لجنة الحريات بالكونجرس الأمريكى التى دائما ما تتهمنا بالإساءة لحرية العقيدة ورأى الدكتور عبد المعطى بيومى أنه عودة لعصور الإضطهاد الدينى وقد يفتح القرار أبواب التطرف .
وفى أوربا أعربت ورزيرة خارجية سويسرا ميشلين كالمى عن صدمتها وقالت أن نتيجة الإستفتاء تعكس إنكماشا على الذات كما أدان الفاتيكان ورئيسة خارجية السويد القرار وأعرب وزير الخارجية الفرنسى بارنار كوتشينر عن صدمته ووصف نتيجة الإستفتاء بأنها تعبر عن عدم التسامح مشددا على أن ذلك يعنى قمع للدين الإسلامى .
هكذا تبينت ردود الأفعال بين معارض للقرار ومؤيد له ففى النهاية هذا هو شأن الدولة السويسرية ولا شأن لأحد فى التدخل فى سياستها ولكن يبدو أن النائب البرلمانى الذى حظى بتأييد أبناء دائرته يصدر قرارته العنترية دون تروى أو التفكير فما علاقة أقباط مصر بالشأن السويسرى أو الأوربى وما علاقتنا نحن بحظر بناء المأزن أو المساجد أو ما شابه ذلك بإحدى الدول الإوربية .
لقد تناسى سيادة النائب أن أقباط مصر هم جزء من أبناء الوطن وليسوا مهاجرين أو مجنسين بالجنسية المصرية ، لقد تناسى النائب أنه حتى لو قررت الحكومة السويسرية بطرد جميع الجاليات المتواجدة على أرضها سواء كانت إسلامية أو يهودية أو بوزية فهذا شأن خاص بها ولا يحق له أن يقول أن تكون المعاملة بالمثل وهل يحق أن يدعو إلى إستفتاء لمنع بناء الكنائس أو التدخل فى شئونها أعتقد أنه لو صدر هذا الكلام من أحد من أبناء عامة الشعب لما لمنا ما صدر منه ولكن أن يصدر هذا الكلام من عضو مجلس الشعب تحت قبة البرلمان ويصرح به لجريدة المصرى اليوم بتاريخ 1 ديسمبر 2009 فهى كارثة بكل المقاييس ليس لأنه صرح بهذه التعليقات ولكنه لأنه يعتبر مواطن مسئول وعضو برلمانى داخل مجلس الشعب فالأقباط ليسوا رعاع وليسوا أجانب
وليسوا دخلاء على الوطن ولن نقول هل نحن أصحاب الأرض أم أنتم ولكننا نقول أننا مواطنون مصريون أقباط ومسلمين جميعنا ننتمى إلى هذه الأرض ...
ورغم ذلك فما صرح به النائب مصطفى بكرى هو ما يتم العمل به فى شوارع المحروسة فكم من كنيسة هدمت بل وحرقت وكم من معاناة يلاقيها المجلس الملى للأقباط الأرثوذكس حتى يتم الموافقة على بناء كنيسة ، لقد أقمتوا الدنيا وإعتبرتوا أن ما أصدرته سويسرا هو تقييد للحريات وقمع للدين الإسلامى فماذا تطلقون على السفهاء والإرهابيين الذين يهاجمون الأقباط ويحرقون كنائسهم داخل أوطانهم بل وينهبون محلاتهم وأموالهم وكأننا عدنا إلى عصور الهكسوس والبرابرة ثم تتباكون على قرار سويسرى بحظر بناء المأزن .. ألم يصدر قرار مصرى حتى وإن لم يعلن عنه عندما أقيمت بعض الكنائس بحظر بناء قبة أعلى هذه الكنائس بل والتصريح ببنائها على شكل سفينة وكمثال الكنيسة التى أقيمت بالوراق فى المنطقة المقابلة لكازينو هابى لاند بشبرا فى البر المقابل.. ألم تجعلوا الأقباط يشيدون كنائسهم فى الخفاء كلصوص رغم أن الدولة والدستور تحمى حرية العقيدة ..
إن ما يجرى فوق أرض المحروسة فوق كل خيال وتوقع وأنتم تتباكون على قرار سويسرى ليست لنا علاقة به وكمثال هل يمكن للأقباط أن يبنوا كنيسة داخل السعودية أو بعض الدول الإسلامية فى شبه الجزيرة العربية وإذا رفضت هذه الدولة بناء الكنائس يقوم أقباط الغرب بالتظاهر بطرد المسلمين فى أوربا والمعاملة بالمثل إن لكل دولة إحترامها وقوانينها التى يجب أن تحترم ونحن أقباط مصر جزء من هذا الوطن وليسوا من خارجه ولم تكن دولتنا مثل بعض الدول العربية كالسعودية والمغرب والكويت والأردن إنما مصر خلقت وستظل أرض لنبت جميع المصريين أقباطا ومسلمين هل تناسيتم ما قاله المفكر الإسلامى مصطفى الشاكعة منذ أكثر من 3 أعوام فى أحد مقالاته إن ما يزيد تأجج الفتن الطائفية داخل ربوع مصر هو الصولجان ودق الصلبنا وأجراس الكنائس وإعتبر الأقباط أن هذا التصريح لمفكر إسلامى متطرف لا يعنينا فى شئ وهناك الأمثلة كثيرة جدا والإساءات التى تطولنا يومياً ولم نجد مثل هذه الحمية التى تأخذكم عند صدور اى قرار بالغرب .. لماذا لم نسمع عن حضرة النائب أن يتقدم بإستجواب ولو مرة واحدة لمجلس الشعب عن أحداث فرشوط أو بنى والمس أو العياط أو الأسكندرية أو بنى سويف
أو أبو فانا أو عزبة بشرى .. كلها أحداث طائفية بشعة وإرهابية فلم نجد نائب واحد داخل البرلمان يقدم إستجواب عن تلك الأحداث البشعة فهل برلمان مجلس الشعب المصرى ربما غدا سنقرأ أنه برلمان إسلامى وماذا بعد ربما قد نجد أن هناك تفاعل لبعض السفهاء من المتطرفين ضد الأقباط وهو ما يؤثر بالسلب فى الشارع المصرى فعلى الجميع أن يدركوا ما يتكلمون به قبل الإفصاح أو التصريح به .
رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد
Email: elnahr_elkhaled2009@yahoo.co
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=10720&I=279