عماد توماس
كتب: عماد توماس- خاص الأقباط متحدون
نظم مركز القاهرة لدراسات لحقوق الإنسان حلقة نقاشية على هامش صالون ابن رشد بعنوان "مراجعة سجل مصر الحقوقي أمام الأمم المتحدة في ضوء جلسة فبراير 2010"
تحدث في الندوة الأستاذ/ أحمد بهاء الدين شعبان القيادي بحـــركـــة "كــفــايــة" ، المستشار/ أشرف البارودي - المستشار بمحكمة استئناف الإسكندرية،
الدكتور/ جهاد عودة- أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية – جامعة حلوان، الدكتور/ محمد نور فرحات- أستاذ القانون بكلية الحقوق – جامعة الزقازيق، واعتذر عن الحضور المستشار/ أكرم شوقي -المستشار بمجلس الدولة (مفوض عن د. مفيد شهاب )، أدار الحلقة النقاشية الأستاذ معتز الفجيري - المدير التنفيذي لمركز القاهرة.
آلية الاستعراض الدولي الشامل
تحدث الفجيرى في البداية قائلا: إن الفترة القادمة ستشكل إقبالاً كبيرًا من الإعلام ومنظمات المجتمع المدني حول آلية الاستعراض الدولي الشامل التي استحدثها مجلس حقوق الإنسان في الاممم المتحدة، والذي تم تأسيسه عام 2006 بعنوان "مجلس حقوق الإنسان" والذي بموجبه يُجري المجلس استعراضًا دوريًا شاملاً - يستند إلى معلومات موضوعية وموثوق بها – لمدى وفاء كل دولة بالتزاماتها وتعهداتها في مجال حقوق الإنسان على نحو يكفل شمولية التطبيق والمساواة في المعاملة بين جميع الدول، وتمر كافة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة على آلية الاستعراض الدولي الشامل كل أربع سنوات.
ومن المقرر أن تعقد جلسة عامة في فبراير القادم في جنيف، وسيتم تقديم أسئلة للحكومة المصرية من جانب الحكومات الأخرى التي تستعرض سجلها فيما بينها. بناءًا على التقرير الذي قدمته الدولة وتقرير المفوض السامي بناءًا على تقارير منظمات المجتمع المدني، وتقارير الخبراء واللجان عن الدولة.
وأوضح الفجيرى، أن بعض الدول تتحاشى وتتجنب توجيه أسئلة تسبب حرجًا لدول حليفة، إما الدول العربية فتعمل على إفراغ هذه الآلية من محتواها عن طريق رفض المشاركة الفعالة لمنظمات المجتمع المدني. أو مدح الدول لبعضها البعض بالحديث عن إنجازات في مجال حقوق الإنسان.
التبرير الاعتذاري
من جانبه، تحدث المستشار/ أشرف البارودي عن العلاقة بين الأمن والإرهاب وحقوق الإنسان، موضحًا أن ديباجة تقرير الحكومة بها نوع من التبرير الاعتذاري، وكأن واحدًا عاملاً عمله-على حد تعبيره- منتقدًا قول التقرير إن "تطوير حقوق الإنسان في مجتمع من المجتمعات عملية مستمرة ومتجددة وتراكمية الأثر" بالإضافة إلى قول التقرير إن "مصر لا تنظر لعملية المراجعة الدورية ككل بوصفها عملية مساءلة ومحاسبة" موضحًا أن هذا النفي من المسائلة يعنى أن مصر في وضع المسائلة.
وقال إن التقرير استند إلى الدستور، موضحًا أن الدستور المصري عقد مجتمعي-علاقة تعاقدية- بين الشعب المحكوم والحكام، تقنن من خلال مبادئ عامة لاحترام الديمقراطية والقيم الدينية والحرية الشخصية...إلخ.
وانتقد المستشار البارودي القول بحرية تكوين الجمعيات على خلفية العقبات التي تواجه إنشاء الجمعيات، كما انتقد قانون الطوارئ الذي وصفة التقرير بأنه حالة استثنائية مؤقتة معربًا أنه يعيش منذ ثلاثين عام في ظل قانون الطوارئ، معربًا عن أسفه لحجم الفجوة بين ما هو مقنن بشكل عام وبين ما هو منفذ حتى في إطار قانوني.
التقرير قال "بعض" وليس "كل" الحق:
علق الدكتور محمد نور فرحات، على تقرير الحكومة بأنه يذكره بتعامل الدول العربية في تمسكها بالنصوص وتجنب قضايا الواقع، ووصف التقرير بأنه قال "بعض" الحق" ولم يقل "كل" الحق وسكت عن "قول" الحق في كثير من الانتهاكات لأوضاع حقوق الإنسان.
واتفق فرحات، مع البارودي في عدم الارتياح لمقدمة التقرير في استخدام ألفاظ مثل " تراكمية" و "خصوصية" و"محاسبة" موضحًا أن تزوير الانتخابات والتعذيب هي انتهاكات فجة لحقوق الإنسان لا نقاش فيها.
وأكد الدكتور فرحات، على أن التمييز في مصر ليس تمييزًا دينيًا فقط، لكنه تمييز في العمل من خلال توريث الوظائف العامة من الآباء للأبناء، مضيفًا أن التقرير لم يقل الحق في قضايا الإعدام عندما قال إن عقوبة الإعدام لا توقع إلا من خلال المحاكم الجنائية، فالمحاكم العسكرية وقعت عقوبة الإعدام. بالإضافة إلى حديث التقرير عن مخالفة المادة 126 و المادة 129 لاتفاقية مناهضة التعذيب.
وأضاف فرحات، أن تدريس دورات حقوق الإنسان لضباط الشرطة لم يسهم في التغيير المنشود بسبب غياب الارادة السياسية لوقف الانتهاكات.
قانون الطوارئ
وتحدث المهندس أحمد شعبان عن البعد الاجتماعي لحقوق الإنسان، موضحًا أن حقوق الإنسان قضية تمس كل فرد وليس النخبة، وأن الحياة في ظل قانون الطوارئ تزرع داخل سيكولوجية الإنسان المصري رعبًا وخوفًا من الاحتكاك بالنظام، وأن كثيرًا من الشباب الناشيء ولدوا وعاشوا في ظل قانون الطوارئ. منتقدًا مقولة الرئيس السادات الراحل "الديمقراطية لها أنياب"
وأشار شعبان، إلى إشكالية اللغة في التقرير الحكومي المقدم، مشيرًا إلى أن اللغة يجب أن تعبر عن الفكرة مثل كيف يمكن أن نقول إننا نعيش في " أزهى حقوق الديمقراطية والتنمية والتقدم" وهناك قانون طوارئ نعيش فيه وانتهاكات نتعرض لها وفقر وعدم تنمية.
وانتقد شعبان، اتهام البعض لبعضهم بالاستقواء بالخارج، مشيرا إلى أن النظام يعيش ليل نهار في التعامل مع الخارج ، وأن من ضمن الحقوق المشروعة طلب دعم منظمات المجتمع المدني الخارجية لوقف الانتهاكات، وتوقع شعبان، حدوث عمليات تزوير واسعة في الانتخابات القادمة لتزوير إرادة الناخبين، مالم يتم رقابة دولية على الانتخابات.
الدولة أم المجتمع؟
اختتم كلمات المتحدثين الدكتور/ جهاد عودة الذي أرجع تراجع حقوق الإنسان في مصر إلى المجتمع وليس الدولة، موضحًا أن المنظور يركز على الدولة وليس المجتمع، معتبرًا أن قضية حقوق الإنسان في مصر تتعدى فكرة الحكومة والسياسيات، فمشكلة حقوق الإنسان في مصر –كما يرى عودة- في طبيعة المجتمع المصري الحالي وطريقة تكوينه، فمظهر من مظاهر أزمة المجتمع هو الدولة. فالمجتمع متضارب وفي صراع، ولابد من التفاهم معه.
وأرجع عودة، جذور أزمة حقوق الإنسان إلى فترة الثلاثينات، مؤكدًا أن المجتمع المصري في مأزق بسبب أن السياسات متغيرة كل فترة زمنية، وتأرجح المجتمع وعدم وضوح توجهه هل هو سلفي أم عَلماني، وهذا التأرجح المحلي يؤدي إلى تأرجح دولي، فالدولة جزء من المجتمع المختل عبر زمن طويل. موضحًا أن مشكلة التقرير أنه يعتبر أن الدولة هي التي تقود المجتمع.
وأضاف عودة، أنه كلما أوقفت الحكومة قانون الطوارئ تحدث مشكلة بسبب وجود مشكلة جذرية في المجتمع الشعبوي.
ملاحظات
•لاقت كلمة الدكتور عودة جدلاً شديدًا في تعليقات السادة الحضور، والمتحدثين، على خلفية إرجاعه لأزمة حقوق الإنسان لطبيعة المجتمع، واختلف معه الدكتور نور فرحات لكنه فضل الاحتفاظ برأيه وعدم إعلانه في الندوة.
•حضر اللقاء عدد كبير من شباب الأحزاب المصرية ومنظمات المجتمع المدني.
http://www.copts-united.com/article.php?A=11471&I=295