عماد توماس
صالون ابن رشد يُناقش: لماذا لم يعد لكرامة المصريين أي اعتبار؟
معتز الفجيري: الحكومتين المصرية والجزائرية كلاهما لا يوفر كرامة للمواطنين
خالد الخميسي: الأسباب الإقتصادية من إعلانات وراء الأزمة.
فريدة الشوباشي: كرامة المصريين تُهدر طوال أيام السنة.
يسري مصطفى: الدولة حركت الشعب وسيطرت عليه.
عمرو الشوبكي: المعالجة الإعلامية من قبل الإعلاميين الرياضيين سبب للأزمة.
كتب: عماد توماس - خاص الأقباط متحدون
في ندوة هادئة غاب عنها الجمهور من الصحفيين بسبب تزامنها مع انتخابات نقابة الصحفيين على منصب النقيب، عقد صالون ابن رشد مساء أول أمس الأحد ندوة بمقر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، على خلفية تداعيات مباراة مصر والجزائر، بعنوان "لماذا لم يعد لكرامة المصريين أي اعتبار؟".
حاولت الندوة تقديم قراءة للأزمة من الناحية الحقوقية والإعلامية والثقافية والمجتمعية، تحدث في الندوة الكاتب والمؤلف الأستاذ خالد الخميسي، الأستاذة فريدة الشوباشي الكاتبة والصحفية، الأستاذ يسري مصطفى باحث بمجال التنمية وحقوق الإنسان، الدكتور عمرو الشوبكي مدير وحدة الدراسات العربية - الأوروبية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، وأدارها الأستاذ معتز الفجيري المدير التنفيذي لمركز القاهرة.
تسييس الأزمة
في تقديمه للندوة أكد الأستاذ معتز الفجيري أنه منذ تأسيس حركة حقوق الإنسان في مصر وهي تناضل من أجل كرامة المصريين، سواء في الداخل أو الخارج، وملف المصريين في الخارج وخاصة في الدول العربية والخارجية والمشاكل التي يعانوا منها في ظل عدم تتدخل الخارجية المصرية بأوضاعهم.
وتساءل الفجيري: لماذا لا نفتح ملف إهدار كرامة المصريين في الداخل، وعدد العديد من الأزمات لم توفر فيها الحكومة الحد الأدنى من الخدمات من الحق في الحياة والصحة ودلل على ذلك بحادث الدويقة والكوارث المختلفة التي لا نتحدث فيها.
مشيرًا أنه حدث حالة من التعبئة الغريبة قبل وبعد مباراة الجزائر، شعر فيه بقدر من "التسييس".
وانتقد الفجيرى الحكومتين المصرية والجزائرية، فكلاهما لا يوفر كرامة للمواطنين ولا يعبرا عن المواطنين، والضحايا في النهاية هما الشعبين المصري والجزائر.
الإعلام المدفوع
انتقد الأستاذ خالد الخميسي دور الإعلام في الأزمة الأخيرة، معتبرًا إياه أحد أسباب الأزمة، فهو في رأية إعلام مدفوع من الجهتين، الذي شارك في تحويل مباراة لكرة القدم إلى انتصار وطن، معتبرًا أن رفرفة العلم لا تعنى بالضرورة حالة من الوطنية.
بالإضافة إلى دور الدولة وبعض الأسباب الاقتصادية من إعلانات تبث على القنوات الفضائية وفي الصفحات الرياضية.
واعتبر الخميسي الديماجوية والقبح هم الأكثر وضوحًا في أحداث الجزائر مثلما هما موجودان في مجتمعنا المصري.
الديمقراطية هي الحل
الأستاذة فريدة الشوباشي قالت أنها شعرت بالمرارة لم تشعر بأن كرامتها أُهدرت إلا عندما ارتفعت الأصوات في مصر بإهدار الكرامة المصرية، معللة رأيها بان كرامة المصريين تهدر طوال أيام السنة من خلال السحابة السوداء وعدم نظافة الشوارع والضوضاء.
وقالت إننا نفتقد لوجود قضية كبرى في مصر نهتم بها، منتقدة ما أسمتهم بنجوم الإعلام وخاصة الرياضي الذين تحدثوا بجهل واضح في المعلومات. فرغم الإمكانيات الإعلامية فقد خسرت مصر المعركة إعلاميًا لغياب معيار الخطأ والصواب.
وقالت أن عمرو أديب قال في برنامجه إن عبد الناصر طرد اليهود في عام 1956، مؤكدة إن عبد الناصر طرد الرعايا الإنجليز والفرنسيين بصرف النظر عن دينهم.
ورفضت الشوباشي الشعارات التي نادت "تسقط العروبة" والعودة إلى الفرعونية، معتبرة إن هناك ما يقرب من 5 مليون مصري يعملون في الدول العربية وليس لديهم فرصة للعمل في دول أوربية لعدم وجود لغة لديهم.
وانتقدت فكرة الدعاء للفوز بالمباراة وإطلاق لقب "منتخب الساجدين" على المنتخب المصري، وانه بالدعاء "ربنا هينصرنا" وقالت أن ما ينصرنا على الجزائريين هو "العمل" فمن يدعى لمدة سنة ليقود "طائرة" لن يقودها فلا بد أن يتعلم أولاً القيادة.
واعتبرت الشوباشي أن خلط المعايير نوعًا من النفاق والخديعة، واختتمت كلامها بعبارة الكاتب الكبير علاء الأسوانى "الديمقراطية هي الحل".
مصر "دولة محظوظة"
الأستاذ يسري مصطفى قال أن بعد ما حدث في مباراة الجزائر أصبحت مصر "فرجة" أي حالة متخصصة استثنائية في العديد من المقالات والنقاشات. في ظل حالة من "مسرحة كرة القدم" حتى أن الدولة لا تمنع تجمع كرة القدم لأنه مسرح آمن.
واتفق مصطفى مع المتحدثين في نقد الإعلام كونه إعلام يتماشى مع مفهوم بناء السيادة، ونقده في خطابه المنفلت عبر الفضائيات ومن خلال مواقع الانترنت والمنتديات.
مؤكدًا أن الشعب المصري قام بخدمة مجانية للدولة بدفاعه عن مصر معتبرًا أن مصر "دولة محظوظة" فالدولة لم تبذل جهدًا كبيرًا في جعل الشعب المصري ينشغل بالأزمة الجزائرية.
وأضاف أن السيادة في مصر تُفرض بقانون يسمى "سمعة مصر"، ففي الثقافة هناك ما يسمى بالخصوصية الثقافية التي ترتبط بالمحافظة على الأخلاق وشرف المرأة فمصر تتميز بالطابع الذكوري "مصر ست غلبانة ويجب أن ندافع عن شرفها"، مشيرًا أن لو هناك منتخب مصري نسائي فاز على منتخب جزائري لن يحدث مثل هذا الصخب الإعلامي.
ورصد مصطفى حالة أسماها بالهستيريا الجماعية نحو الانتماء، وقيام الدولة بتحريك الشعب والسيطرة عليه.
وطالب مصطفى بإعادة النظر في كرة القدم التي بدأت تخلق حالة من العنف في الملاعب وبين الجماهير، وتفاقم خطاب العنصرية من خلال الأعلام، ووصف الشعب الجزائري بأنه "بلد المليون لقيط".
واختتم حديثه، بأنه لا توجد علاقة للأزمة الأخيرة وردود الأفعال بالكرامة، فالكرامة يمكن أن نتحدث إليها في عدد حالات التحرش الجنسي في المجتمع المصري. موجهًا اللوم على المثقف المصري الذي أصيب بحرج بالغ لاكتشافه أنه مهمش تمامًا وخارج حسابات الدولة والمجتمع.
مسؤولية الدولة المصرية
الدكتور عمرو الشوبكي أكد أن الاشتباك الذي حدث بين المصريين والجزائريين ليس له علاقة بمسألة الكرامة، معززًا السبب إلى التناول الإعلامي الخاطئ في المعالجة الإعلامية من قبل الإعلاميين الرياضيين، وعدم الاحترام للطرف الآخر، وتتدنى لغة الحوار بين الطرفين التي وصفها بحملة "انحطاط" لم يراها في حياته، شعر على أثرها بالخجل. مشددا على مسؤولية الدولة المصرية في التحضير والتجهيز للمباراة وحماية مواطنيها.
وتساءل الشوبكي: هل هناك حساسية جزائرية - مصرية؟ أو وجود اختلافات ثقافية بين الشعبين؟ مجيبًا أن دولة الجزائر أمة حديثة تاريخها المعاصر يتمحور حول حرب التحرير الشعبية الذي مات فيه مليون شهيد، بعكس مصر التي يوجد فيها تنوع كبير عبر تاريخها (الفرعوني – القبطي - الإسلامي)، مضيفًا عندما يهين مصري ثورة التحرير فإن تأثيرها النفسي وواقعها يكون مدمر على الجزائريين.
واختتم الشوبكي حديثه بأن دولة الجزائر مجتمع غير طبقي، فلا يوجد هناك "البيه الوزير" أو "الست الهانم" عكس الطبقية الموجودة داخل المجتمع المصري.
http://www.copts-united.com/article.php?A=11036&I=286