فيولا فهمي
بقلم / فيولا فهمي
مَن يتأمل واقع منظمات المجتمع المدني في مصر وخاصة الجمعيات العاملة في المجال الحقوقي والدفاعي لا يندهش كثيراً من نتيجة الدراسة البحثية التي أعدها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء والتي انتهت إلى أن "نصف الجمعيات الأهلية لا تضم مجالس إداراتها سيدات"!!
بقدر الصدمة التي خلفتها نتيجة الدراسة إلا أنها عكست حجم الازدواجية التي تتعامل بها الجمعيات الأهلية مع قضية تمكين المرأة و زيادة تمثيلها في مواقع اتخاذ القرار، فلقد ظهرت دائماً الجمعيات الأهلية -الجناح الأكثر فاعلية في منظومة المجتمع المدن- في ثوب المدافع الأول عن حقوق المرأة أما مخرجات الثقافة الذكورية العقيمة التي سعت منذ أن هبت علينا من صحراء الخليج إلى استئصال المرأة من العمل العام وانحصار دورها داخل إطار النشاط الأسري والتربوي للأبناء، ولكن نتيجة الدراسة أكدت أن معظم الجمعيات الأهلية تنتهج سياسة "سير الأقوال في اتجاه وسير الأفعال في الاتجاه معاكس".
والغريب أن هذا العيب المتوغل في أعماق المجتمع المدني ليس قاصراً على ظاهرة ضعف تمثيل المرأة في مواقع اتخاذ القرار داخل الجمعيات الأهلية فحسب وإنما ينطبق بالمثل على انعدام تداول السُلطة في هذه الكيانات المدنية والتي غالباً لا يختلف تشكيل مجلس إداراتها طوال مدة عملها في المجتمع إلى جانب تحقيق مظاهر الشخصنة حيث ترتبط المنظمة باسم مؤسسها حتى وفاته نظراً لانعدام تداول السلطة بها وظهور مؤسسها في قالب الرجل الأوحد.
بالإضافة إلى انعدام وجود المعايير الموضوعية في اختيار الموظفين وغلبة المعايير الشخصية ولذلك ليس غريباً أن يظهر في المستقبل مصطلح "المنظمات الأسرية" التي يتولى أمرها من منصب المدير وحتى الغفير أعضاء ينتموا إلى أسرة واحدة.
تلك الأزمات التي تقف حائلاً أمام تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في مصر لن تنته بإقرار تشريع يضمن تمثيل مناسب للمرأة والشباب وينظم نشاط الجمعيات الأهلية فحسب بل يحتاج أكثر إلى تغيير في البيئة الثقافية والفكرية يضمن احترام القيم الليبرالية والديمقراطية وعدم ترديدها عبثاً.
http://www.copts-united.com/article.php?A=1158&I=32