د. ماجد عزت اسرائيل
بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل
تعود علاقة الأب "متى المسكين "بشيوخ برية شيهيت إلى بداية مرحلة انتقاله من برية القلمون وبالتحديد من دير الأنبا (صموئيل) إلى دير السريان عندما أثر القمص "مينا المتوحد" (البابا كيرلس) البطريرك (116) (1959-1971 م) على زيارته لهذه الدير، وبعد زيارته استئذان رئيسه الأنبا (ثاؤفيلوس) لزيارة دير البرمواس، وهناك تقابل مع العديد من شيوخ رهبانه.
ومن أعلام شيوخ دير البراموس التي تقابل معهم الأب "متى المسكين الأب "شنوده البراموسي" وذكر ذلك ضمن مذكراته قائلاً: كنت في زيارة لدير البراموس، وفى الحقيقة إن الله متعني وعزاني بأن أرى آخر عهد الشيوخ القدسيين في ذلك الوقت. فقد كان الدير فيه نحو 12 أو 15 شيخًا، كان حوالي نصفهم قد تعدى المائة سنة. وكنت أعرف منهم الأب شنودة البراموسي الذي كان هو أب اعتراف الأب مينا المتوحد. ولما زرته في قلايته قال لي: "يا واد أنا أبقى أبو أبوك. فقلت له: "تبقى أنت جدي "فقال لي:لا، أبو أبوك فلا يوجد في الرهبنة شيء أسمه جدي".
ومن كبار شيوخ الرهبان الذين تقابل معهم الأب "متى المسكين" الأب "ميخائيل الزرباوى" (1897-1955م) الذي اشتهر بين شيوخ الرهبان بأنه لا يقبل زيارة احد قلايته، ولكن الأب متى المسكين أثر على ذلك بالرغم من تحذير كثرين من رهبان الدير له ويذكر أبينا "متى" وأشار أبينا إلى ذلك قائلاً: "طلبت أن أسلم على الأب ميخائيل الزرباوى في قلايته، بل إنه يضرب أي زائر بالطوب! ولكنني ذهبت إليه، ولما رآني من الشباك سلط نظره على مدة طويلة ثم أشار لي بالمجيء، وقال لي: أنت مين؟ متى المسكين؟ قال ذلك من نفسه، هكذا يعلم المسيح (لأن الأب متى المسكين لم يكن قد أخذ بعد اسم "متى المسكين") فقلت له: "نعم "فأدخلني وأصر أن يعمل لي شايًا على وأبور الجاز.
وبعد أن شربنا الشاي جلس بجانبي وقال لي: "كيف حالك"؟ فقلت له: أنا كان نفسي أراك، فقال: يا مرحبا" وقلت له: "نفسي يا أبانا تحكى لي عن أيامك والشيوخ الذين استلمت أنت منهم" فقال لي: "يا بنى دير البراموس طول عمره عمران بالشيوخ، فماذا أحكى لك؟ كنا نهتم بالصلاة باستمرار، فنحضر الكنيسة بتخشع وانسحاق. ولما كان أحد الشيوخ يكر المزمور بسرعة كان الشيخ الذي بجانبه يزغده بالعكاز لكي يصلى على مهله وكان الكل يسبحون بهدوء وسكينة ودموعهم لا تكف طول الصلاة وت سبحة نصف الليل".
كما قال لي الأب ميخائيل: "كنا يا ابني نسمع الشيطان وهو يصرخ على سور الدير، لما نضرب جرس نصف الليل ويقول: يا ويلى من الرهبان، حرقوني بصلواتهم".
كما هيأ الله للأب "متى المسكين" مقابلة الأب "عبد المسيح الحبشي" وروى نفسه قائلاً: "مرة كنت ذاهبًا إلى دير البراموس بالليل قاصدًا الأب عبدا لمسيح الحبشي، وكنت أحمل مقطفًا فيه بعض الحاجات. ثم ضللت الطريق، وظللت سائرًا في هذه البرية الشاسعة نحو ست ساعات في ظلام تام، وكنت أصعد على التلال العالمية لكي أرى شيئًا ولكن بلا فائدة.
وأخيرًا سلمت الأمر للرب قائلاً: "يا رب أنت تعلم تعبي وضعفي، فقد تعبت كل هذه الساعات بدون فائدة، فتدخل أنت وأنقذني"، فجأة، بينما كنت أصلى، رأيت نورًا ساطعًا جدًا نزل من السماء فجأة وأضاء دير البراموس كله كأنه في وضع النهار،فحدت اتجاه الدير واضعًا أمامي علامات ثابتة على الطريق حتى وصلت إليه أخيرًا شاكرًا الرب الذي أنقذني وممجدًا اسمه".
بعدها قصدت مغارة القمص عبد المسيح الحبشي، فلما رآني قال لي: "راهب على ديرك" أي اذهب إلى ديرك لأنه كان لا يعرف من اللغة العربية إلا القليل. وأنا كنت مجهدًا من الرحلة فدخلت وحاولت أن أفهمه فلم يستجيب، فدخلت مغارته وأخذت اشرب من زلعة الماء، ولما ملأت الكوز مرة أخرى لأني كنت عطشانًا جدًا، نظر إلى بعدم استحسان وقال راهب مصري كسورة "ومعناها "غير منضبط"، لأنه كان عنيفًا في نسكه، وبعدها تمدت من التعب على فراشة الخاص، فاندهش من جرأتي وظل يتمتم "راهب. راهب؟ ماذا تفعل".؟ وبدأت اتفاهم معه وعرفته أن معي حاجات له في هذا المقطف، وأنني جئت لأمكث معه وأخدمه بعض الوقت، فاستراح واطمأن لي".
ويستكمل أبينا الأب "متى المسكين" قائلاً: "ثم سألني: "ماذا كان عملك قبل الرهبنة؟" فقلت له: "حمار (أي أقود حمارًا)، وأعرف الطرق في الحبال والصحارى، "فهز رأسه وقال لي: "تنفع" وظللت أخدمه، وبعد فترة عرف أنني دكتور فجاءني موبخًا قائلًا: "لماذا كذبت على؟" فقلت له حًقا، أنا حقا كنت حمارًا، وذلك إمعانًا في إلغاء ذاتي. ثم قال لي "اعلم أن يسوع هو طبيبنا وهو دواؤنا وهو شفاؤنا".
على أية حال، استفاد الأب متى المسكين بمقابلات شيوخ الرهبان وتعلم أصول النسك على أصوله لدرجة أن الأب "عبد المسيح الحبشي" ذاته استضافة لحين الانتهاء من حفر مغارته بدير السريان.
http://www.copts-united.com/article.php?A=11136&I=288