د. ماجد عزت اسرائيل
بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل
كان الأب متى المسكين منذ ذلك اليوم بدير السريان وبالتحديد بعد رسامته قسًا في عيد الصليب في 19 مارس 1951م، شعلة نشاط روحي ليلاً نهار؛ ولذلك أسند له رئيس الدير الأنبا "ثيئوفيلس" أخذ اعترافات الرهبان وإرشادهم روحيًا، ولكنه رفض هذه الخدمة، ويرجع ذلك إلى وجود العديد من شيوخ رهبان الدير، فهدد رئيسه بالإضراب عن تناول الطعـام وقـال:" لن أكل شيئًا حتى يقبل أبونا متى أن يأخذ اعترافات الرهبان"، وبسبب إلحاح الرهبان، وتمسك رئيس الدير بذلك الرأي، اضطر أن يوافق على هذه الخدمة.
ولم يكتفِ الأنبا "ثيئوفيلس" بإسناد خدمة الاعترافات إلى الأب "متى المسكين" بل كلفة بالإشراف على اختيار الإخوة طالبي الرهبنة، وترشيح من يصلح منهم لرسامته، مما أثار حفيظة بعض شيوخ الرهبان ضده؛ وعانى كثيرًا من العديد من المضايقات.
ومن الخدمات التي كانت محببة إلى قلبه المهن الوضيعة (الحقيرة) التي لا يريد أحد أن يعملها، وخير مثال على ذلك فقد كانت توجد مجموعة من القلالي (على شكل قبة ) القديمة بالدير، مملوءة بالمخلفات والقاذورات ورائحتها كريهة؛ لا يرثى لها ومتروكة منذ عدة سنوات، فقام بنفسه وشاركه بعض الإخوة طالبي الرهبنة، بتنظيفها ليجعلها لائقة بالقديسين الذين سبق وسكنوها؛ لتكون ذكرة عطرة لنفوسهم.، بالإضافة إلى الحفاظ على نظافة الدير من الأوبئة والأمراض، باعتبارها مؤسسة دينية وروحية ومزارًا أثريًا.
على أية حال، ساهم الأب متى المسكين كراهب في دير السريان، في جميع الأعمال التي تتم خارج القلاية، وربما أعتقد منها العمل بالمطبخ أو المخبز أو القندلفت (إسراج القناديل)، أو القربان أو دق الجرس أو كطبيب لشيوخ أو المرضى أو ري، وزراعة وجني ثمار وخضراوات الحديقة، وهذه الأعمال جميعًا مارسها في محبة وتواضع، لأنها كانت قريبة من قلبه.
وتشير الوثائق التي بين أيدينا إلى أن الأب متى المسكين قد أسند إليه عدة مهام أخرى داخل دير السريان، منها الإشراف على متابعة حاصلات الدير الزراعية، وتسجيل الوردات القادمة(القافلة) من عزبة الدير باتريس(تابعة لمحافظة الجيزة) والتي تعتبر المصدر الرئيسي لتمويل الدير وهي التي تنوعت ما بين القمح والشعير والعدس والتبن والذرة، ودفع أجور العاملين؛ أي كانوا مصاحبين للقوافل أو عاملين بالدير، بالإضافة إلى متابعة حسابات الدير من حيث الإيرادات والنفقات، وكان عليها إعداد موازنة بينهما؛ لتجنب الدير حدوث مجاعات وهجرة رهبانه.
وأيضًا أسند إليه الأنبا "ثيئوفيلس" مهمة مقابلة المسئولين والغرباء والباحثين في الآثار، أو من لديه مشكلة وقصد الدير لحلها، وذلك لتمتعه بين رهبان الدير بحكمة وثقافة فائقة وعلم غزير، وهو ما يجب توافرها في من يقوم بمثل هذه المهام.
فكان الأب متى المسكين شعلة نشاط داخل دير السريان، وهذا ما أهلة للدعوة للخدمة خارج أسواره.
http://www.copts-united.com/article.php?A=11261&I=291