الفساد يعم إدارة مترو الأنفاق

سوزان قسطندى

بقلم: سوزان قسطندي
ركبنا أنا وزوجى عربة السيدات الثانية بمترو الأنفاق (والتى تتحول إلى عربة عامة بعد الساعة التاسعة مساءاً) - على سبيل الخطأ بسبب عامل السرعة، وكان ذلك حوالى الساعة الثامنة والنصف مساءاً يوم الجمعة 4 ديسمبر، وكان عدد الرجال يفوق عدد النساء بالعربة.. وفى محطة سعد زغلول فوجئنا بهجوم مجموعة كبيرة من شرطة المترو على العربة- وبعضهم من الرتب (لواء وعقيد ومقدِّم)- صارخين فى وجوهنا بضرورة النزول من المترو.. وبسبب همجية الهجوم توهمت بأن إرهابياً أو إنتحارياً ما يتخفّى وسطنا بالعربة أو أن قنبلة  مخفاة بالعربة على وشك الإنفجار ويحذِّرنا رجال الشرطة الأمناء بضرورة إخلاء المترو !!

 وبعد لحظات من الذهول أدركت أنهم كانوا يصرخون فى وجه الرجال-وليس النساء- الموجودين بالعربة بأن عليهم النزول من عربة السيدات ودفع الغرامات !! وهمس بعض الرجال: كبسة !!
نزل زوجى ونزلت معه ونزل معنا الكثيرون .. والتزم الكثيرون بدفع الغرامة المقررة خمسة عشر جنيهاً، وحُرِّرَت المحاضر للبعض القليل ممن رفضوا معترضين أو عجزوا عن الدفع !!

وفى الكبسة التالية نزل من العربة مجموعة من رجال السلاح الجوى ذوى البدل الزرقاء الأنيقة.. فلم يقترب منهم أحد أو يطلب بطاقة أحدهم !! بل عزلوهم عن الباقين من رعاع الشعب (وعذراً للفظ- ولكن هكذا ينظر المسئولون إلى فقراء الشعب) وقدَّموهم ليركبوا العربة الأولى من المترو بسلام !! وكان الناس ينظرون ويتحسبنون مرددين: حسبى الله ونعم الوكيل !! وصرخ أحد البسطاء: يا ظلمة تتركون هؤلاء وتأخذون من الغلابة وفقراء الشعب الذين تخلو جيوبهم من الأموال أساساً !!

ولا أعرف حقاً لماذا هذه التمثيلية السمجة ؟! الأفضل أن تعلن إدارة المترو عن وجود حصانة لرجال الجيش والشرطة على سبيل المثال من أن تعثِر الشعب بأن فئات ما هى فوق القانون !! فليس الإعتراض بالطبع هو على وجود نظام عام بل على وجود فساد حيث يطبَّق النظام على فئات (الفقراء والبسطاء) دون فئات أخرى (الوجهاء والأغنياء) !!
والحقيقة أننى دائماً أشيد بحسن إدارة مترو الأنفاق، ولهذا يسوءنى أن أرى الفساد يتخللها فيعثر جمهور مستخدمى مترو الأنفاق والذين يشيدون به كوسيلة مواصلات منتظمة ومحترمة !!

ومن ناحية أخرى فإن ركوب رجال لعربة السيدات لا يعد جريمة حتى يهجم رجال الشرطة على الموجودين بالعربة ويحاصرونهم كمن يهجمون على مجرمين خطرين، بل إنما هو خطأ- ربما كان مقصوداً أو غير مقصود !! نعلم أن الشرطة تراعى التصنيف الجنائى للمتهمين وعليه تختلف طريقة تعاملاتها مهعم !! كما أنه يجب على الشرطة إحترام حقوق الإنسان وإحترام آدمية المواطنين المدنيين !! وعليه فكما أدانت الشرطة هؤلاء الرجال بتهمة الإخلال بنظام المترو، فهكذا ندين شرطة وإدارة مترو الأنفاق بتهمة الفساد والمحسوبية وعدم إحترام حقوق الإنسان !!

ومن ناحية ثالثة ندعو إدارة المترو بمراجعة نفسها فى أمر تخصيص عربتين للسيدات !! فها أنا سيدة لا يسوءها أن يجلس رجل إلى جوارها- ومثلى كثيرات وكثيرات !! وإن أرادت إدارة المترو إستفتاء مرتادى المترو فى هذا الأمر فعليها بإستفتاء النساء والرجال معاً- فمن حق الرجال أن نأخذ برأيهم أيضاً !! والحق يقال أن معظم الرجال يرفضون هذا التمييز غير المنطقى !! وإن كان مبرر النساء لهذا التمييز هو تجنب التحرّش بهن من بعض المرضى من الرجال، فلا يكون الحل هو معاقبة جميع الرجال (وغالبيتهم محترمين) بل هو الجدية فى ضبط المتحرشين وتقديمهم للعدالة !!
بل أنه إن كان هناك تيار بين النساء يغذّى التطرّف، فإن على قادة المجتمع مواجهة هذا التيار وليس تشجيعه- لأن نار التطرف ستحرق الجميع !! علينا أن نوجِّه الناس نحو الإعتدال لننهض بهم ونتقدّم بمجتمعنا.
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع